بعد القرار التاريخي الذي اتخذته الحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز، بخصوص تأييد مبادرة الحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء، وجدت الجزائر، التي تحركت سريعا لاستدعاء سفيرها لدى الجارة الشمالية للتشاور، نفسها في ورطة كبيرة، بالنظر إلى الوزن السياسي الذي تمثله مدريد بالنسبة للنزاع المفتعل.
وسلط موقع “publico” الإسباني، الضوء على ارتدادات التغير الحاصل في موقف إسبانيا بشأن نزاع الصحراء، الذي اعتبره “منعطفا تاريخيا”، والذي منح مدريد صداقة المغرب، غير أنه في المقابل، صنع لها عداء من البوليساريو والجزائر، الشريك الذي يعد المورد الرئيسي للغاز الذي تستورده إسبانيا، والتي اتصلت بسفيرها، بالفعل، للتشاور.
وأضاف أن الموقف الجديد لإسبانيا، أثار استغراب ودهشة الجزائر، التي أعربت عن صدمتها بعدها، وقررت استدعاء سفيرها للتشاور، متابعاً أن الحكومة الإسبانية، أكدت، بعد إعلان قرارها الجديد، أن الجزائر، “شريك استراتيجي وأولوي وموثوق”، كما شددت على أنها ترغب في “الحفاظ على علاقة مميزة معه”.
ومع ذلك، يضيف المصدر، لن يكون من السهل على إسبانيا الحفاظ على تلك العلاقة المميزة مع الجزائر، التي كانت على خلاف مع المغرب منذ عقود، قبل أن تتفاقم في الأشهر الماضية، مع وقوع حوادث مختلفة على جانبي الحدود المشتركة. مبرزاً أن البلدين عززا ترسانتهما العسكرية لسنوات، ونفذا مناورات لإظهار قدراتهما الهجومية للآخر.
ونبهت إلى أن هذا التوتر كان كبيرا، لدرجة أن الجزائر قطعت العلاقات الدبلوماسية مع الرباط في غشت الماضي، وفي نوفمبر قامت بإغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي الذي كان يضخ الغاز إلى شبه الجزيرة الإيبيرية عبر المغرب، مع ضمانها توصل إسبانيا بحصتها من الغاز عبر خط البحر الأبيض المتوسط، والسفن.
وأشارت إلى أنه، على الرغم من تأكيد عبد المجيد تبون، رئيس الجزائر، في اتصال مع بيدرو سانشيز، في الـ 6 من مارس الجاري، بأن بلاده مستعدة لضمان إمدادات الغاز لإسبانيا، وأنها شريك يمكن الاعتماد عليه، إلا أن موقف حكومة مدريد الجديد من الصحراء، يمكن أن يغير الأمور، ومن غير المعروف ما قد تفعله الجزائر الآن، ولا ينبغي استبعاد الضغط بورقة الطاقة.
وفي سياق متّصل، يرى مراقبون، أن إشهار الجزائر لورقة الطاقة في وجه إسبانيا، في ظل الأزمة الأوكرانية الحالية وانعاكاستها السلبية على الدول، سيضعها في مواجهة، ليس مدريد فقط، ولكن الاتحاد الأوروبي ككل، بالنظر إلى معاناة القارة العجوز من مشكل الطاقة، كما أن الزجّ بهذه الورقة، سيظهر الجزائر على أنه بلد غير موثوق.
وباستبعاد ورقة الغاز، التي يمكن أن تجرّ على الجزائر إدانة دولية، ومشكلة مع الاتحاد الأوروبي، فإن الخيار الذي سيبقى أمام سلطات قصر المرادية، هو القطيعة الدبلوماسية، وهو الأمر الذي يعتقد العديد من المحللين أنه لن يؤثر في إسبانيا، ولا على قرارها السيادي المتخذ، كما أن توقيف التعاون في المجالات الأخرى غير مجدٍ بالنظر إلى أن جميع القطاعات الأخرى تميل فيها الكفة لمدريد.
تعليقات الزوار ( 0 )