مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تعيش الجالية المغربية المقيمة بالولايات المتحدة الأمريكية حالة من الترقب والاشتياق لهذا الشهر الفضيل، حيث تسود أجواء روحانية متميزة تعكس تشبث المغاربة بتقاليدهم وهويتهم الإسلامية رغم بعدهم عن الوطن.
التحضيرات تبدأ مبكراً
وتحرص الأسر المغربية في أمريكا على الاستعداد المبكر لرمضان من خلال توفير المواد الغذائية الأساسية التي تميز المائدة المغربية، مثل التمر، و”الشباكية” و”البغرير” و”المسمن”.
وفي هذا السياق، يقول أحمد الإدريسي، المقيم في نيوجيرسي، في حديث مع جريدة بناصا: “نبدأ في شراء مستلزمات رمضان قبل أسابيع لتجنب الازدحام في المحلات العربية، خاصة أن بعض المنتجات المغربية تكون نادرة وبأسعار مرتفعة خلال هذه الفترة”.
أجواء روحانية رغم البعد
ورغم البعد عن الوطن، فإن المغاربة في المهجر يسعون جاهدين للحفاظ على الأجواء الروحانية التي تميز الشهر الفضيل، من خلال أداء صلاة التراويح في المساجد والمراكز الإسلامية، والتي تتحول إلى فضاءات تجمع المغاربة وغيرهم من الجاليات المسلمة.
وفي هذا الصدد، يقول محمد بنعيسى، المقيم في ولاية كاليفورنيا: “أحاول أن أحافظ على صلاة التراويح في المسجد مع أصدقائي المغاربة، فهذا يجعلني أشعر وكأنني في المغرب، خاصة عندما نسمع القرآن بصوت مقرئين مغاربة”.
موائد الإفطار الجماعي.. دفء العائلة المصغرة
ولأن شهر رمضان فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية، ينظم المغاربة في أمريكا إفطارات جماعية داخل البيوت أو في المساجد، حيث يلتقي الأصدقاء والعائلات لمشاركة أجواء الإفطار المغربي التقليدي، المكون من “الحريرة”، و”البريوات”، و”السفوف”، وغيرها من الأطباق التي تعيدهم إلى أجواء رمضان في المغرب.
وتقول فاطمة الزهراء الوافي، ربة بيت في ولاية تكساس: “نحاول تعويض غياب العائلة بتنظيم إفطارات جماعية، حيث نجتمع ونتعاون في إعداد المأكولات المغربية، وهذا يخفف عنا شعور الغربة”.
تحديات ومواقف طريفة
ورغم الحرص على الحفاظ على الأجواء الرمضانية، يواجه مغاربة المهجر تحديات عدة، أبرزها ساعات الصيام الطويلة في بعض الولايات الأمريكية، خاصة في الصيف، وصعوبة التوفيق بين العمل والصيام.
كما أن بعض المواقف الطريفة تحدث عند محاولة شرح بعض العادات الرمضانية للأمريكيين. في هذا الإطار، يروي يوسف العلوي، المقيم في نيويورك: “زميلي الأمريكي تفاجأ عندما أخبرته أننا نصوم حتى غروب الشمس، فسألني: “حتى عن الماء؟”وعندما أجبته بنعم، لم يصدق الأمر وقال إنه تحدٍّ كبير”.
رمضان.. فرصة لتعزيز الهوية
ورغم كل التحديات، يظل رمضان بالنسبة لمغاربة المهجر فرصة لتعزيز هويتهم الإسلامية والمغربية، وترسيخ قيم التضامن والتكافل، خاصة من خلال الأنشطة الخيرية التي ينظمها بعض المغاربة لمساعدة المحتاجين من مختلف الجنسيات.
ويؤكد الحاج مصطفى، أحد المشرفين على جمعية إسلامية في شيكاغو: “رمضان ليس فقط صياماً وإفطاراً، بل هو أيضاً فرصة لنشر روح الخير، ولذلك نقوم بتوزيع وجبات إفطار مجانية على المحتاجين، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين”.
ويستعد مغاربة المهجر في أمريكا لاستقبال رمضان بروح تملؤها الحنين إلى الوطن، لكنهم يحاولون، بكل الطرق، خلق أجواء قريبة من تلك التي تركوها وراءهم، ليبقى الشهر الفضيل مناسبة تجمعهم رغم بُعد المسافات.
تعليقات الزوار ( 0 )