Share
  • Link copied

تراث سوسيولوجيا المدينة في زمن كورونا: مقاربة أكاديمية لأجل مدينة المستقبل

كشفت صدمة وباء فيروس كورونا عن أزمة صحية عالمية، جعلت أغلب سكان أركان الأرض الأربعة في حالة خوف وقلق و ترقب. كما بينّت بالملموس أن هذا الوباء يضعنا اليوم جميعا أمام حقائق تتعلق برؤية مختلفة لهويتنا الإنسانية ومجالات حياتنا و معيشتنا.

وعلى ضوء الانتشار المتسارع لهذه الجائحة، التي تفاوتت الآراء حول أسبابها،و ما تمخض عنها في العالم من ارتفاع وتيرة النقاش والسجال الناتجين عن تداعياتها وآثارها على مستوى الأفراد والجماعات، تعالت أصوات العديد من المفكرين وعلماء الاجتماع ورجال القانون والاقتصاد والسياسة من مختلف المدارس والمشارب، محذرة من مخاطر انتشار جديد، داعية في نفس الآن لفهم هذا التحول المفاجئ ومعرفة ما الذي حدث بالضبط؟.

و يروم هذا المقال، عرض أزمة كورونا و تداعياتها على المدن الاقتصادية والسياحية والتراثية وغيرها، و طرح إشكالية الانتقال الحضري إلى حقبة جديدة من التخطيط الحضري المستدام، الذي يعتبر اليوم من ضروريات الصحة العمومية .
و هو ما يطرح إعادة التفكير في المدينة ومكوناتها الأساسية كالسكن، وأماكن العمل وفضاءات الترفيه، والمساحات الخضراء، وشبكة المواصلات، من أجل حياة اجتماعية ونفسية واقتصادية وبيئية لائقة و ذات جودة.

أزمة كورونا و مستقبل المدن

غني عن البيان أن العالم الحضري يعيش اليوم تحديات كبرى على أكثر من صعيد، خاصة في المدن الأكثر كثافة، و التي شهدت زيادة عالية في نسبة الوفيات بسبب فيروس كورونا، مقارنة مع المدن الصغيرة أو ذات الحجم المتوسط.مما يعني أننا أمام أزمة عالمية لن تقتصر على النظام الصحي فحسب، بل ستشمل أيضا النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، بفعل الزيادة الطبيعية في حجم السكان والهجرة، وتفاقم مشكلات البيئة الحضرية، وانتشار التلوث، والتقدم الصناعي .

و لقد كشفت أزمة كورونا المفاجئة عن هشاشة العديد من المدن وعدم تجانسها وافتقارها لإستراتيجيات واضحة، خاصة في الأحياء العشوائية والضواحي الهامشية، مما يفرض على كل الفاعلين والمسؤولين مستقبلا، ضرورة التفكير في المدينة كجماعة إنسانية متماسكة ومتضامنة، قابلة للعيش في زمن الحجر الصحي وحظر الأسواق و قادرة بالفعل والقوة المنطقيين على تدبير حالة الطوارئ.

وتعتبر هذه المناسبة، فرصة لاستحضار التراث السوسيولوجيي التليد الذي نشأ وتطور في كنف مجتمع المدينة مع أوغست كونت و ماكس فيبر و دوركايم وغيرهم، و أساسا مع مدرسة شيكاغو التي تميزت باتجاهها نحو البحث التجريبي، و اهتمامها بشتى أنواع الظواهر الاجتماعية، ومن أهمها الظاهرة الحضرية .

إن استحضار مدرسة شيكاغو في زمن جائحة كوفيد-19، أي بعد مرور أزيد من 120سنة على ميلادها، هو استحضار ل”الإيكولوجية الحضرية” و تطورها داخل الأقسام الجامعية الأنثروبولوجيةو السوسيولوجية. و التي شهدت قمة أوجها من 1920 إلى نهاية الثلاثيناث من القرن الماضي، بفضل الأبحاث التي قدمها العديد من روادها الأوائل (قبل الحرب العالمية الأولى) مثل الأنثروبولوجي “ويليام طوماس” ، و علماء الاجتماع أمثال ” روبرت بارك، لويس ويرث، و رودريك مكنزي..”، إضافة إلى الجغرافيين “ارنيستبوركيس” و غيرهم، و رواد سوسيولوجيا العالم الحضري بفرنسا (منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية) ك” موريس هالبواك” وهونري لوفيفر ومانويل كاستلز .

