شارك المقال
  • تم النسخ

بين الجزائر وإسبانيا.. لماذا قبلت مدريد يد المغرب الممدودة ورفضها “المرادية”؟

في الوقت الذي قبلت فيه إسبانيا، يد المغرب الممدودة، وأكدت رغبتها في تعزيز العلاقات الثنائية وتجاوز جميع المشاكل بين البلدين، رفضت الجارة الشرقية الأمر، وهاجمت المملكة، معتبرةً أنها تواصل “اعتداءاتها المتكررة” ومتهمةً إياها بدعم وتمويل حركة رشاد، و”الماك”، اللتين تصنفهما على أنهما إرهابيتين.

وتساءل العديد من المتابعين عن السبب الذي يجعل دولة تشترك مع المغرب اللغة والثقافة والتاريخ والدين، ترفض اليد الممدودة، وتواصل نهج سياسة العداء المتواصل للمملكة، في مقابل ترحيب الجارة الشمالية، المختلفة لغويا وثقافيا ودينيا، بالخطاب الملكي الذي أعلن عن تجاوز الأزمة، وبدء مرحلة غير مسبوقة من العلاقات الثنائية.

هناك فرق بين دولة لها تاريخ وأخرى صنعت بمرسوم فرنسي

وعن الموضوع، قال عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، إنه لا مجال للمقارنة بين الجزائر وإسبانيا، لأن الجار الأول “يحكمه مجموعة من العسكريين الحمقى الذين لا زالوا يعيشون في حقبة الستينيات، والجار الثاني عاقل”، مضيفاً أن “كل التوقعات كانت تشير إلى أن العلاقات المغربية الإسبانية ستعود لطبيعتها لأن الأمر يتعلق بأزمة عابرة”.

وقال اسليمي في تصريح لجريدة “بناصا”، إن إسبانيا “دولة لها تاريخ وقرون من الماضي في التعامل مع دولة الأمة المغربية، بينما الجزائر دولة عسكرية صنعتها فرنسا بمرسوم وهي العقدة التي تلازمها منذ ولادتها”، لذلك، حسبه: “كان من الطبيعي لأسباب تاريخية وحسابات مصالح استراتيجية وسياسية واقتصادية أن تلتقط إسبانيا بسرعة الإشارة المغربية بتجاوز الأزمة ودفع العلاقات نحو مستقبل أفضل من قبل”.

وفي مقابل ذلك، يوضح المتحدث: “لاحظنا كيف عاد كابرانات الجزائر 58 سنة إلى الوراء، للبحث عن مبررات واهية لاتهام المغرب وقطع العلاقات الدبلوماسية معه”، مسترسلاً: “إسبانيا جار عاقل يشتغل بمقاربة الاختيار العقلاني والمصالح في العلاقات الثنائية مع المغرب، بينما اختار النظام العسكري القطيعة دون الانتباه إلى أنه لعب آخر ورقة قبل بداية احتراقه في قتال داخلي بين العسكريين والشعب المطالب بدولة مدنية”.

وتابع اسليمي: “يبدو أن حكام الجزائر توفيق مدين وخالد نزار وشنقريحة، والناطق باسمهم رمطان لعمامرة، وصلوا بالنظام العسكري إلى نهايته، ولعب ورقة العداء المباشر للمغرب وهي مؤشر على أن النظام العسكري الجزائري، حرق آخر ورقة كان يستعملها لاحتواء الأزمة الداخلية، ويبدو بوضوح أن لعمامرة وهو يتلو بيان العسكر ضد المغرب لم يستطع إقناع حتى صحافته التي ذهبت تسأل عن مالي وتونس والساحل، فكيف له أن يقنع الجزائريين الذين يستعدون للعودة الى الحراك؟”.

فرق كبير بين نظام حكم في إسبانيا ونظام تحكم بالجزائر

ومن جهته، شدد محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، على أن هناك فرقا كبيراً بين “نظام الحكم في إسبانيا، ونظام التحكم في الجزائر”، موضحاً أن “النظام الذي يدير شؤون الإسبان يقوم على مبادئ ديمقراطية في تدبير شؤون المواطنين الإسبان، وعلى المقاربة بالنتيجة في تقييم تدخلاتهم، مما يعكس تشبع الحكومة الإسبانية بحس براغماتي نفعي في قياس وتقدير الأمور أي منطق رابح رابح”.

وأردف أستاذ العلوم السياسية، في تصريح لجريدة “بناصا”: “بينما الحكم في الجزائر يلعب فيه العسكر محور التحكم ولا يدخل في حسابات عقيدته السياسية قياس الأمور بمنطق براغماتي، بل العقيدة تقوم على ردود الأفعال وإثبات الذات كسلوك محدد في قياس الأمور وتقديرها، مما يحبس منطق التفكير فيما هو قصير المدى”.

ونبه المتخصص في العلاقات الدولية، إلى أن “المملكة المغربية من خلال سياق حديثنا تعاملت بمنطق راعى ما يؤطر المدى المتوسط والبعيد، لتحقيق آمال الشعوب التي تجمع بينها روابط الجيران، فالدعوة المغربية استوعبها من يعي جيدا مصالحه الاستراتيجية من خلال خير الجميع وليس العكس”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي