Share
  • Link copied

تفكيك خلية واد النعام: استمرار الخطر الداعشي بالمغرب

قد يطرح تفكيك خلية واد النعام الأخيرة أكثر من سؤال حول استمرار مسلسل تفكيك الخلايا الداعشية بالمغرب لأزيد من عقد من الزمن منذ تأسيس المسمى بتنظيم داعش و عن القدرة اللامتناهية للأجهزة الأمنية المغربية من امتصاص قوة التهديدات الأمنية التي تثيرها التنظيمات الإرهابية لاسيما تنظيم داعش.

تمكنت السلطات المغربية يوم الأربعاء المنصرم من تفكيك خلية موالية لتنظيم داعش تنشط في عدد من المدن المغربية منها العيون، الدار البيضاء، فاس، تاونات، طنجة أزمور جرسيف أولاد تايمة وتامسنا. أسفرت عن توقيف 12 متطرفا تتراوح أعمارهم بين 18 و40 سنة، قاموا بمبايعة تنظيم “داعش” كما انخرطوا في الاعداد والتنسيق لتنفيذ مشاريع إرهابية بالغة الخطورة بالمغرب، قد يتبادر في ذهن المتتبع للشأن الأمني بالمغرب لاسيما بعد تفكيك هذه الخلية الخطيرة بالمغرب مجموعة من التساؤلات منها الآتي:

 ماهو سبب استمرار الكابوس الداعشي بالمغرب؟ هل من دلالات لتفكيك خلية واد النعام؟ هل تساهم المعلومة الاستخباراتية الآنية في تحييد الخطر الداعشي؟ هل من أيادي جزائرية خفية لزعزعة الاستقرار الأمني للمغرب؟ وماهو مآل تفكيك الخلايا الداعشية بالمغرب؟

استمرار تفكيك الخلايا الداعشية بالمغرب

تمكن المغرب منذ سنة 2017 من تفكيك ما يناهز عن 86 خلية داعشية بالمغرب، لترفع خلية واد النعام حدة  الخطر الداعشي لدرجات غير مسبوقة لم يعرفها المغرب منذ سنوات 2014 و 2015 ، حيث شهدت هذه السنوات تفكيك خلايا داعشية بحوزتها أسلحة ومواد كميائية يتم من خلالها تصنيع المتفجرات بشكل كبير، ليغيب نوعا ما، طيلة هذه السنوات سيناريو الخلايا الخطيرة والمجهزة، إلى ان طرح ولأول مرة سيناريو تفكيك خلية بمحجوزات بالغة الخطورة من أجل صناعة المتفجرات بل ليس هذا أو ذاك بل العثور على قاعدة خلفية للدعم اللوجيستكي مدججة بالأسلحة والذخيرة مدفونة في مكان منعزل أسفل  مرتفع صخري، حيث كشفت السلطات على أن هذه الأسلحة ومنها سلاح الكلاشنيكوف كانت ملفوفة في أكياس بلاستيكية وجرائد ورقية منشورة بدولة مالي

دلالات تفكيك خلية واد النعام

يثير تفكيك خلية واد النعام مجموعة من الدلالات منها تلك المتعلقة بمتانة الصرح الأمني المغربي الذي لم يقدر ولحدود الساعة- باستتناء عملية ذبح السائحتين السوديتين سنة 2018- من أن تنسفه التنظيمات الإرهابية لاسيما تنظيم داعش هذا الأخير الذي لم يتردد في أي لحظة من إظهار مطامعه لزعزعة الاستقرار الأمني والروحي بالمغرب فضلا عن تطور عملية الكشف عن القاعدة عبر الأقمار الاصطناعية وما له من دلالة على تطور العمل الأمني والاستخباراتي المغربي  وتفكيك الخلية عبر بروتوكول أمني متطور

كما يثير تفكيك هذه الخلية في المغرب طرح فرضية تحول موازين قوى التنظيم “داعش” من سوريا والعراق إلى الساحل والصحراء ، هذه الأخيرة التي تعرف نشاطا مضطردا للتنظيمات الإرهابية، خاصة في ظل تراجع نفوذ التنظيم في سوريا والعراق وفقدانه للعديد من المناطق التي كان يسيطر عليها

حضور المعلومة الاستخباراتية في الوقت الملائم

أظهرت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بالمغرب عن علو كعبها في تمكنها من توفير المعلومة الاستخباراتية في الوقت الملائم أي خلال مرحلة تخطيط هذه الخلايا وقبل شروعها في التنفيذ

إذ يمكن القول الأجهزة الاستخباراتية المغربية أنها وصلت إلى نوع من النضج الاستخباراتي يمكن اعتبارها مدرسة للاحتذاء بها من طرف العديد من الدول الغربية.

قد يتساءل سائل حول السبب الرئيس وراء نجاح المنظومة الاستخباراتية المغربية، يمكن القول، أن المواطن الغيور على بلاده، هو أقوى حلقة في المنظومة الاستخباراتية ككل، إذ من خلاله يتم توفير المعلومة الإستخبراتية في الوقت الملائم .

احتمالية تورط الاستخبارات الجزائرية

إن القول بتورط الاستخبارات الجزائرية في محاولة زعزعة الاستقرار الأمني للمغرب ليس بالمستجد إذ يمكن الرجوع إلى التباشير الأولى لضلوع هذه الأجهزة في نسف الصرح الأمني للمغرب منذ عملية تفجير فندق أطلس اسني في تسعينيات القرن الماضي، ليعود سيناريو تورط الجزائر في دعم هذه الخلية من خلال نوعية الأسلحة التي تمت مصادرتها خاصة سلاح الكلاشنيكوف الذي من المحتمل أن يكون من أصول جزائرية ، فضلا عن محاولة التمويه عبر الجرائد  المالية التي لففت بها الأسلحة من أجل القول بأن الأسلحة أصلها من  منطقة الساحل والصحراء، تظل دولة الجزائر من الدول التي بنت عقيدتها على تحطيم الجار ونسف استقراره الأمني والروحي بأي طريقة كانت لو حتى عن طريق دعم التنظيمات الإرهابية خاصة بمنطقة الساحل والصحراء ودعم قادة هذه التنظيمات علما أن هذه الخلية كانت على علاقة مع قائد إرهابي من منطقة الساحل والصحراء.

يظل مسلسل تفكيك الخلايا الداعشية مستمرا ومن المحتمل أن ترتفع وثيرة تفكيك الخلايا الداعشية بالمغرب خاصة في ظل فقدان التنظيم لمجموعة من الأراضي في كل من سوريا والعراق واعتماده بالأساس على الدعاية السيبيريانية من أجل الرفع من عدد المتعاطفين والمجندين والمجندين المحتملين،لذلك فمن الأجدر أن ترفع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المغربية من حدة يقظتها من أجل تحييد الخطر الإرهابي الذي يتربص بالصرح الأمني المغربي.

*دكتورة في القانون العام والعلوم السياسية- جامعة محمد الخامس- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال- الرباط

Share
  • Link copied
المقال التالي