فهذا التراث السوسيولوجي العريق، يطلعنا على العديد من الدراسات والنظريات العلمية التي تفسر ظاهرة التمدن والمخاطر المحدقة بها. وقد ظهر ذلك في أعمال علماء الاجتماع الأوائل، والمعاصرين الذين ساهموا بشكل كبير في تفسير العديد من الظواهر المرتبطة بالأوبئة والتلوث، والروابط الاجتماعية والتضامن الاجتماعي والخوف والقلق المجتمعي على مستقبل المدن وسيرورتها. و كلها دراسات تحيلنا على الأزمات البنيوية التي عرفتها المدن العملاقة والمدن المتوسطة الحجم بسبب التزايد المستمر والسريع للتحضر، وغزو البيئة، والسيطرة على منابع الخيرات الطبيعية، واستغلال الماء بطرق لا عقلانية، وانتشار الحرائق في الغابات، كلها عوامل ساعدت على ظهور وانتشار الأمراض الفيروسية خاصة في المناطق الحضرية و شبه الحضرية.

و بالإضافة إلى العوامل الطبيعية الأخرى كالتصحر و الجفاف والفيضانات والزلازل والاحتباس الحراري، هناك تحديات جديدة تنتظرنا، وهي تحديات مرتبطة بالمساواة بين البشر، وبفعلية الحق في التنمية المتكافئة والمستدامة، ولاسيما في سياقات المخاطر والأزمات التي تعمق النمو القوي للتفاوتات الاجتماعية .

وانطلاقا مما سبق، يمكن القول إن المدينة لم تعد عمرانا فقط، وعنصر استقطاب الرأسمال الوطني و الأجنبي و النخب العمالية المهاجرة و العالمة و المثقفة ، بل بات مستقبلها مخيفا وغامضا، نتيجة الضغط والاضطرابات البيئية و الاقتصادية و الصحية و الاجتماعية و السياسية التي تسببها تداعيات هذه التحولات، و التي تصبح معها المدن، بين عشية و ضحاها، فارغة، مهجورة و شاحبة.

فهناك اليوم أهمية قصوى في استحضار علماء الاجتماع و غيرهم، نظرا لما عبروا عنه من آراء و مواقف تجاه الأزمة الوبائية، وما طرحوه من أسئلة حول تداعيات هذه الأزمة، قد تساعدنا على اكتشاف أبعاد جديدة وفهم انعكاساتها على مجالات حياتية و معيشية و قطاعات مختلفة اقتصادية و سياسية واجتماعية، تهم مثلا مستقبل المدن و التخطيط الحضري، خصوصا و أن المدن تساهم (اليوم) في خلق 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم، كما تشير إلى ذلك العديد من الإحصائيات.

و من بين هؤلاء نذكر – تمثيلها لا حصرا- عالم الاجتماع الألماني “أولريش بيك”الذي أثار كتابه “مجتمع المخاطر العالمي-بحثا عن الأمان المفقود World Risk”، جدلا واسعا في مختلف حقول العلوم الاجتماعية و الإنسانية داخل ألمانيا و خارجها، نظرا لما تناوله من مواضيع تتعلق بالتحول العميق في العلاقات و القيم والأفكار في مواجهتها للأخطار العالمية غير المرتبطة بالدول، أو بإدارة الحكومات، أو سياسات الحدود، و التي لا يمكن التعويض عن الأضرار الناتجة عنها (مثل التغيرات المناخية والتلوث والانحباس الحراري وأزمات الأسواق المالية العالمية والإرهاب). و هو تحول يفرض على الباحث أن ينظر لمفهوم المجتمع في القرن الواحد والعشرين بعيون أخرى، بفعل المخاطر غير المتوقعة، و التي تكون تداعياتها خطيرة على القانون والجيش والحرية وحياة الناس اليومية واستقرار النظام السياسي.

