وصف جوزيب بوريل الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، الجزائر بالشريك الموثوق في مجال الطاقة والذي أثبت نفسه في هذا “الظرف الحساس”، بفعل تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
وقال بوريل الذي يزور الجزائر، في حوار له مع جريدة “الخبر” الجزائرية، إن “الجزائر شريك رئيسي للاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة”، وهي بوصفها موردا موثوقا للغاز الطبيعي، فإنها تلعب، حسبه، “دورًا مهمًا للغاية في تأمين إمدادات الطاقة الأوروبية في لحظة نعتبرها حاسمة، وهو ما يشعرنا بالامتنان”.
وأبرز الممثل السامي، أن الاتحاد الأوربي، “يرغب في تعزيز وتعميق هذه الشراكة ذات المنفعة المتبادلة من خلال العمل معًا لمواجهة التحدي المزدوج للأمن الطاقوي واستدامة الموارد الطاقوية”، مبديا الاستعداد لتكثيف التعاون الأوروبي الجزائري من أجل تسهيل الاستثمارات في هذا المجال الاستراتيجي.
وبخصوص عدم مساهمة الاتحاد في مشروع الربط الغازي بين الجزائر ونيجيريا، قال بوريل “نريد أيضًا أن نضع شراكتنا مع الجزائر في منظور طويل الأمد. يجب أن تخدم الاستثمارات الأوروبية في مشاريع البنية التحتية الجديدة هدف التحول الطاقوي، لأن الاتحاد الأوروبي يريد تحقيق “حياد الكربون” على النحو المتفق عليه في مؤتمر باريس. لذلك، يركز الدعم المالي للاتحاد الأوروبي على الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والهيدروجين”.
وأشار إلى أن الجزائر تتمتع بإمكانيات ممتازة في هذه المجالات، والتي لا تزال قليلة الاستغلال، مؤكدا استعداد أوروبا لتعبئة التكنولوجيا ورأس المال لدعم تنميتها في الجزائر.
وعاد بوريل إلى تداعيات الأزمة الجزائرية الإسبانية، على خلفية تحول موقف مدريد من القضية الصحراوية، معترفا بوجود تعطيل لانعقاد مجلس الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوربي بفعل هذا الخلاف.
وكانت الجزائر على لسان مسؤول سام في الخارجية، قد انتقدت التصرف الإسباني المعطل لعقد اجتماع مجلس الشراكة باستغلال قاعدة الإجماع التي يسير بها الاتحاد الأوربي، وأكدت أن ذلك لا يخدم اتفاق الشراكة بين الطرفين.
وأعرب المسؤول الأوربي عن أمله في التوصل لحل قريب بين الجزائر وإسبانيا، لأن “هذا الانسداد ليس في صالح الطرفين”، منتقدا بشكل ناعم الجزائر بالقول: “نأسف للعقبات الجادة التي فرضتها الجزائر منذ يونيو 2022 على التجارة مع إسبانيا، باستثناء الغاز. هذا الانسداد ضار جدًا بتنفيذ اتفاقية الشراكة ولا يخدم مصلحة أحد. أنا مقتنع بأن الحل ممكن، ويجب أن نعمل معًا لإيجاده بسرعة، من أجل مصلحتنا المشتركة، للتغلب على العوائق القائمة وإزالة أي عقبة أمام تبادلاتنا”.
من جانب آخر، لم يبد بوريل حماسا كبيرا للمطلب الجزائري بمراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوربي، مشيرا إلى أن “هذا الاتفاق يبقى حجر الزاوية في شراكة يريد الاتحاد الأوروبي أن تكون صلبة واستراتيجية، مع جار مهم للغاية بالنسبة لنا”.
وأضاف أن “هذه الاتفاقية تحوي على العناصر الضرورية سواء كانت القانونية أو المؤسسية، لتحقيق أهدافنا المشتركة بما يتوافق مع مصالح الطرفين”.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قبل أكثر من سنة قد انتقد بشدة اتفاق الشراكة بين بلاده والاتحاد الأوربي داعيا الحكومة لمراجعته بندا بندا مع الشريك الأوربي، إلا أن هذه المفاوضات لم تنطلق، نظرا لعدم حماس الطرف الأوربي لذلك. ومن المآخذ، على هذه الاتفاقية، أنها كانت في صالح الاتحاد الأوربي الذي حول الجزائر إلى سوق لسلعه في مقابل عجز جزائري عن التصدير للدول الأوربية خارج مجالات الطاقة.
وفي الملف الروسي الأوكراني، دعا بوريل للضغط على روسيا لتمديد مبادرة نقل الحبوب في البحر الأسود التي تنتهي في 18 مارس، مشيرا إلى أن “الاستخدام العسكري للطاقة والحبوب من قبل روسيا أدى إلى إفقار العديد من البلدان النامية وتهديد سكانها”، مطالبا بالعمل على الحد من تداعيات هذه الحرب على الأمن الغذائي.
وتتضمن زيارة الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، الأولى من نوعها للجزائر، مباحثات مع كبار المسؤولين في البلاد، في مقدمتهم عبد المجيد تبون ورئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمن ووزير الخارجية رمطان لعمامرة. وتأتي هذه الزيارة، بعد أشهر قليلة من قدوم رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في سبتمبر 2022.
وبحسب بيان للجهاز الخارجي للمفوضية الأوربية، فإن هذه الاجتماعات ستتيح مناقشة القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك على وجه الخصوص الوضع في منطقة الساحل والتحديات المشتركة في السياق العالمي الحالي في أعقاب “العدوان الروسي على أوكرانيا”.
(القدس العربي)
تعليقات الزوار ( 0 )