هاجمت الجزائر من جديد مستعملي برنامج “بيغاسوس” للتجسس الإسرائيلي، على لسان ممثلها في مجلس الأمن، عمار بن جامع، بعد أن كان عدد كبير من مسؤوليها ضحية لاختراق هواتفهم سنة 2021. يأتي ذلك، في وقت تواصل السلطات ضبط ما تقول إنها شبكات تجسس مغربية تحاول اختراق البلاد.
ودعا بن جامع، في جلسة إعلامية حول “استشراف أثر التطورات العلمية على السلام والأمن الدوليين” في مجلس الأمن، إلى “وضع معايير دولية صارمة من أجل الحفاظ على سيادة الدول، فيما تواصل التكنولوجيات تطورها”، مطالباً بضرورة “حماية سيادة الدول أمام التطور العلمي السريع، وأن خطر استعمال التكنولوجيات المتطورة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول أصبح أمرا حقيقيا، وتذكروا بيغاسوس”، في إشارة من بن جامع إلى برنامج التنصت الذي طوره الكيان الصهيوني، والذي اتهمت الجزائر جارتها المغرب باستعماله للتجسس على شخصيات سياسية وعاملين في وسائل الإعلام في عدة دول.
وشدد بن جامع، على أهمية استعمال التكنولوجيات الجديدة مع “الاسترشاد بالأخلاق” واحترام الخصوصيات الثقافية للبلدان، حيث يجب على هذه التكنولوجيات “أن تعزز أيضا دولة القانون، فلنحرص على أن يكون التقدم الذي نحرزه لا يؤثر سلبا على إنسانيتنا”. داعيا إلى “استعمال التكنولوجيا بشكل يمكن من خدمة الانسانية جمعاء وليس مجموعة من البلدان بشكل خاص”. مضيفا “يجب أن يكون مستقبلنا شاملا ومنصفا وعادلا”.
وحسب ما ذكرت الجزائر أنه كان من بين أسباب قطع العلاقات مع المغرب في غشت 2021، تعرضها لمحاولات تجسس باستعمال برنامج بيغاسوس الإسرائيلي. وقالت الرئاسة الجزائرية في ذلك الوقت في بيان شرح موقفها الذي تلاه وزير الخارجية السابق: “إن الفضيحة، التي لا تقل خطورة عن سابقتها، والمتعلقة ببرنامج “بيغاسوس” قد كشفت، بما لا يدع مجالا للشك، عمليات التجسس الكثيفة التي تعرض لها مواطنون ومسؤولون جزائريون من قبل الأجهزة الاستخباراتية المغربية مستعملة في ذلك هذه التكنولوجيا الإسرائيلية”.
وسبق للخارجية الجزائرية، أن دعت المجموعة الدولية لمعاقبة مستخدمي برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس”. وقالت الوزارة إنها تشعر بقلق عميق بعد كشف مجموعة من المؤسسات الإعلامية ذات السمعة المهنية العالية عن قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربية، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى “بيغاسوس” ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين، إلى جانب صحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وأعربت الجزائر عن إدانتها الشديدة لهذا الاعتداء “الممنهج والمرفوض على حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.
ولا يزال موضوع التجسس مطروحا بقوة في الجزائر. ففي الأسبوع الماضي، نقلت وسائل إعلام جزائرية أن “مصالح الأمن ألقت القبض على 3 جواسيس بينهما اثنان من جنسية مغربية، في ولايتي وهران وسيدي بلعباس غرب البلاد، مع تقديمهم جميعا أمام القضاء. وقالت إن الأمر يتعلق بكل من المغربيين: الإدريسي عبد الرحمن و البوعيني رشيد (عاملي جبس)، تعاونا مع المتهم ت.م.أ (طالب جامعي) للنشاط بطريقة عدائية ضد الجزائر.
وبحسب ما نُقل عن مصادر أمنية، فإن المتهميْن متابعين بتهم “جناية التجسس والتخابر مع دولة أجنبية قصد معاونتها في خطتها ضد الجزائر، وجنحة العمل بأي وسيلة كانت قصد المساس بوحدة الوطن”، بينما الطالب متابع بـ”جناية استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال بتجنيد الأشخاص لصالح إرهابي بصورة مباشرة وغير مباشرة”، و”جنحة الترويج عمدا لأخبار كاذبة من شأنها المساس بالنظام العام والأمن العموميين”.
وتأتي هذه العملية بعد نحو شهر ونصف من إعلان القضاء الجزائري، “تفكيك شبكة تخابر وتجسس بغرض المساس بأمن الدولة، تضم سبعة أشخاص من بينهم أربعة من جنسية مغربية، كانوا ينشطون بمنطقة تلمسان في أقصى الشمال الغربي الجزائري”. وذكر وكيل الجمهورية لدى محكمة تلمسان مصطفى لوبار، أن الأشخاص السبعة تم إيداعهم الحبس المؤقت بقرار من قاضي التحقيق في انتظار محاكمتهم بتهمة ثقيلة.
وبحسبه “توصلت التحريات إلى أن جميع أفراد هذه الشبكة كانوا يتلقون التعليمات من طرف المدعو “ب ص”، وهو من جنسية مغربية. كما توصلت نتائج التحقيق الابتدائي إلى قيام هذه الشبكة بتجنيد رعايا مغاربة وجزائريين من أجل المساس بمؤسسات أمنية وإدارية جزائرية”. وذكر أنه “بعد استيفاء الإجراءات، تم تقديم الأشخاص الموقوفين أمام نيابة الجمهورية، وعند استجواب المشتبه فيهم تم فتح تحقيق قضائي ضدهم وضد كل من يكشف عنه التحقيق، بتهم جناية القيام بالتخابر مع دولة أجنبية أو أحد عملائها ضد المتهمين “رم أ” و”ط ز س أ” و”ب ر” وجناية التجسس ضد المتهمين “ز م” و”ط أ” و”م ه”، بالإضافة إلى جنحة الدخول بطريقة غير شرعية إلى التراب الجزائري ضد المتهمين “ز م” و”م خ”.
وتلا ذلك، قرار الجزائر في 26 شتنبر الماضي، فرض تأشيرة الدخول إلى التراب الوطني على جميع المواطنين الأجانب الحاملين لجوازات سفر مغربية. وأكدت الخارجية الجزائرية في أسباب هذا القرار، أن “النظام المغربي الذي أساء استغلال غياب التأشيرة بين البلدين، انخرط، وللأسف الشديد، في أفعال شتى تمس باستقرار الجزائر وبأمنها الوطني، فقام بتنظيم، وعلى نطاق واسع، شبكات متعددة للجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والبشر، ناهيك عن التهريب والهجرة غير الشرعية وأعمال التجسس، فضلا على نشر عناصر استخباراتية صهيونية من حملة الجوازات المغربية للدخول بكل حرية للتراب الوطني”.
وأكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بنفسه هذا الموقف، مشيرا إلى أن “بلاده لديها معلومات حول دخول عملاء وجواسيس للكيان الصهيوني إلى الجزائر بجوازات سفر مغربية”. وأضاف متسائلا: “ما الذي يدفع هؤلاء لزيارة أماكن حساسة مثل الموانئ؟“. وأكد تبون أنه “سيتم محاكمة المغاربة علنا ممن تم إلقاء القبض عليهم في إطار تحريات أمنية قادتنا لفرض التأشيرة“.
(القدس العربي)
تعليقات الزوار ( 0 )