Share
  • Link copied

تحقيق عبر قناة تلفزيونية يظهر كيف وجد جهاديو داعش ملاذا آمنا في ألمانيا

بَثَّت القناة التلفزيونية الفرنسية “M6” أخيراً، تحقيقا حول جهاديي داعش الذين تمكنوا من تسوية وضعيتهم القانونية دون أي مشكلة في أوروبا، وخاصة في ألمانيا.

وأظهر البرنامج الذي يحمل اسم “Enquête Exclusive” كيف تمكن جهاديو داعش من التسلل عبر الثغرات من خلال التظاهر بأنهم طالبو لجوء، وكيف انتهى بهم الأمر في الترحيب بأذرع مفتوحة وعرضهم ملاذاً آمناً في ألمانيا، بسبب التراخي الخطير للسلطات الألمانية.

وبينما هُزم تنظيم الدولة الإسلامية رسميًا في مارس 2019 بعد أن فقد آخر ملاجئه في سوريا والعراق، لا يزال الجلادين من التنظيم الإرهابي فارين.

ورافقت المجلة التليفزيونية التي تحمل عنوان “صيادو داعش: المطاردة الكبرى”، سوريين، ضحايا سابقين لداعش، يشنون مطاردة بلا رحمة لعناصر داعش ويتعقبون جلادي البغدادي.

واكتشف المحققون التلفزيونيون ورفاقهم السوريون الذين ساروا على مسار عناصر تنظيم الدولة الإسلامية المقيمين في ألمانيا، أن الدولة الأوروبية منحت حق اللجوء لعناصر داعش والإرهابيين سيئي السمعة.

وتمكن المحققون من تحديد شخصيتين شريرتين لداعش، استقرتا بشكل مريح في ألمانيا: وهما سمير، سيئ السمعة لمقاطع الفيديو التي يظهرها وهو يلعب برؤوس ضحاياه المقطوعة، ومجيد، ممول داعش.

صمت ألمانيا أمام الخطابات التحريضية

وحتى لو لم يتم ذكره في التقرير، فإن محمد حاجب، المغربي المعتقل سابقًا بتهمة الإرهاب، يستغل أيضًا هذا التسامح الألماني الغريب.

وحصل محمد حاجب، المغربي المقيم في ألمانيا على الجنسية الألمانية، ويواصل بث مقاطع الفيديو عبر قناته الخاصة به على “اليوتيوب” ونشر خطابات تحريضية تروج للإرهاب.

وكان حاجب قد بايع تنظيم الدولة الإسلامية وسُجن في المغرب لارتكابه أنشطة إرهابية بعد اعتقاله في باكستان، كما يثير نشاطه الجهادي، ودعواته للقيام بأعمال إرهابية لصالح داعش في المغرب أسئلة جادة حول المكانة التي يتمتع بها في ألمانيا.

وذكرت عدد من المصادر الإعلامية، أنه في كلتا الحالتين، قد يكون ثمن هذا التراخي مرتفعًا جدًا، سواء بالنسبة لألمانيا أو في البلدان الأخرى.

المتحولين الجدد

نبيل الزكاوي، الأستاذ المختص في القانون الدولي والسياسة الخارجية، اعتبر أنّ الأمر يتعلق  بظاهرة “المتحولين الجدد” من مقاتلين سابقين بتنظيم “داعش” استطاعوا التسلل كلاجئين إلى بعض الدول الأوربية كألمانيا.

وأضاف الزكاوي، في تصريح لجريدة “بناصا” أنه على خلاف الاتجاه القوي داخل أروبا الموسوم بالتعامل بنبرة أمنية مع اللاجئين بشكل عام، فقد ظلت ألمانيا تمثل اتجاها أقل تشددا يرجح التمسك الحذر بالقيم الأوربية.

وأوضح المتحدث ذاته، أن ألمانيا تستحضر النبرة الإنسانية في التعامل مع هؤلاء اللاجئين، وقد سبق للمستشارة أنجيلا ميركل أن قالت “نعلم أن حياتنا الحرة أقوى من الإرهابيين، دعونا نرد على الإرهابيين بأن نعيش قيمنا بشجاعة”.

وتبين الآن، يضيف الزكاوي، بأن من بين اللاجئين المتواجدين بالتراب الألماني لديهم سجل من الأعمال الإرهابية أو الأفكار المتطرفة، فذلك يعني مراجعة ألمانيا لسياستها الخارجية في مكافحة الإرهاب.

سياسات القوى الكبرى أدت إلى توسع دائرة الإرهاب

وأضاف الزكاوي، أنّ سياسات القوى الكبرى هي ما أدت سابقا إلى توسع الإرهاب أكثر من القضاء عليه، فمثلا بعض القادة الألمان ربطوا الأحداث الإرهابية التي شهدتها بعض الدول الأوربية بسياسات الهجرة التي تتبعها هذه الدول اتجاه اللاجئين.

ويرى الأستاذ المختص في القانون الدولي والسياسة الخارجية، أن مراجعة ألمانيا لسياستها اتجاه الإرهاب تأخذ بعين الاعتبار تراجع قوة تنظيم “داعش”، وكذا خفوت شعار “الحرب على الإرهاب”، وتساهلها مع المتطرفين المتحولين إلى لاجئين، لا يعني دعما ضمنيا للإرهاب.

ولفت الزكاوي، إلى أن هناك دول استقبلت مواطنيها العائدين من مناطق القتال، وألمانيا شكلت بالنسبة لبعضهم وجهة للعودة إلى غير أوطانهم في إطار ظاهرة “العائدون الأجانب”، مؤكدا أن دخولهم إلى ترابها لا يمكن إلا أن يكون محسوبا ومراقبا.

وتابع المصدر ذاته، أنه فضلا عن أنه يجسد تمسكها  بممارسة القيم والمبادئ التي قامت عليها، فإنه يخدم بحسب تقديرها رهان تمكين هؤلاء اللاجئين من استبدال البيئة الحاضنة للإرهاب بعد مغادرتهم لبؤر القتال بملاذ آمن ومستقر، وهو ما يمكن أن يساهم في تآكل التنظيم الذي جندهم وتقوى بهم.

وأشار نبيل الزكاوي، إلى أنه كان بإمكان ألمانيا احتجاز هؤلاء بعد ضبطهم على ترابتها علما أن هذا الخيار هو الأسهل، إلا أنه في نفس الوقت ينطوي على خطر نشر المتطرفين لأفكارهم بين السجناء واحتمال تشكيل خلايا إرهابية جديدة يمكن الاعتماد عليها بعد الخروج.

وأكمل الزكاوي تصريحه قائلا: إن “محدودية الخيارات خاصة في ظل حضور البعد الهجروي في القضية، جعل ألمانيا تستبعد هذا الخيار، ومع ذلك فإعادة تأهيل اللاجئين المتطرفين فكريا واجتماعيا تظل غاية في الصعوبة ما دام أنهم يجمعون بين التشدد الفكري والسوابق الإجرامية”.

Share
  • Link copied
المقال التالي