على الرغم من المجهودات المبذولة من طرف الوزارات الوصية، من أجل الحفاظ على الموارد المائية في المغرب، إلا أن التطور الكبير والقفزة النوعية التي شهدها القطاع الفلاحي في البلاد خلال السنوات الماضية، وتقنيات السقي الحديثة، بات يزيد من مخاطر التهديد التي تحيط بالفرشة المائية، على رأسها الاستنزاف والتلوث.
وتصل كمية الموارد المائية المستغلة في المغرب إلى حوالي 21 مليار متر مكعب، منها حوالي 5 مليارات عبارة عن مياه جوفية، غير أن الإشكالات الناجمة عن تطور القطاع الفلاحي وتقنيات السقي من جهة، ومن جهة ثانية توالي سنوات الجفاف خلال العقد الأخير، دفع عدداً من الفعاليات، والمهتمين بالفرشة المائية، إلى التنبيه إلى الوضع الحالي.
وفي هذا السياق، قال حمزة أبراهمي الباحث في البيئة والتنمية المستدامة، إن “المغرب شهد خلال السنوات الأخيرة تطورا هاما في المجال الفلاحي، الأمر الذي نتج عنه تحسن مهم في جودة وكمية المنتوجات الزراعية، مما ساهم في الرفع من وتيرة الصادرات الفلاحية نحو مجموعة من الدول، خصوصاً في أروبا وإفريقيا”.
وأضاف أبراهمي في تصريح لجريدة “بناصا”، بأن هذه النقلة النوعية في القطاع الزراعي، كان لها انعكاسات سلبية على البيئة العامة، وبالأخص المياه الجوفية كيف ذلك؟”، متابعاً المتحدث مجيباً: “في السنوات الأخيرة شهدت الفلاحة تطورا ملحوظا، بسبب إطلاق عدة مخططات رامية إلى تحسين القطاع، كان من بينها مخطط المغرب الأخصر، الحزام الأخضر… الخ”.
وأردف أبراهمي: “كل هذا الدعم ساهم في زيادة الأراضي الفلاحية، وحفر آبار جديدة، أو بناء سدود من أجل الري، لا سواء الري التقليدي أو الحديث، كاعتماد تقنية التنقيط”، مسترسلاً: “إذن ظهور مساحات زراعية جديدة وبالخصوص الحديثة، كتقنيات البيوت البلاستيكية، وتقنيات التنقيط، شكّل قوة ضاغطة جديدة على المياه الجوفية”.
وواصل الباحث نفسه، بأن التقنيات الحديثة في المجال السقوي، “شكلت قوة ضغط واستنزاف على الموارد المائية وخاصة المياه الجوفية، حيث عرفت الأخيرة استهلاكا مفرطاً جعلت خبراء البيئة يدقون ناقوس الخطر مؤخراً، وظهرت مناطق تعاني من جفاف مياه الباطن كزاكورة على سبيل المثال”، وفق قوله.
وأوضح المتحدث أن ما زاد من مفاقمة الوضع، هو “تراجع نسب التساقطات المطرية والثلجية السنوية بعدة مناطق، والتي كانت تعتبر المغذّي الوحيد للمياه الجوفية، ما نتج عنه تراجع في خزان المياه الجوفية”، متابعاً بأن هناك العديد من الإشكاليات الأخرى التي قد تتسبب في مزيد من التهديد للمياه الجوفية في البلاد.
وتابع أبراهمي أنه من بين هذه الإشكالات التي تلوث المياه الجوفية، بالمبيدات الفلاحية، التي “تتسرب للأعماق أثناء رشها على المزروعات”، مردفاً: “هذه المياه الملوثة تشكل تهديدا أيضا على صحة البيئة أولا، ثم صحة الإنسان المستهلك لها ثانيا”، مشدداً في السياق ذاته على أن “تدهور المياه الجوفية استهلاكا أو تلويثا من طرف الإنسان، يستوجب إعادة النظر في مجموعة من القوانين المؤطرة لاستعمال المياه الجوفية وتقويتها، من الأجيال المستقبلية”.
يشار إلى أن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أكدت مراراً على أنها تضع ترشيد وتثمين مياه السقي في صلب استراتيجيات التنمية الفلاحية، بغيةَ مواجهة شح الموارد المائية دون الإخلال بهدف تحسين المنتوجات الفلاحية، وضمان نجاعة الموارد المائية لتأمين استعمال مستدام لهذه الموارد وتعزيز الأمن الغذائي للبلاد، في الوقت الذي تشدد فيه وزارة النقل واللوجستيك والماء بدورها، على أنها تسعى لتحصين الموارد المائية.
تعليقات الزوار ( 0 )