يتخوف الجزائريون من عدم قدرة الحكومة الجزائرية على استرداد الأموال الضخمة المنهوبة من قبل أفراد العصابة الحاكمة ورجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد ثقيلة في عهد الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة.
ومنذ بداية الحراك الشعبي في 22 فيراير الماضي، ظهرت قضايا فساد كثيره، أصدر بشأنها القضاء أوامر بالحبس في حق رجال أعمال ومسؤولون ساميين و سياسيين أودعوا جميعا إلى سجن الحراش بالعاصمة الجزائر بتهم تتعلق بالفساد وتبديد أموال عمومية فاقت قيمتها الإجمالية 200 مليار دولار خلال 20 سنة من حكم الرئيس بوتفليقة.
وعلى الرغم من وجود اتفاقيات دولية ستلجأ إليها الجزائر من أجل استعادة اموالها المنهوبة، إلا أن هناك من يعتبر الأمر بالمستحيل وصعب المنال، ويتطلب بذل كثير من الجهد والمساعي الديبلوماسية من أجل إقناع بعض الدول لمنح أموال الجزائر.
ويتساءل سياسيون واقتصاديون عن قدرة الجزائر على استرجاع أموالها وكيف ستوظف علاقاتها مع بعض الدول التي لها مصالح معها، وماهي الآلية التي ستلجأ إليها لتحقيق حلم الشعب الجزائري باسترداد أمواله المنهوبة؟.
وسبق وأن طمأن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الشعب الجزائري خلال حملته الانتخابية على قدرته التامة في اسسترجاع هذه الاموال، وقال بأنه على دراية تامة بهذا الملف دون أن يذكر تفاصيل كثيرة ، وهو ما سيجعله امام اختبار حقيقي من قبل الشعب الذي بات ينتظر ماذا سيفعله تبون بخصوص هذه القضية التي تضاهي ملايير الدولارات.
وكشف الوزير الأوّل، عبدالعزيز جراد، أن الجزائر ستباشر إجراءات لاسترداد الأموال المنهوبة المهربة للخارج خلال فترة حكم بوتفليقة، مؤكدا بأن الآلية القانونية الوحيدة التي ستعتمد عليها الجزائر هي اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد.
وأوضح الوزير الأول، يوم أمس، في رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني حول استرداد الأموال المنهوبة، أن العملية تمر بثلاث مراحل، ستعتمد بشأنها الحكومة على إثبات الأملاك وتحديد مكانها كمرحلة أولى، فيما ستتركز المرحلة الثانية على توفر أحكام قضائية نهائية، في حين المرحلة الثالثة في عملية استرداد الأموال المنهوبة هي وجود اتفاقيات قضائية.
واعتبر جراد أن المواد الدستورية في محاربة الفساد تعتمد وجوبا على عدم تقادم الدعوى في مجال محاربة الفساد، فيما ستسند هذه العملية إلى وزارة العدل هي التي ستتكفل بها قريبا.
ويرى متابعون للشأن الاقتصادي والسياسي بالجزائر أن كل الآليات موجودة لاسترجاع الأموال المهوبة، وربطت ذلك بانتهاء التحقيقات في جرائم الفساد المطروحة على جهاز العدالة ، بإعتبار أن الجرائم الاقتصادية المتعلقة بالصفقات العمومية والمبالغ المالية الضخمة التي نهبت من الخزينة العمومية ستاخذ وقتا طويلا وهو ما سيؤخر إصدار أحكام قضائية ستستد عليها الدولة لتحقيق غايتها.
وقدر خبراء اقتصاديون في الجزائر بأن قيمة الاموال المنهولة والمهربة إلى الخارج من قبل أفراد “العصابة” وشركائها تتراوح ما بين 200 إلى 300 مليار دولار يتوجب أولا تحديد مكانها بدقة من خلال مباشرة تحقيقات معمقة مع رجال الأعمال الموقوفين الذين كانوا يعملون تحت غطاء سياسي وحماية غير عادية من قبل السلطة الحاكمة خلال فترة حكم بوتفليقة ما سهل لهم توسيع نشاطاتهم وتلقي تحفيزات وتهريب الأموال بطريقة غير قانونية.
وبخصوص تهريب الأموال إلى الخارج، يجمع المختصون أنها تمت بطريقتين، الأولى تضخيم الفواتير، التي تفطن لها وزير التجارة الراحل بختي بلعايب حين أشار علانية أن 30% من قيمة الواردات كانت عبارة عن فواتير مضخمة إعتمدها المهربون لتحويل الاموال بالعملة الصعبة للخارج.
فيما تبقى الطريقة الثانية أكثر خطورة تتعلق بخلق مشاريع وهمية، من خلال اقتناء سلع غير مطابقة لما صرح به المستورد، وهذا بع تلقي تسهيلات كبيرة من مصالح الجمارك التي كانت تحت قبضة السلطة الحاكمة في ذلك الوقت وبالتواطؤ مع ممونين.
ويتوقع بعض الخبراء القانونيين بأن الاتفاقيات الدولية ستساعد على استرجاع الأموال المنهوبة الموجودة خارج الوطن،خصوصا من اوروبا حيث ستكون أسهل من الدول الأخرى غير الآمنة مثل الإمارات وهونغ كونغ التي يجب عليها ان تتجاوب مع هذه الإتفاقيات وتعمل بها.
فيما ينصح آخرون بأن تنتهج الدولة طريقة سهلة توفر بها الكثير من الوقت والجهود تتعلق بالتفاوض المباشر مع الناهبين ومساومتهم بتخفيف الأحكام عنهم مقابل إعادة المال المنهوب.
وحسب مصادر مختلفة فإن الجزائر سارعت إلى تحريك طلبات دولية على شكل إنابات قضائية لبعض البلدان تأكدت من ضمها لفارين من العدالة أو بها حسابات بنكية مشبوهة، على غرار ما قامت به مع الحكومة اللبنانية لتسليم وزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب الذي وجهت له تهم فساد ثقيلة ، كما وجهت مذكرة إلى الحكومة السويسرية لأجل بيانات بنكية مشبوهة.
بالفعل هناك تضارب في الأخبار بشأن قدرة الرئيس تبون على لسترجاع المال المنهوب الذي لا يعد ولا يحصى ..