و ارتباطا بما يعيشه العالم اليوم من تداعيات بسبب فيروس كورونا، شبه عالم الاجتماع الفرنسي “ألان تورين” هذا الوضع بالأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم 1929، حين اختفى كل شيء ولم يكن هناك أي فاعل في الساحة لا في اليسار ولا في الحكومات. كما أعترف بوجود فراغ وغياب تام للفاعلين و المعنى، و كذا غياب الأفكار بل حتى الاهتمام. وأن جائحة كورونا، يضيف تورين، ستتبعها كوارث إيكولوجية كبيرة خلال السنوات العشر المقبلة كما ستؤدي إلى صدمة اقتصادية يمكنها أن تفرز ردود فعل صنّفها في خانة الفاشية.

أما عالم الاجتماع الفرنسي “إدغار موران” ، فاعتبر أن صدمة وباء كورونا فضحت زيف العالم الذي نعيش فيه وبينّت هذه الأزمة أن العولمة اختزلت في شبكة من المعاملات دون تضامن. حيث وفرت الاندماج التقني والاقتصادي للكوكب، لكنها لم تَبْنِ جسور التفاهم بين الشعوب وأسقطت فضائل الصّداقة والتسامح والتعاون. كما نص على أنوباء “كورونا” يضعنا اليوم أمام أنفسنا، وأمام حقائق تتعلق بهويتنا الإنسانية في عالم استهلاكي متوحش.

ومن جهة أخرى، دعا المُفكر الأمريكي “نعوم تشومسكي” إلى التعامل مع أزمة فيروس كورونا بنفس “الخطاب التعبوي في زمن الحرب”، وأكد تشومسكي، أن أزمة فيروس كورونا قد تدفع الناس إلى صنع العالم الذي يريدون العيش فيه، خاصة إذا قررت الدول الغنية مساعدة المحتاجين عوضًا عن خنقهم.و نعت تشومسكي ما يمر به العالم خلال هذه الأزمة بأنه “لحظة تاريخية حاسمة للإنسان” وأضاف قائلا: “هناك احتمال أن ينتظم الناس و يقوموا بخلق عالم أفضل بكثير سيواجه المشاكل الهائلة التي نواجهها في المستقبل القريب. أي مشاكل الحرب النووية، و هو أقرب مما كان عليه من قبل. بالإضافة إلى مشاكل الكوارث البيئية التي لم يعد هناك تعافٍ منها بمجرد وصولنا إلى تلك المرحلة وهي ليست بعيدة، ما لم نتصرف بشكل حاسم”.

أما “ميشيل فييفيوركا”، عالم اجتماع فرنسي، اعتبر هو الآخر، أن أوضاع العالم ستتغير بعد فيروس كورونا عما كانت عليه قبله، و ستتغير معها تصنيفاتنا، و مفاهيمنا بصفة عامة. كما يرى أن هذه الأزمة “أعادت إلى الساحة الفكريةِ النقاشَ الدائر حول سؤال مذهبي طالما شغل أذهان الكثير من المفكرين لسنين طويلة: أليس نظام تركيز السلط في يد واحدة أفضل من حيث الجدوى والفاعليةِ من النظام الديمقراطي، خصوصا فيما يتعلق برفاهية الشعب، وبالأمن والصحة؟ و ما أحوجنا اليوم إلى الخروج من هذه المفارقة بجواب شاف”.

تداعيات كورونا وضرورة التخطيط الحضري المستدام

عدَّ الفيلسوف السلوفينيSlavojŽižekالمثير للجدل أن الأزمة الصحية الحالية ليست سوى مقدمة لأزمات أخرى قادمة سياسية واقتصادية ونفسية وغذائية، من دون أن ننسى الأزمة البيئية. كما اعتبر “برونو لاتور” أن هذه الأزمة تدفعنا إلى الاستعداد لتغيير المناخ، وشبهها بالصوم العلماني الذي يعتبر فرصة عظيمة للاهتمام بما هو مهم .

