في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطن المغربي وارتفاع أسعار المواد الأساسية، تتجدد التساؤلات حول غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق وسبل الحد من الممارسات الاحتكارية التي تضر بجيوب المستهلكين.
وقد فجرت قضية “سماك مراكش” جدلًا واسعًا، بعدما كُشف عن وجود شبكات احتكار تتحكم في سوق السمك، مما تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر، في حين يتعرض المواطن البسيط الذي يطالب بالعدالة الاجتماعية للمساءلة بدل إنصافه.
وأثار فيديو متداول لأحد الشباب يوضح من خلاله الفارق الكبير بين الأسعار التي يبيع بها الصيادون الأسماك وبين الأسعار التي تصل بها إلى المستهلك، استياءً واسعًا في صفوف المواطنين.
فكيلو السردين الذي يُباع للصيادين بأربعة دراهم فقط، وصل ثمنه في بعض الأسواق إلى أكثر من 25 درهمًا، ما يعكس استغلالًا فاضحًا من طرف الوسطاء الذين يجنون أرباحًا خيالية على حساب القدرة الشرائية للمواطنين.
غير أن المفاجئ في الأمر لم يكن فتح تحقيق حول ممارسات الاحتكار أو مساءلة الجهات المسؤولة عن تنظيم الأسواق، بل كان استهداف هذا الشاب نفسه، وهو ما أثار استنكارًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والمدنية، التي رأت في ذلك تصفية حسابات مع من يكشفون الفساد بدل ملاحقة الفاسدين أنفسهم.
ويطرح هذا الملف تساؤلات حول مدى جدية الجهات الوصية في مكافحة الاحتكار وضبط الأسعار، في وقت يبدو فيه أن الأولوية تُمنح لإسكات الأصوات المنتقدة بدل إصلاح المنظومة.
فرغم الخطابات الرسمية حول ضرورة تعزيز “السلامة الصحية” في الأسواق، يبقى السؤال: هل احترام شروط السلامة يبرر التلاعب بالأسعار والضغط على المواطنين؟
من جهة أخرى، يعكس هذا الوضع ضعف الرقابة المؤسساتية، حيث لم يصدر أي موقف واضح من الجهات المختصة حول الإجراءات المتخذة للحد من هذه الممارسات، مما يزيد من مخاوف المواطنين من أن تتحول الأسواق إلى فضاء للمضاربات غير العادلة بدل أن تكون مجالًا لتنظيم التجارة بما يخدم المستهلكين.
مطالب بفتح تحقيق جدي
وفي ظل هذه التطورات، وجهت البرلمانية فاطمة التامني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي سؤالًا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، دعت فيه إلى ضرورة فتح تحقيق جدي حول المضاربات التي تسببت في غلاء أسعار السمك، بدل التركيز على استهداف من يكشفون هذه التجاوزات.

وأكدت التامني أن سياسة تصفية الحسابات مع الفاضحين للفساد باتت تهدد الفضح نفسه، حيث يجد المواطن الذي يسعى لكشف الحقيقة نفسه عرضة للمساءلة، بينما يستمر المحتكرون في جني الأرباح على حساب المستهلكين.
وتبقى قضية “سماك مراكش” مثالًا حيًا على معضلة أوسع، تتعلق بضعف آليات الرقابة الاقتصادية وغياب إجراءات صارمة ضد الاحتكار.
ومع تصاعد الغضب الشعبي، يتساءل المغاربة: هل ستتحرك الجهات المسؤولة لوقف التلاعب بالأسعار، أم أن الوضع سيظل كما هو عليه، ليبقى المواطن وحده الضحية؟
تعليقات الزوار ( 0 )