عرّى التشفي الذي أطلقه عدد من أتباع البوليساريو، منذ الوهلة الأولى لانتشار نبأ سقوط الطفل ريان في بئر إغران، الواقع الأخلاقي لعناصر الجبهة الانفصالية، ففي الوقت الذي تعاطف مع واقعة الطفل العديد من الأتباع والمحتجزين في مخيمات تندوف بالتراب الجزائري، تصدت قيادة “الرابوني” للأمر، وأطلقت حملة للتشفي.
ونشر الحقوقي محمد سالم عبد الفتاح، مؤخرا، تدوينة قال فيها، إنه “من الغرابة بمكان أن تخرج نسوة وشبان يحملون صفات المناضلين في البوليساريو، ليعربوا بكل وقاحة وبحاجة عن شماتتهم في ملاك صغير، استقطبت حالته الإنسانية أنظار وتضامن العالم أجمع، ليفضحوا الطابع العنصري والمتخلف لتنظيم سياسي، لطالما ادعى التحرر والتقدمية، لكنه ظل يروج لخطاب الكراهية إزاء الآخر”.
وأضاف عبد الفتاح في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، أن هذا “التنظيم السياسي”، ظل يكرس أيضا، “الصور النمطية العنصرية إزاء شعوب وأعراق بأكملها، في مقدمتها الشعب المغربي طبعا، فلم تسلم منه حتى المكونات الإجتماعية الصحراوية نفسها التي أطلق على بعضها عبارات قبيلات الشلوحة، في توظيف عنصري للانتماء لعرق وثقافة أصيلة، يفترض أنها تشكل إحدى مكونات المجتمع والثقافة الصحراوية نفسها”.
وتابع أن قضية الطفل ريان، شكلت “اختراقا حقيقيا للحواجز النفسية التي عملت قيادة البوليساريو على تعميقها ما بين قاطني مخيمات تيندوف وبين إخوانهم وامتداداتهم الاجتماعية والثقافية في المغرب، بعد أن ساهمت وسائل التواصل في انفتاح المخيمات على الخارج وتجاوز دعاية البوليساريو التي بقيت مهيمنة عليها طوال عقود من الزمن، عبر فرض الانغلاق السياسي والإعلامي وسيطرة الفكر والرأي الواحد”.
وأوضح أن هذا الأمر “نتيجة طبيعية لدعاية البوليساريو التي عملت منذ نشأتها على تقديم المغرب كمثال لكل ما هو سيء، حيث قدمته على أنه العدو والمغتصب، الذي سيأتي على الأخضر واليابس قبيل المسيرة الخضراء بهدف إرهاب سكان المخيمات، وفرض تهجيرهم إلى تيندوف، وبالتالي التحكم في مصائرهم، باعتبارهم مصدر شرعية مزعومة وقضية إنسانية لا تزال الجبهة تتاجر بها”.
واسترسل أن الجبهة، تاجرت بالقضية، “مستغلة الأخطاء التي همت تدبير الدولة المغربية لملف الصحراء، خاصة تلك المتعلقة بالانتهاكات الحقوقية إبان سنوات الجمر والرصاص فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث ستوظف العداء والحرب التي خاضتها مع المغرب، لتفرض سطوتها الأمنية وتصادر الأصوات الحرة وتعمل مخططاتها العنصرية والاستئصالية في حق الصحراويين أنفسهم..”.
ولكن الجديد في قضية الطفل المغربي ريان، يتابع عبد الفتاح، “هو تجرؤ بعض النشطاء المحسوبين على البوليساريو على تجاوز إحدى المحاذير الخطيرة بالنسبة للجبهة، بعد أن شاركوا في حملة التضامن التي حظي ريان، ليعربوا بشكل عفوي عن ارتباطهم بعمقهم الإنساني والحضاري بالمغرب، فما كان من قيادة البوليساريو إلا أن تحسست الخطر الداهم، المتمثل في انهيار دعايتها السياسية القائمة على العداء للمغرب، ما يعني غياب الشماعة التي لطالما علقت عليها فشلها وأجرامها وسياساتها القمعية والعنصرية..”.
وكشف أن هذه المستجدات، “حذت بالقيادة لإطلاق العنان لأبواقها لمجابهة الشعور الانساني النبيل الذي عبر عنه قلة من النشطاء المحسوبين على البوليساريو، حين تضامنوا مع الطفل ريان، لتحرك القيادة مجندي كتائبها الإلكترونية، وتنظم حملة مضادة لكل ماهو إنساني ونبيل، عبر تصريحات ومداخلات تقطر غلا وحقدا وشماتة في حق طفل لا يمكن لأي عاقل أن يحمله أي ذنب إزاء أخطاء السياسيين وخلافاتهم..”.
وأبرز أن أبواق قيادة البوليساريو، أطلقت “ردود فعل هيستيرية وعدائية”، لكنها “مؤشر ليس فقط على الانحلال الأخلاقي والقيمي الذي باتت تقبع فيه الجبهة، ولكن أيضا على التأزم والتفكك العميق الذي تعيشه، بعد نصف قرن من الحضور السياسي والإعلامي القائم على ادعاء تمثيل مزعوم للصحراويين، لكنها ظلت ترعى سياسيات مناقضة لثقافة الصحراويين أنفسهم ومنافية لطباعهم الأصيلة، لينتهي بها المطاف مجرد كير ينفخ في نار العداء وينظم حملات التشفي والكراهية في حق طفل بريئ وعائلة مكلومة وشعب عريق بأكمله..”.
تعليقات الزوار ( 0 )