شارك المقال
  • تم النسخ

تعديل حكومي أم عقاب سياسي؟

يبدو أن التعديل الحكومي صدم الكثير من الفاعلين في المغرب ممن كانوا يعتقدون أن نهاية حكومة أخنوش وشيكة أو أن هناك تعديلا حكوميا قادما سيحدث زلزالا سياسيا في المشهد السياسي الوطني وسيعيد الأمل الى جزء كبير من المغاربة الذين سئموا من غلاء المعيشة وارتفاع الاسعار مند تعيين حكومة رجل الأعمال والملياردير عزيز أخنوش!

أول الغاضبين من هذا التعديل الحكومي الجزئي كان هو حزب العدالة والتنمية الذي عبر عن امتعاضه السياسي الشديد مما حدث من خلال بلاغ أمانته العامة الذي كان حاذا في نقده رغم أنه يعلم مسبقا بأن التعيين وفق مقتضيات الفصل 57 من دستور فاتح يوليوز 2011 هو من اختصاص ملك البلاد الذي تبقى له الكلمة الأخيرة في قبول المقترحات المقدمة إليه أو رفضها!

نحن الآن أمام تعديل حكومي جزئي فيه أكثر من طرف ( سلطة الاقتراح وسلطة التعيين) وإذا كان رئيس الحكومة قد مارس سلطة الاقتراح فهناك ديوان ملكي يتوصل بالإقتراحات ويرفعها الى ملك البلاد مشفوعة في الغالب بتقارير مفصلة حول الأشخاص الذين تم اقتراحهم للاستوزار من طرف رئيس الحكومة!

الى جانب العدالة والتنمية عبرت قوى سياسية وحزبية ومدنية واعلامية عن امتعاضها الشديد من التعديل الحكومي، الذي افرز تركيبة حكومية جديدة ضمت في صفوفها شخصيات حزبية متابعة قضائيا في ملفات ثقيلة لها علاقة بتبذيد المال العام، مثل عمر حجيرة، الذي أدانته محكمة الاستئناف بسنتين سجنا نافذة، قبل أن يتم نقض الحكم وإعادة الملف لمحكمة الاستئناف قصد البث فيه من جديد، الى جانب شخصيات لها علاقة بمجال المال والأعمال وترتبط بمشاريع رئيس الحكومة وزوجته، علاوة على تعيينات أخرى، كان محددها الرئيسي هو القرب الشخصي من المسؤولين في أحزاب الاصالة والمعاصرة والاستقلال والأحرار، فيما يشبه علاقة الشيخ بالمريد، التي تتأسس على الطاعة والولاء للزعيم السياسي من أجل الاستفادة من النعم!

المفاجأة الكبرى لدى بعض الفاعلين في مجال حقوق الإنسان وحماية المال العام تمتلت في تجديد الثقة في عدد من الوزراء الذين تعرضوا لانتقادات شديدة وأثارت قراراتهم وتصريحاتهم الكثير من الجدل في المغرب وعلى رأسهم وزير العدل عبد اللطيف وهبي الذي تعتبره بعض الجمعيات الحقوقية مجرد أداة يستعملها رئيس الحكومة عزيز أخنوش لتمرير أكبر قدر ممكن من القرارات والمشاريع التي تضيق من هامش الحقوق والحريات وتعمل في المقابل على تحصين الفساد، وحماية المفسدين وتمنيعهم من المساءلة والمحاسبة للافلات من العقاب!

شخصيا لم اتفاجأ من التعديل الحكومي ولم استغرب من التعيينات التي تمت ولم يكن سقف انتظاري عاليا وقد سبق لي في مقال سابق أن كتبت ” واهم من يراهن على إعفاء الملك لأخنوش” وقد شرحت أسباب ذلك وخلصت الى أن عزيز اخنوش سيكمل ولايته الحكومية مثله مثل رؤساء الحكومات المتعاقبة لأن الملك محمد السادس له أسلوبه الخاص في تدبير شؤون الدولة ولم يسبق له أن قام باعفاء أي رئيس حكومة مند توليه الحكم في سنة 1999!

إذن لا داعي للاستغراب من توقيت التعديل الحكومي ولا من طبيعة البروفايلات التي رحلت والأخرى التي قامت مقامها أو شغلت مناصب جديدة مادام أن الغاية من التعديل ليس هي الإصلاح بقدر ماهي الترضية السياسية (للنخب) المرتبطة بأحزاب الاغلبية الحكومية خصوصا وأن الزمن الحكومي لم يتبقى منه اكثر من سنتين والجميع يعرف بأن هذه المدة غير كافية لضبط هيلكة الوزارات وفق تصور الوزراء وكتاب الدولة الجدد فبالاحرى انجاز الإصلاحات المطلوبة والتغيير المنشود!

التعديل الحكومي يخدم مصلحة وزراء ذهبوا الى التقاعد الحكومي وفي جيبهم معاش مريح ووزراء آخرين سيشتغلون لمدة سنتين ويضمنون بدورهم معاشا مريحا من أموال دافعي الضرائب مثلهم في ذلك مثل غيرهم من الوزراء الذين استفادوا من كعكة الاستوزار في كل الاحزاب التي دبرت الشأن العام مند الاستقلال الى اليون ومن ضمنهم وزراء العدالة والتنمية الذين دخلوا الحكومة فقراء وخرجوا منها أثرياء!

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي