على الرغم من اختلاف ألأهداف، قد تتقاطع مصالح الارهابيين مع أجندات ومصالح الامبرياليين ،بحيث يستغل الفريق الثاني حمق وجهل الطرف الاول وذلك بالتغاضي أحيانا وبتسهيل وقوع الجرائم أحيانا أخرى ، حتى يسهل تنفيذ المخططات ومن أجل تحقيق المصالح الكبرى ، يمكن للدول البراجماتية أن تضحي ببعض مواطنيها ، وهذا بالضبط ما حدث في كثير من الأحداث عبر التاريخ ، مثل حرب خليج الخنازير بكوبا ، حيث تمت التضحية بفرقة كاملة من جنود المارينز ، وكذلك ما حدث في أحداث 11 شتنبر الإرهابية بأمريكا ،حيث كانت ال س آي إي على علم بكل كبيرة وصغيرة وعلى اطلاع بكل المخططات الإرهابية التي كانت تعد من طرف عملاء القاعدة في أفغانستان ، والتنسيق السري ، بحيث كان المتطرفون الحالمون بحوريات الجنان يقومون بالتداريب القاسية من أجل تنفيذ الغزوة ، تم استدراجهم ،وتسهيل مهمتهم و دخولهم التراب الامريكي ،وأعين المخابرات لم تكن نائمة بل إنه تم تنفيذ مخططاتهم الإجرامية والمنفذون لم يكونوا غير شبان سعوديون مخدرون مسلوبي الإرادة منومون تنويما مغناطيسيا ، والدليل على صدقية هذا الرأي هو أن القاعدة نفسها من صنع المخابرات الباكستانية والامريكية ببيشاور على عهد ضياء الحق ، وكانت أمريكا والسعودية هي من تقوم بتجييش المقاتلين وجلبهم من كافة الاقطار العربية من أجل محاربة الاتحاد السوفياتي ببروغاندا محاربة الالحاد الشيوعي والجهاد الافغاني ولذلك كانت أمريكا تسلح المجاهدين آنذاك والارهاب بين فيما بعد ، بصواريخ ستينغر ،ولذلك كانت القاعدة صنيعتهم وكل الجماعات المسلحة، وقد استغلتهم فيما بعد لتحقيق اهدافها الكبرى والتي ظهرت جلية بعد ألاحداث الإرهابية التي خلقت الفرصة للحرب على أفغانستان والعراق وتدمير الشرق الاوسط وخلق داعش لتحطيم ما تبقى من سوريا وليبيا.
وهاهي فرنسا تحاول على خطى أمريكا اتباع نفس السيناريو مع بعض التعديل المكشوف , فماكرون خاض حربا دعائية اتهم فيها دين الاسلام بالانعزالية والضعف والفشل ،وبعدها بأيام قليلة تقع الجريمة النكراء البشعة والتي قام فيها شاب شيشاني متطرف مخدر بأوهام الدفاع عن الرسول والاسلام ، بقتل وقطع رأس الأستاذ الفرنسي ، والذي قامت الشرطة بقتله ، وكان بالإمكان إلقاء القبض عليه والبحث معه حول حقيقة ارتكابه تلك الجريمة والدوافع التي تقف وراءها ، والمخطط لها ، ولاتضحت كثير من الخيوط والتفاصيل ، ولكنهم ولاسباب خفية غير معلومة تخلصوا منه بقتله ، وعلى إثر ذلك مباشرة تنطلق أكبر حملة رسمية بمباركة وتأييد الحكومة الفرنسية تشويها وسخرية من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والإسلام في محاولة على ما يبدو من الحكومة الفرنسية على إعادة صياغة الاسلام على قيم الجمهورية الفرنسية التي لا تعترف بالدين والمقدس والرموز الدينية ، ومنها إلغاء كل مظاهر التدين من حجاب وصلاة وغير ذلك ،حتى لا يبقى هناك أي تميز