قبيل الانتخابات التشريعية، تظهر أسماء وازنة على الساحة السياسية المغربية، وأخرى مغمورة لخوض سباق ‘’الانتخابات’’ وسط الاتهامات وردود أفعال هيئات حماية المال العام، ومراقبي الشأن المحلي، الذين يتهمون شخصيات بحد ذاته باستغلال الغطاء السياسي والانتخابي من أجل الحصول على ‘’همزات’’ و ‘’غنائم’’ من العملية الانتخابية.
وفي سياق متصل، كتب محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال، تدوينة مطولة على حسابه بالفايسبوك قال فيها إن ‘’المفسدون وناهبي المال العام وذوي السوابق الإجرامية يبدعون كثيرا من أجل ضمان ولوجهم الدائم للمؤسسات التمثيلية والحرص على استمرار كل أشكال المنافع والريع والإمتيازات وتغذية أرصدتهم ومصالحهم المختلفة لمراكمة الثروة وبناء شبكات لامحدودة من العلاقات المتشعبة في مختلف الإتجاهات’’.
وأضاف الغلوسي أن ‘’شبكات محلية بالخصوص تقف عائقا ضد أية تنمية أو تطور طبيعي للمدن والتي تحول بعضها بسبب هذه النخب إلى قرى، من خلال تحالفات وعلاقات تضمن ديمومة نفس النخب ونفس الوجوه وبأشكال مختلفة على التدبير المحلي، وأردف:’’شبكات تتبادل المعلومات والمعطيات الحصرية والتي تسهل لهذه النخب الفاسدة المتمددة الحصول مثلا على العقار العمومي بأثمنة رمزية تحت ذريعة الإستثمار’’.
وأشار الغلوسي في تدوينته إلى أن ‘’(…)تلك النخب الفاسدة وبحكم تلك العلاقات التي توفر لها كل شيءٍ وتستمد منها سلطتها وسطوتها تدرك جيدا موقع العقارات “المهملة” كتلك التي يملكها بعض الأجانب وغادروا المغرب منذ مدة طويلة وتلك التي يتوفى مالكوها دون أن يعرف أي وارث لهم، وهنا تلجأ هذه النخب الفاسدة إلى صناعة وثائق مزورة للسطو على هذه العقارات’’.
مشددا على أن هذه ‘’التلاعبات والتحايل يمتد إلى مجال الرخص الإستثنائية ورخص التعمير ورخص فتح المحلات التجارية وإحتلال الملك العمومي وكراء الأسواق ومواقف السيارات والضريبة على الأراضي الحضرية العارية وغيرها من الضرائب الأخرى مع مايصاحب ذلك من “دهن السير يسير”.
وأوضح الغلوسي أن ‘’هذه النخب تغتني بشكل غير مشروع، فكثيرا ما نسمع بأن فلان أو علان كان مجرد عامل بسيط أو مياوم أو ذا حرفة بسيطة وبين عشية وضحاها أصبح من أثرياء البلد بعدما خاض غمار الإنتخابات وتمكن بقدرة قادر من “الظفر” المستمر بنتائجها وغير مهنته وأصبح “منعشا عقاريا” أو رجل أعمال له شركات في مجالات متنوعة تستفيد من كعكة الصفقات العمومية’’.
واسترسل الغلوسي في تدوينته بالقول إن ‘’هذه النخب تغتني بوثيرة سريعة ودون أن تتعرض في يوم ما لأية محاسبة أو مساءلة وهو ما يجعل بعض أبناء الحي أو المدينة التي ينتمي إليها رموز هذه النخب الهجينة يبحثون عن سلوك نفس المسلك بحثا عن نعيم ينقذهم من الفقر والحرمان وهكذا تدور عجلة الفساد والريع وتصبح ثقافة في المجتمع وينظر إليها كقدر لا مفر منه ويصبح السلوك النزيه سلوكا شاذا بل ويعتبر صاحبه ساذجا ومغفلا لأنه لا يتقن لغة الهمزة ‘’.
مشيرا في ذات السياق إلى أن ‘’(…) إبداع نخبة متلهفة على المال والجاه والثروة لضمان ديمومة الفساد والريع وإستمرار مظاهر الفقر والهشاشة والهجرة وصناعة مجتمع المفارقات والتفاوتات المجالية والإجتماعية، نخبة تشكل خطرا على الإستقرار الاجتماعي والأمن العام وعلى كل نماذج التنمية وتساهم في صناعة اليأس وهدم كل بصيص الأمل والثقة في المستقبل وتجعل الناس يشعرون بكل أنواع الظلم والحيف يجد ترجمته في مختلف أشكال الحنق والغضب التي تنتشر عبر فيديوهات أو مقالات أو أشكال إحتجاجية غير مألوفة كسكب البنزين على الذات وإحراقها كتعبير عن إدانة لكل أساليب إمتهان كرامة بني البشر’’.
مبرزا في ذات السياق، أن هذا الوضع، وضع لا يجب أن يستمر، وإستمراره يشكل خطرا علينا جميعا وعلى بلدنا الذي نحبه كثيرا ونخاف عليه، لذلك لابد من تفكيك هذه الشبكات التي تنتعش على الفساد والريع والنهب والرشوة وذلك بتفعيل ربط المسوؤلية بالمحاسبة والقطع مع الإفلات من العقاب وإتخاذ تدابير وإجراءات شجاعة لمكافحة كل مظاهر الفساد والرشوة وإعادة النظر في قانون التصريح بالممتلكات وتجريم الإثراء غير المشروع’’.
وطالب المتحدث ذاته، بتفعيل الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز دور المجتمع المدني والإعلام وكل مؤسسات الحكامة في تخليق الحياة العامة وقيام القضاء بدوره في هذا المجال بردع المفسدين وناهبي المال العام وغيرها من التدابير الأخرى التي من شأنها أن تساهم في تقوية مجتمع المواطنة ودولة الحق والقانون وما ذلك بعزيز إذا توفرت الإرادة السياسية الحقيقية’’.
تعليقات الزوار ( 0 )