وهذا ما يوضح أن المدن مقبلة على ظواهر اجتماعية وصحية ستغير مجرى حياتها العادية: أي حظر إقامة الأفراح و الجنائز، و منع التنقل بين المدن، و إغلاق الحدود بين الدول ، و توقيف مباريات كرة القدم، و استحالة العمل خارج المنزل…، مما يطرح على الفاعلين التفكير في مدن مبدعة و سكان مبدعين. بمعنى مدن تتكيف مع الطوارئ، وتكيف السكان مع الواقع الحضري الجديد الذي لم يكن من الممكن التنبؤ به من قبل. إنها واحدة من التحديات التي أفرزتها أزمة كورونا، و التي تستوجب تخطيط حضري لتجنب الأمراض المعدية الناتجة عن الاكتظاظ، والأمراض المزمنة كالسرطان والسكري وأمراض القلب التي ما فتئت تتزايد من قبيل تعاطي التبغ والمخدرات والنظم الغذائية غير الصحية والخمول البدني والعنف والجرائم.

وفي هذا الإطار نستحضر الفيلسوف الفرنسي “هنري لوفيفر” صاحب كتاب “الحق في المدينة” المنشور عام 1968، و الذي قدم فيه لوفيبر نقدًا مبكرًا للتخطيط الحضري السائد والحياة اليومية من زاوية فلسفية، و ابتكر المفهوم الذيقصد به في تعريفه حق الوصول إلى المدينة والاستفادة من خدماتها، وكيفية إنتاج الفضاء الاجتماعي الذي يعيش فيه السكان.

ومن جهة أخرى، و مع ظهور مؤشرات تفشي الوباء، وأمام التداعيات القصيرة الأمد والطويلة الأمد للجائحة، تتأكد أهمية دعوة لوفيفرذات العلاقة بضرورة بناء بنية تحتية أساسية تجعل من الحياة في المدن حياة سالمة وصحية، قائمة على التخطيط الحضري لتحسين ظروف العيش، وتعزيز المشاركة، و بناء مدن دامجة.

وهو ما يستدعي في نظر العديد من المختصين، تدخلا عاجلا للعمل على تكييف المناطق الحضرية مع الطوارئ والكوارث، بالإضافة إلى تفعيل مجالات واختصاصات أخرى، مثل حماية البيئة، والنقل العمومي، والتعليم الجيد، وحدائق الأطفال والترفيه، خاصة مع ما يشهده العالم من كثافة حضرية قابلة للانفجار، بلغت عام 2018 إلى 55 % من سكان العالم، وفي عام 2050 ستصل النسبة إلى 68 % .

إن الحاجة إلى التخطيط الحضري باتت ضرورة ملحة لإعادة التفكير في مشاكل السكن، والتلوث والنقل، وتوزيع الثروة، والأنشطة والخدمات الاجتماعية الأساسية، وهو ما يستلزم الخبرة والكفاءة، لترجمة الأفكار والنظريات التخطيطية الحديثة، إلى رؤية حضرية جديدة، تأخذ بعين الاعتبار العنصر البشري وأنماط التوسع الحضري وأساليب نمو المدن ضمن التصاميم الأساسية والتدابير المجالية، لتمكين الساكنة الحضرية من الولوج إلى خدمات القرب كالصحة والتعليم والاستهلاك والترفيه والعمل، وتعزيز الاعتماد على الذات وتوفير الأمن الغذائي والطاقي، والتقليص من الكثافة السكانية لضمان التباعد الاجتماعي، والتقليل من الاختلاط، والتوجه نحو اللامركزية الحضرية، وربط النقل بالتنمية، وإعادة هندسة المراكز الحدودية، والاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والتطبيق الذكي وتسهيل الخدمات الرقمية، وخلق إدارة مكلفة بتدبير الأوبئة، وتقسيم المدينة الى مناطق للأسواق والخدمات، والأسواق المحلية وتقوية، الروابط الاجتماعية. وهو تخطيط شمولي للتنمية الحضرية المستدامة، باعتبارها جزءا من برامج التنمية الاجتماعية الشاملة.

