Share
  • Link copied

تداعيات جائحة “كورونا” تهدّد نجاعة المقاربة المغربية لمعالجة ملفّ الهجرة السرية

تواصل السلطات المغربية مجهوداتها من أجل معالجة ملفّ الهجرة غير النظامية، التي تعتبر من أكبر الظواهر الاجتماعية ذات الأبعاد المتعددة التي تعانيها البلاد، والتي يتوقع العديد من المهتمين بها، أن تشهد ارتفاعاً بشكل كبير خلال الشهور المقبلة، بسبب التداعيات الجسيمة التي خلفتها أزمة كورونا على الوضعية المادية للمغاربة.

وتشير توقعات عدد من المهتمين بموضوع الهجرة السرية، إلى أن التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للعديد من الأسر المغربية، والتي أسفرت عن تعميق وضعية الهشاشة، ورفع نسبة الفقر، ستكون عاملأً أساسياً في رفع نسب الأشخاص المرشحين للهجرة غير النظامية في الفترة المقبلة.

وفي سياق الهجرة، شهدت مدينة الفنيدق، محاولة مجموعة من الشبان والمراهقين الوصول إلى مدينة سبتة المحتلة، سباحةً، وهو ما أسفر عن مصرع شخص واحد على الأقل، في واقعة اعتبرها العديد من المتابعين، تعبيراً صريحاً عن الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي وصلت إليها المدينة بعد إغلاق الحدود مع الثغر المحتل.

وتفاعل مجموعة من النشطاء الفيسبوكيين مع الواقعة، مطالبين الحكومة بالإسراع في إخراج الحلول إلى أرض الواقع، نظراً لما تعانيه المدينة وساكنتها من وضعية صعبة جراء تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية، والانعكاسات السلبية لإغلاق الحدود مع سبتة المحتلة التي كانت تعتبر مصدر رزق للآف من الأسر بشمال البلاد.

وعن الموضوع، كتب خالد العوني، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي: “إنها التراجيديا! أشد نظاهر البؤس إيلاماً! هي صور تسائل براديغم الاختيار العقلاني، وتبرز بالملموس فشل سياسات، شعارات، نماذج ووطن طارد لأبنائه وبناته”، مضيفاً: “وطن أصبح فيه الإنسان مغترباً عن شروط انبثاقه، ومقومات وجوده”.

واسترسل العوني في التدوينة ذاتها: “ليست الصور لشباب يهجر من الفنيدق نحو سبتة سباحة! بل لجحيم أصبحنا نفكر في الهروب منه برا، بحرا، جوا، وزحفا إن اقتضى الأمر ذلك. إنها التراجيديا المغربية بامتياز”، على حدّ تعبيره.

من جهته، قال الأكاديمي عبد الله صيباري، في تدوينة نشرها هو الآخر على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن “ما وقع اليوم في الفنيدق، مؤلم جداً، يسائلنا جميعاً، وما يزيد من إيلامنا الصمت العاجز للحكومة”، متابعاً: “كيف لشباب بيارق الأمل يصل بهم الإحباط إلى هذا المستوى؟؟؟”.

وأوضح الناشط “الفيسبوكي” محمد البلحاجي، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بموقع نفسه، أن “مخاطرة الشباب بالسباحة من مدينة الفنيدق إلى سبتة بالرغم من هيجان البحر، يعبر عن واقع نسبة من الشباب في وطننا، والحكومة تتغنى بالشعارات على مشارف الانتخابات”.

وأشار الإعلامي محمد المبارك، في تعليقه على الواقعة، إلى أنه اطلع على بعض المواقع المحلية في مدينة سبتة، حيث قالت “باللي الأشخاص اللي دخلو بالعومان، أغلبهم شباب وقاصرون”، مضيفاً: “السؤال اللي كيدور فراسي، واش العائلات ديالهم فراسهم هاد الشي خاصة بالنسبة للقاصرين. واش كيخليهم يمشيو أو ما كيكون فراسهم والو”.

