فجأة ظهر فيروس كورونا المستجد، فكان سببا لمرض قاتل ، لا يهمنا مصدر هذا المتعضي المجهري، فقد اجناح جميع الحدود، واستنفرت الدول كل قواها من أجل التخلص منه أو توقيف انتشاره أو الوقوف ضد دخوله إلى البلد .فتعلم العاقل من هذا الوباء وتذكر الساهي وأيقن الشاك من أمور نذكر بعضها لكيلا نٌلدغ في الجٌحر مرتين إن تجاوزنا هذه العقبة.
تعلمت أن الإنسان رغم كبرياءه من أضعف المخلوقات . ففي زمن الذرة وزمن التكنولوجيا المتطورة و البيولوجيا الخلوية و الميكروبيوكمياء والمركبات الفضائية والصواريخ العابرة للقارات والقنابل النووية والهيدروجينية ..، عجز هذا الإنسان أمام فيروس حتى حين، فأدخل الهلع في العالم قاطبة.
تذكرت أنه لا يصح إلا الصحيح ، وأن التفاهة ستختفي في زمن الشدة ففي إعلامنا الموقر لم يجد العلماء والخبراء موطن قدم لهم فيها سابقا ، فالبرامج التافهة والمسلسلات العقيمة سيطرت على جل الأوقات ، وعند ظهور هذه الجائحة بدأنا نلاحظ وبخجل أولئك (فقهاء ، أطباء ، أساتذة ..) لشرح وتنوير عموم الناس بالخطر الذي يتهددنا جميعا. و لوسائل التواصل الاجتماعي لها دور فعال في هذه التعبئة فلنجتهد جميعا.
تيقنت من معاني “حديث السفينة” الذي درسناه في جالس العلم والإيمان ، أننا جميعا معنيون ، فإن أخذنا بأيدي من يعمل على إحداث ثقب في السفينة لجلب الماء ، سننجو جميعا ، وإن غفلنا أو تركناهم ،سنهلك جميعا . فكلنا ملزمون بتعليمات الدولة من التزام البيوت و تجنب المخالطة و اتباع نصائح المختصين وبل وملزمون في المساهمة في التعبئة الشاملة من أجل ذلك.
تعلمت أن اكتساب مهارات جديدة أمر مطلوب مرغوب ، فسيأت يوم تكون تلك المهارات الفرق الذي يصنع الفارق . ففي بداية العقد الثاني لهذا القرن ، ظهرت جمعيات تهتم بالتعليم عن بعد مع تعلم برانم مساعدة في إنتاج مواد رقمية ميسرة لعملية التدريس ، فسخر بعض الإداريين وبعض المفتشين وحتى بعض المدرسين ،من هذا الفعل بذريعة تتبع التعليمات والمذكرات وربما لكرههم لكل ماهو جديد . فجاءت كورونا فتوقف التعليم الحضوري ليحل محله التعليم عن بعد وتبوأ أولئك الذي اكتسبوا هذه المهارة فهم فرسان الميدان اليوم.
تذكرت أن الموت حق ، وأنه إن لم تمت بالفيروس مت بغيره ، ومعظم الناس على المعمور نسيت الموت فتذكرته ، فكل هذه الإجراءات المتخذة والتي ستتخذ على الصعيد العالمي ، والتسابق من أجل اكتشاف مصل أو لقاء أو دواء ضد هذا الفيروس إلا خشية من الإصابة ثم الموت. فماذا بعد الموت ؟
تيقنت من دور المربين في وقت الشدائد, ودورهم في قيادة الأمة نحو النجاة . فجأة توقفت المدارس والجامعات والمعاهد ، واجتمعت العائلات ، كل في منزله لا يبرحه أحد إلا لضرورة ، فاكتشفت الأم خاصة والأب دور المعلم في المدرسة وسعة صدره نحو الأطفال واكتشف المدرسون أهمية استمرارية التعلم مدى الحياة ، واكتشف رواد المسجد أهميته وضرورة الانجماع على الله فاستوحش بعضهم بعضا. تيقنت أن للمسجد دور مهم في المجتمع لما يقوم به ، فتوقيف الصلاة في المساجد لا ينبغي توقيف بث المواعظ والخطب فيها ومساهمتها الأساسية في التعبئة الشاملة والتوعية الرصينة والتوجيه السليم بالتنذير والتبشير. فكل مرب له مكانته تعطيلها سيؤدي حتما إلى خلل قد نكتوي جميعا بناره . ومثل على ذلك خروج أحياء من مدن للتظاهر ليلا جهلا أو تنطعا ، فالمقاربة التربوية أبلغ وأبقى من المقاربة الأمنية.
علمتني وذكرتني كورونا في ظل الحجر المنزلي ، أن بناء الأسرة أساسها الرحمة والشفقة والحوار ، وتجاوز عثرات البعض ، والحب والوقار للصغار والكبار، مع التعلم الدائم في أساسيات الحياة ، الأسرة هي منارة العلم والملاذ الآمن، هي الأمن والأمان ،هي منشأ القيم وحسن التربية على الدوام .
تيقنت في ظل هذه الجائحة أن التخطيط للمستقبل يهيأ الإنسان ومعه المجتمع لتجاوز كل كارثة بسهولة دون هلع ، فهل نستفيد أم ننسى بعد تجاوز هذا الوباء ، فكوارث أخرى قادمة لا محالة فهل هيأنا ما يكفي من مسعفين ، أم دربنا مختلف القوات على كيفية التدخل أم وضعننا خططا لبناء المستشفيات تجهيزها بشريا وعتاديا ..
علمتني هذه الجائحة أن المغرب بلد واحد، ويسع لجميع مواطنيه ، ولا مفر لأحد منه إلا إليه (من حيث السكن) فالاستثمار ينبغي أن يكون في المغرب وأن الأموال المهربة لا تفيد صاحبها وقت الشدائد، وتنمية المغرب بتنمية جميع جهاته.
تعلمت أن عددا من معارفنا لم ترق إلى ممارسات فعلية ، فوسائل الوقاية وطرقها درسناها في مختلف المواد الدراسية (…) كالنظافة الدائمة والمتجددة وكيفية العطس .. فتطبيقنا لما تعلمناه مساعد كبير اتجنب الكرونا والأمراض المعدية عموما.
سلمت يداك فعلا كتبت فأفدت
وتذكرت كم هو عظيم شكر أحبة في الله مثلك وقد أكدت من ناحيتين/: العلمية والدعوية