إن العالم يعيش اليوم ثورة بيئية حقيقية، بعد ثورة باستور ، وكما يشهد التاريخ، فقد أدت هذه الأزمات الصحية لصناعة التخطيط الحضري الصحي . فخلال الأزمات الوقائية الكبرى والمختلفة التي شهدتها البشرية، مثل الكوليرا، لم يكن الطب أنداك في مستوى مواجهة الوباء، وتم التفكير في خلق بدائل جديدة أكثر نفعا ونجاعة، تمثلت في التخطيط الجيد للمدن وخلق المساحات الخضراء، والاعتناء بالبحث العلمي والبيئة والتعليم، وبناء المستشفيات. وهي رؤية جديدة لتخطيط جديد للوصول إلى خدمات أساسية في غضون ربع ساعة من المنزل أو سيرا على الأقدام أو عبر الدراجة. وهو ما يستدعي الاستثمار أكثر في بنيات القرب مثل المدارس ومعاهد البحث العلمي والمعاهد الموسيقية والقاعات الرياضية، والتي يجب أنتكون لها وظائف متعددة أخرى بالإضافة إلى وظيفتها الأساسية.

إنها بتعبير مكيافيلي “حرب الجميع ضد الجميع”، من أجل صناعة مدن خضراء دامجة، تضمن المساواة والعدالة الاجتماعية بين السكان. وهو ما يستدعي تطوير التجارب الحضرية المحلية التي تسمح بمساحات العيش الأفضل الضامنة للتكيف بسهولة مع الأزمات التي تتكرر، والقادرة على توفير الأمن الصحي والغذائي.

خاتمة:

أظهر انتشار فيروس كورونا للجميع هشاشة معظم أنظمة دول العالم ومدنها الكبرى، حيث وجدت جل المدن نفسها غير جاهزة لمواجهة الجائحة، ولم تجد الحكومات أمامها سوى إجبار مواطنيها على الخضوع للحجر الصحي والبقاء في منازلهم لفترات غير محددة، وإيقاف جميع الأنشطة والتجمعات، وإغلاق المدارس والجامعات والمعامل، وإدارة التعليم والعمل عن بعد، وإقفال المعامل والشركات والحدود البحرية والجوية وطنيا ودوليا.

كما أجبرت هذه الجائحة العالمية المخططين الحضريين على إعادة التفكير في مفاهيم التفاوتات الاجتماعية والعدالة الاجتماعية و”المدن العادلة”، وتعزيز الحقوق الأساسية المتمثلة في التعليم والصحة والشغل والسكن، بالإضافة إلى قضية أزمة المناخ، وتلوث المدن، وبناء مدن مستقبلية وفقا لتخطيط عمراني يأخذ في تقديراته المخاطر والأزمات والتهديدات التي أفرزها فيروس كورونا.

وبناء على ما سبق، يمكن القول بأن وباء كورونا سيترك بصمات آثارها عميقة على مجتمعاتنا ومدننا في “عالم منفلت” ، يشهد تغيرات لا يمكن التنبؤ بها، وأن ثمة ضرورة لمراجعة كل أساليب التفكير القديمة لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين ظروف المعيشة اليومية بالمناطق الحضرية، ونهج “المدن الصحية” والتكنولوجية لتخفيف وطأة آثار تدهور البيئة وتغيير المناخ والإنصاف في مجال الصحة. وقد تكون رؤية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 في هدفها الحادي عشر، تأكيدا على أهمية جعل مدن المستقبل، مدن شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود والاستدامة، وهو ما يفترض أن يكون تخطيطها مراعيا للبعدين الصحي والتكنولوجي معا، من أجل تحقيق تلك الغايات، وإيجاد حلول مبتكرة للمساعدة على إقامة مدن تتمحور حول احتياجات الناس حيث يشارك المواطنون في التأثير في الكيفية التي يعيشون بها ويتفاعلون بها مع مجتمعهم المحلي.

ملحوظة: تجاوزت حصيلة الوفيات بفيروس كورونا حول العالم، بداية شهر يونيو 2020 ، حاجز 380 ألفا. وفي شهر نونبر الماضي، حصد فيروس كورونا أرواح أكثر من خمسة ملايين شخص عبر العالم.

*أستاذ التعليم العالي بجامعة مولاي إسماعيل، باحث في سوسيولوجيا المدينة والهجرة.

Share
  • Link copied
المقال التالي