وأردف المبارك في تدوينة على حسابه بموقع “فيسبوك”: “أبناء المنطقة، يعلمون جيدا أن الذهاب الى سبتة بهذه الطريقة كيكون فقط فاش البحر كيكون هائج والعاصفة، بحيث الحراسة ما كتكونش، لان القوارب براسها ما كتخرجش. ومع ذلك كاين اللي كيغامر ويمشي! “.

وشدد الإعلامي الآخر، المصطفى العسري، على أنه “لا يمكن أن تغلق على الناس.. دون أن تجد لهم البديل”، مسترسلاً في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي السالف الذكر، عنونها بـ”مأساة الفنيدق”، أنه “حتى القطة حرم الله علينا أن نغلق الباب عليها مثل ما فعلت تلك المرأة (لا هي أطعمتها، ولا ارسلتها تأكل).

وكان خالد الزروالي، مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية، قد كشف في يناير الماضي، خلال حلوله ضيفاً على قناة الغد، قد أكد أن المغرب يولي أهمية كبيرة لملف الهجرة، حيث أدرج في إطار مقاربة شاملة وإستراتيجية بالنظر إلى أبعاد الأمر الاقتصادية والأمنية والإنسانية، مشدداً على أن مقاربة المملكة لهذا الملف، تتعدى الأمنية.

وأوضح الزروالي أن الجهات المختصة تتشعل على عدة جوانب منها “السوشيال ميديا”، التي تعتبر من مؤججاً لرغبة الشباب في ركوب قوارب الهجرة غير النظامية، حيث يحاول المغرب تفنيد كل ما تروجه الشبكات الإجرامية التي تنشط في المجال، بالإضافة إلى الشق المتعلق بالهشاشة، التي تعد من الأسباب التي تدفع الشباب للهجرة.

وأشار المتحدث إلى أن المغرب أطلق مجموعة من المبادرات التي تحاول ما أمكن أن تعالج الأسباب التي تدفع الشباب لركوب هذه المغامرات، منبهاً في السياق نفسه، إلى أن الجانب الأمني من المقاربة، يرتكز على ركنين أساسيين، الأولى تتعلق بمراقبة الحدود للحد من التدفقات الهجرية سواء الوافدين أو النازحين، والثاني المراقبة الاستعلاماتية لتفكيك الشبكات الإجرامية.

ونوه الزروالي بالمقاربة التي ينهجها المغرب في هذا الملف، معتبراً أنها أفضت لمجموعة من الإنجاظات الإيجابية خلال العقد الأخير، حيث تمكنت المملكة من تقليص عدد المهاجرين الذين يصلون إلى الشواطئ الأوروبية بحوالي 93 في المائة، مع تمكن البلاد من تفادي توافد غير شرعي لمجموعة من المهاجرين.

وبالرغم من أن الأرقام تؤكد تمكن المقاربة التي ينهجها المغرب من تقليص عدد المهاجرين غير النظاميين المتوجهين إلى أوروبا، وتفكيك العشرات من شبكات الاتجار بالبشر، إلا أن العديد من الشبان ما زالوا يسعون جاهدين إلى الوصول لأوروبا عبر سواحل المملكة، خصوصاً بعد الأزمة الكبيرة التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا المستجد.

يشار إلى أن سنة 2020، شهدت تراجعاً ملحوظا في عدد المهاجرين الوافدين على أوروبا من حدودها البرية والبحرية، بواقع 90 ألفاً من يناير ولغاية شهر غشت، في الوقت الذي بلغ فيه الرقم خلال 2019 139 ألف، و2018؛ 145 ألف، و2017؛ 187 ألف، و2016؛ 400 ألف، فيما وصل عدد المهاجرين غير النظاميين خلال 2015 لأكثر من مليون شخص.

Share
  • Link copied
المقال التالي