لأي طائفة دينية ، وإلغاء أي مظهر من مظاهر التدين بالفضاء العمومي والقضاء على المناعة النفسية لدى المسلمين بالحط من رموزهم وإهانة مقدساتهم حتى يرسخوا بالقوة القيم العلمانية في سلوكاتهم اليومية ، انتصار ا منهم لما يعتبرونه حرية رأي وتعبير ، والحقيقة خلاف ذلك تتعلق بحرب قيمية هي بمثابة كسر العظام ، إنها محاولة قديمة جديدة من أجل خلق إسلام فرنسي يقبل شيوخه وأطفاله إمكانية إهانة نبييهم ولما لا السخرية من إلاههم ، ويبدو أن المستهدف هو الدين الاسلامي دون غيره من الأديان الأخرى ، طبعا بعض المسلمين بجهلهم وبرعونتهم قد يسببون في الكوارث ويخلقون الذرائع ، ويسهلوا عمل المغرضين الكارهين للدين الاسلامي، بالأفعال الإرهابية الإجرامية والسياسات الخرقاء، التي تزيد الطين وتسبب في سوء الفهم الكبير بين الحضارتين الغربية اللادينية والحضارة الإسلامية ، وهنا يكمن العمل الصعب الذي يقع على كاهل وعاتق العقلاء الفضلاء من الامتين ، بتحكيم العقل بالدعوة الى قيم الرحمة والتسامح والتعايش ، يبدو الامر صعبا ومستحيلا لأن هناك فرنسا تحركها أهواء الايديولوجيا ومصالح الحزب الحاكم وضغط الانتخابات واستقطاب أصوات اليمين المتطرف في الانتخابات المقبلة ، وتتنازعه كذلك أهواء الجماعات المتطرفة المتشددة التي تدفع إلى الصدام ، مع اختلال الموازين.
وكخلاصة لما سبق بيانه أدين بشدة قيام الحكومة الفرنسية بنشر الرسوم الساخرة من شخص الرسول الكريم إمعانا في إذلال وإهانة الاسلام والمسلمين والمساهمة في إذكاء نار الحقد ونشر الكراهية ومهاجمة الاسلام وإعطاء الذرائع للارهابيين لارتكاب الجرائم باسم الاسلام واستغلال سذاجتهم وحهلهم ،لتنفيذ سياسات فرنسا الاستعمارية الامبريالية الحامة بإستعادة الأمجاد التاريخية،
كما أدين وبنفس الشدة قتل الأستاذ الفرنسي مهما كانت الاسباب والخلفيات ، فليس هناك أي مبررات عقلانية أو أخلاقية أو دينية تبيح قتل أيا كان بسبب فكره أو رأيه أو معتقده ، مؤمنا كان أو ملحدا أو مسلما أو يهوديا أو مسيحيا أو يوميا أو هندوسيا أو لا دينيا أو لا أدريا ، مهما كان مختلفا عنا أو خصما معاديا لنا ، وهذا أمر معلوم لأنه لا يمكن أن نتوقع ممن لا يؤمن بديننا ،أن يحترم مقدساتنا ، ويكون الأولى مقارعة حجة الفكر والرأي بالحجة والبرهان ، والانتصار للرسول الأكرم والاسلام بنشر سماحته ورحمته وخلقه العظيم وسيرته العطرة ، ونشر قيم الاسلام في الوفاء بالعهوظ والمعاملة الحسنة ، والعدل ، والصدق ،وعدم الارتشاء ، ونظافة القلب والمدن والأحياء ، من القذارة والأوساخ ويقدر ما نهتم بالعبادات والطقوس نهتم بالقيم والأخلاق ، وبذلك نكون قد نصرنا محمدنا صلى الله عليه وسلم ، فهم كأهل قريش إنما يسبون مذمما وليس محمدا ،الذي قال في حقه الله سبحانه وتعالى :(وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) صدق الله العظيم.
تعليقات الزوار ( 0 )