Share
  • Link copied

تصدعات ببعض مجالس الجهات تسيئ إلى دورها في التنمية

أماطت الدورات  العادية لشهر مارس  2023  لمجالس الجهات  اللثام عن تهاوي الوعود  أمام صخرة التدبير اليومي لمشاكل وانتظارات الساكنة، بحبث  تم مناقشة نقط جداول الأعمال  في أقل من ساعة أو ساعتين  … ومن خلال تصريحات  متفرقة  لمستشارين لوسائل الإعلام أن أغلبهم يتبجح بالاهتمام بالجانب الاجتماعي، ومن خلال الواقع الملموس، يبدو أن هذا مجرد كلام فارغ للاستهلاك فقط ، لأن الوضع الذي يعيشه المواطنون خاصة في هوامش المدن والعالم القروي وضع كارثي بعيد كل البعد عن هذه التصريحات الجوفاء، وبعيد أيضا عن الحياة الكريمة التي يجب أن يعيشها كل المغاربة على حد سواء،كما نص على ذلك دستور البلاد، وإذا كانت الميزانيات محدودة كما صرح بعضهم بذلك لا تفي بالغرض التنموي، وأن بعض الجهات التجأت إلى القروض من صندوق التجهيز الجماعي لتلبية مطالب السكان ؟؟ 

إن الخفي في ميزانية مجالس الجهات، الذي لا يعرفه المواطنون هو التعويضات عن التمثيل والتنقل الضخمة، التي حددها المرسوم رقم 2.16.495 الصادر في 6 أكتوبر 2016  . فمثلا  بجهة الدارالبيضاء – سطات  حيث يمنح لرئيس مجلس الجهة ونوابه وكاتب المجلس ونائبه ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم ورؤساء الفرق تعويضا صافيا شهريا عن التمثيل، نوردها لتنوير الرأي العام، وهي كما يلي:

رئيس مجلس الجهة مبلغ: 40.000درهم، (أربعة ملايين سنتيم) إضافة إلى ذلك، يستفيد من تعويض شهري قدره خمسة عشر ألف 15.000 درهم، (مليون سنتيم ونصف المليون) إذا لم تخصص له الجهة سكنا وظيفيا بمقر الجهة والمجموع هو 5 ملايين سنتيم ونصف المليون، وهي تعويضات تفوق تعويضات الوزير ؟؟؟

نواب الرئيس مبلغ: 15.000 درهم (مليون سنتيم ونصف المليون).

كاتب المجلس مبلغ: 4.000درهم.

نائب كاتب المجلس مبلغ : 2.000درهم.

رئيس لجنة دائمة مبلغ: 4.000 درهم.

نائب رئيس لجنة دائمة مبلغ 2.000درهم.

رؤساء الفرق مبلغ: 2.000درهم.

كما يستفيد رئيس مجلس الجهة ونوابه وباقي أعضاء مجلس الجهة من تعويضات يومية عن التنقل بمناسبة المهام التي يقومون بها داخل المغرب وخارجه لفائدة المجلس الذي ينتمون إليه. وهي كالتالي رئيس مجلس الجهة: 350 درهما داخل المغرب و2500 درهم خارج المغرب لليوم الواحد .

نواب رئيس مجلس الجهة: التعويض اليومي عن مصاريف التنقل الممنوح لمديري الإدارة المركزية وفق النصوص التنظيمية الجاري بها العمل .

باقي أعضاء مجلس الجهة: التعويض اليومي الممنوح لموظفي الدولة المرتبين في السلم 11 وفق النصوص التنظيمية الجاري بها العمل، وتعويضات جزافية في نهاية كل ستة أشهر…

هذه التعويضات تضاعفت 5 مرات عن التعويضات السابقة التي كان يتقاضاها أعضاء مجلس الجهة في القانون المنظم للجهات رقم 96 /47 . وهي تهم 12 جهة كما هو معلوم،  وإذا أردنا أن نقوم بعملية حسابية فسنجد أن الملايير تذهب إلى جيوب المنتخبين، ومثل هذه التعويضات بنسب أقل في المجالس الإقليمية والجماعات المحلية والغرف الفلاحية والصناعية والتجارة والخدمات، ومن هؤلاء الأعضاء الذي يتقاضى هذه الأموال يملك الملايير ومنهم المقاولون والتجار وكبار الفلاحين والموظفين على اختلاف مشاربهم،  هذا في الوقت الذي يعيش فيه الشباب المغربي البطالة والعطالة ، ومنهم من لا يزال يحلم بركوب قوارب الموت أو اختيار المغامرة عبر دول أخرى للوصول إلى فردوس أوروبا المفقود …

والأمر لا يتوقف عند هذه التعويضات بل يتعداه إلى أسطول من السيارات التي تستخدم بدون حسيب أو رقيب في التنقلات المستمرة بدون فائدة والتنقلات العائلية بدون حياء ، إلى المخيمات وأماكن الاستجمام، بل منهم من يستعمل سيارات الدولة في تنقل أولاده إلى المدارس صباح مساء، أضف إلى ذلك الملايين التي تنفق في التغذية والإطعام في الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية . وكذلك التعويضات التي يتقاضاها أعضاء المجلس في السفر إلى المهرجانات الوطنية، مهرجان الفرس بالجديدة، مهرجان الفلاحة بمكناس ، مهرجان التمور بالراشيدية وغيرها من المهرجانات الوطنية والمحلية لكل جهة … هكذا تصرف الملايير بطريقة بعيدة عن الحكامة الجيدة والترشيد، في الوقت الذي نجد فيه المواطنين في العديد من القرى والمداشر والبوادي يعانون من الفقر المدقع وندرة الماء الصالح للشرب وغياب المراكز الصحية والمؤسسات التعليمية وغيرها من الخدمات الأساسية …

نعم، لقد اختار المغرب الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي فيه اعتراف بالأدوار الجديدة للجهات ورؤسائها، والاختصاصات المتعددة والمستقلة التي أصبحوا يتمتعون بها، لذلك يمكن اعتبار الاستقبال الملكي، آنذاك، تدشينا لمرحلة جديدة لتدبير الشأن الترابي بالمملكة على أسس جديدة متمثلة في صلاحيات واسعة وتقريرية للجهات كخيار ديمقراطي يهدف لإحداث تحول نوعي في نمط الحكامة الترابية، وتطوير وتحديث هياكل الدولة، والتسريع بالتنمية الشاملة والمستدامة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لترسيخ جهوية متقدمة تخدم المواطنين وخاصة منهم الفقراء والمستضعفين، يكون شعارها الحكامة الجيدة،والمساواة والديمقراطية والشفافية والنزاهة والعدالة المجالية بين الأقاليم ، لأن هناك أقاليم محظوظة وأخرى تعاني من الإقصاء والتهميش منذ زمن بعيد …، كما يجب تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة التي ينص عليها دستور المملكة، ومادام أن المواطن المغربي لم يشعر بالتغيير في مستوى عيشه فإن ورش الجهوية لا يزال بعيدا كل البعد عن الأهداف الكبرى التي تم تسطيرها على الأوراق …

Share
  • Link copied
المقال التالي