ما زال التوتر يُخيّم على العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ونظيرتها مدريد، لاسيما بعد رفض وزارة الخارجية المغربية للتبريرات الاسبانية غير المقنعة بشأن استقبال زعيم جبهة “البوليساريو” الإنفصالية، إلا أنّ تسريبات جديدة للصحف الإيبيرية، كشفت وجها آخر للقضية وأنّ الأمر يتعلق بـ”مؤامرة إسبانية”.
وفجرت صحيفة “Elpais” الإسبانية (الإثنين) معطيات جديدة حول قضية إستقبال إبراهيم غالي على الأراضي الإسبانية، وكيف مهدت مدريد لاستقباله والتنسيق مع المخابرات الجزائرية من أجل نقله بهوية مزورة من أجل الاستشفاء، رغم الجرائم الإنسانية الخطيرة المتابع بشأنها.
وكشفت الصحيفة، أن وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، الذي قام في الـ29 مارس بأول زيارة رسمية له إلى مدريد، كان يتوسل المسؤوليين الإسبان من أجل إنقاذ حياة المدعو إبراهيم غالي بعد تعرضه بشكل خطير للفيروس التاجي، وقام بإرسال طلب المساعدة في بداية شهر أبريل.
وأضاف المصدر ذاته، أنه تم تحليل الطلب الجزائري الدقيق على أعلى مستوى، وعلى الرغم من إحجام وزير الداخلية، فرناندو غراندي مارلاسكا، فقد تم منحه الضوء الأخضر “لأسباب إنسانية بحتة”، وفقًا لمصادر دبلوماسية، وبالنظر إلى الطبيعة الإستراتيجية لـ “العلاقات مع الجزائر” المورد الأول للغاز إلى السوق الإسبانية.
ولفتت الصحيفة الإسبانية، إلى أن ألمانيا رفضت طلب الجزائر، بينما أشارت مصادر أخرى إلى أن قصر المرادية لم يرغب في إساءة استخدام كرم برلين، حيث أمضى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ثلاثة أشهر من أصل ستة في مستشفى ألماني يتعافى من فيروس كورونا.
ورفضت برلين استقبال زعيم جبهة البوليساريو، بسبب الفجوة في العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، حيث قرر المغرب في فاتح مارس تعليق جميع اتصالاته مع السفارة الألمانية في الرباط ، وفي السادس من مارس اتخذ خطوة أخرى في تصعيده الدبلوماسي من خلال استدعاء سفيره في برلين للتشاور.
وأضافت الصحيفة، أن سبب التوتر ورد الفعل المغربي جاء عقب وضع “خرقة” جبهة البوليساريو في مجلس مدينة بريمن، إلى الكشف عن “معلومات حساسة” لأحد مستخدمي “اليوتيوب” من أصل مغربي الذي تم سجنه في المغرب بتهمة الإرهاب.
ورجحت مصادر الصحيفة، بحسب مصادر دبلوماسية، إلى أن الأزمة المغربية الألمانية، هي محاولة الرباط الضغط على الاتحاد الأوروبي لتغيير موقفه من نزاع الصحراء، وذلك بعد أن اعترف الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، في 10 دجنبر بالسيادة المغربية الكاملة على كافة الأراضي الصحراوية.
ووصل زعيم جبهة البوليساريو الإنفصالية في 18 أبريل إلى قاعدة سرقسطة الجوية، وذلك على متن طائرة طبية تابعة للرئاسة الجزائرية، ثم تم نقله في سيارة إسعاف ونقله مع حراسة من الشرطة إلى مستشفى سان بيدرو دي لوغرونيو، بهويته وجواز سفره الدبلوماسي، رغم تسجيله في المركز الصحي تحت الاسم المستعار لمواطن جزائري لأسباب أمنية.
وحذرت الرباط إسبانيا من “التقليل من الأثر الخطير” لهذه الأزمة على العلاقات الثنائية وحذرتها من أن “تأخذ علما’ كون “الاعتبارات الإنسانية لا تبرر المناورات التي يتم القيام بها من وراء شريك وجار”، ولم يتبن المغرب حتى الآن أيا من الإجراءات المطبقة على ألمانيا ضد إسبانيا، لكنه رفع نبرة الغضب الخطابي، وحشد تسعة أحزاب من الأغلبية الحكومية والمعارضة ببيان إدانة مشترك، تردف الصحيفة.
وبحسب مصادر حكومية، تضيف القصاصة الإخبارية، فقد خططت الوزيرة الإسبانية غونزاليس لايا لإبلاغ هذا إلى نظيرها المغربي ناصر بوريطة، لكن النبأ اندلع قبل ذلك، وتضيف المصادر ذاتها، أن وزيرة الخارجية الإسبانية تحدثت بالفعل لاحقا مع بوريطة وقدمت له جميع أنواع التفسيرات في عدة مناسبات.
وجاءت تسريبات “إلبايس” لتكشف معطيات جديدة، حيث أكدت المصادر الحكومية الإسبانية، أن الرباط لم تخطر إسبانيا باعتراف البيت الأبيض بالصحراء المغربية، الأمر الذي فاجأ الوزيرة الإسبانية التي كانت تزور إسرائيل، حسب زعم نفس المصادر.
وأبرزت الصحيقة ذاتها، على أن الأزمة لم تنته بعد، حيث أن غالي كان يتعافى من الفيروس التاجي وقد استشهد قاضي المحكمة الإسبانية سانتياغو بيدراز به كمتهم في الأول من يونيو، كما توجد في محكمته قضيتان مفتوحتان لجرائم إنسانية ارتكابها ضد صحراويين في مخيمات اللاجئين في تندوف.
وشددت نفس المصادر، على أن القاضي هو الذي يقرر بعد الإدلاء بأقواله، ما إذا كان سيفرض تدابير احترازية أو يترك غالي يذهب بحرية، وأن “الحكومة الإسبانية ستكون على مستوى ما تقرره العدالة، حيث كانت مهمتنا إنقاذ حياته وقد فعلنا ذلك بالفعل”.
كما أشارات المصادر الدبلوماسية، إلى أن وزارة الخارجية الإسبانية، قالت إنه عندما تم السماح بدخول زعيم جبهة البوليساريو إلى إسبانيا، تم تحذيره من إمكانية استدعاؤه من قبل القاضي، على الرغم من عدم وجود مذكرة تفتيش واعتقال بحقه.
تعليقات الزوار ( 0 )