Share
  • Link copied

بهدف التمكين السياسي للمواطن.. حركة “معا” تقدم ملاحظاتها لمشروع قانون المالية

قامت حركة “معا” بتقديم ملاحظاتها وقراءاتها مشروع قانون المالية 2022، تنزيلا “لورشها المفتوح منذ تنصيب الحكومة “التزموا معنا”، ورصدت في بلاغ لها، مجموعة من الملاحظات “بعد ورشات متتالية لخبراء الحركة”.

وأكدت الحركة أن مشروع قانون المالية برسم سنة 2022 يأتي في سياق اقتصادي خاص مرتبط باستمرار آثار جائحة كوفيد 19 في التأثير في سير القطاعات الاقتصادية، رغم بوادر الانفراج التي تجسدها نسبة النمو المتوقع لسنة 2021 البالغة 6.2%، والمرتبط أساسا بالإنتاج الفلاحي القياسي الذي بلغ 103 مليون قنطار في سنة فلاحية استثنائية. وفي سياق آخر، يتم اعتماد هذا المشروع بتزامن مع تنزيل الإجراءات الأولى للبرنامج الحكومي الجديد والإعلان عن دخول النموذج التنموي الجديد حيز التنفيذ والمرتبط بمحاولة إعادة هيكلة منظومتي التكوين والإنتاج.

وسجلت الجهة عينها أن الميزانية المرصودة للاستثمار العمومي تؤشر على انتهاج سياسة مالية توسعية خالفت الدعوات إلى انتهاج سياسة تقشفية، مشيدة بفتح ورش التغطية الاجتماعية المعممة خلال السنة القادمة في أفق استكمال البرنامج المرحلي سنة 2025، وكذلك بالإجراءات الاجتماعية من خلال الرفع من ميزانيتي قطاعي التعليم والصحة ب 9 ملايير درهم برسم السنة المقبلة.

وتساءلت عن الجدوى الاقتصادية لهذه الاجراءات وتأثيرها على مستوى النمو الاقتصادي إمكانية تنزيلها مع مستوى نمو متوقع يصل إلى 3.2% والذي بالكاد سيعيد الاقتصاد الوطني إلى مستوى سنة 2019 ما قبل الجائحة.

وسجلت الحركة إشكالا بنيويا للاقتصاد المغربي والمرتبط بمستويات الاستثمار والنمو المترتب عنه، حيث يتعدى معدل الاستثمار بالنسبة للناتج الداخلي الخام 30%، بنسب نمو متوسط لا تتعدى 3.5% كما أسلفنا، بينما تأثيره في بلدان أخرى صاعدة كتركيا والفيتنام والتايلاند وماليزيا… يتعدى 5.5% إلى 6% كنسب نمو سنوية، رغم أن معدلات الاستثمار فيها لا تتعدى 25%.

كما رصدت أن الجهد الاستثماري مركز في القطاع العام بنسبة تتعدى 60%، مع يصاحب ذلك من إشكالات مرتبطة بالأثر الاقتصادي وتوفير بيئة مساعدة على استشراء الفساد وصعوبة آليات المراقبة وعدم تنزيل المشاريع (نسبة إنجاز ميزانية الاستثمار العمومي لا تتعدى 75%). هذه النسبة (60%) تبقى جد مرتفعة بالمقارنة مع معدل 15% المسجل في الدول السابق ذكرها.

من جهة أخرى تساءلت الحركة عن الكيفية التي سيتم بها  125 ألف منصب شغل خلال السنة القادمة،  بنسبة النمو المعلنة أي أن كل نقطة نمو تخلق أزيد من 39 ألف منصب شغل، علما أن المعدل الحالي لا يتعدى 25 ألف منصب شغل لكل نقطة نمو؟ ثم كيف يمكن تحقيق رقم مليون منصب شغل الذي أعلن عنه في البرنامج الحكومي خلال 5 سنوات أي بمعدل 200 ألف منصب، الذي يفوق الرقم المعلن عنه ب 75 ألف منصب.

وأبرزت الحركة أن الحكومة تستمر في سياسية التوظيف الجهوي دونما تأطير قانوني مناسب بخلق 17 ألف منصب في قطاع التعليم يتم تمويلها من نفقات المعدات، مما يتناقض مع البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، ويؤجل الحسم في ملف يتخذ شكل كرة ثلج تتضخم في قطاع حيوي يخوض رهان الإصلاح بتنزيل مضامين القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين.

وشددت الحركة، في بلاغ لها، على أن مشروع المالية 2022 بنى توقعاته على أساس معدل تضخم يصل إلى 1.2%، وهو معدل مرتفع عن السنوات الماضية بسبب ارتفاع الأسعار في أسواق المواد الأولية العالمية.

وترجع هذه النسبة المتحكم فيها بالأساس إلى اعتماد المغرب سياسة دعم أسعار غاز البوتان التي ارتفعت بأكثر من 300%، وبلغ مستوى نفقات المقاصة المرتبطة به 2.2% من مجموع النفقات العمومية، متسائلة “عن المستفيدين من هذا الدعم وعن نسبة الاستهلاك المنزلي من مجموع الوطني الذي يعد من أكبر الاستهلاكات على الرغم من كوننا دولة تستورد كل حاجياتها من الغاز.
وأوضحت أن الإجراءات المنصوص عليها في مشروع قانون 2022 تبقى محتشمة بخصوص دعم القدرة الشرائية للمواطنين، مشيرة إلى  تصاعد أصوات الاحتجاجات بخصوص الزيادات الأخيرة التي شهدتها مجموعة من المواد الأساسية كالقمح والزيوت النباتية والمواد الأولية

وفي هذا السياق أضاف البلاغ أن الحركة كانت تتوقع من الحكومة تقديم مقترحات لمراجعة الضريبة على القيمة المضافة وحقوق الجمارك والضريبة الداخلية على الاستهلاك لمواجهة تبعات التضخم المستورد وحماية القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة وتخفيف كلفة الإنتاج للمقاولات المغربية والرفع من تنافسيتها”.

ودعا البلاغ الحكومة المغربية إلى سياسة استباقية توقعية للارتفاع المستمر للأسعار في أسواق المواد الأولية، والتي تؤشر التوقعات على استمرار موجة التضخم في الانتشار كإحدى تبعات ارتفاع الطلب واسترجاع النشاط الاقتصادي لمستوياته السابقة وارتفاع تكاليف النقل واللوجستيك والعودة التدريجية لوحدات الإنتاج… ويشكل الاستثمار في المشتقات المالية أحد أنجع السبل للحماية من تقلبات السوق الدولية، والتي تتيح تأمينا مستقبليا للاقتصاد الوطني.

وسجل المصدر ذاته أن نص المشروع  جاء بإجراءات ضريبية جديدة سترفع مستوى المداخيل الضريبية من 201 مليار درهم برسم 2021 إلى 231 مليار درهم برسم سنة 2022 تمثل الضرائب غير المباشرة نسبة 42.8%، وهو مؤشر غير سليم لتقييم مبدأ العدالة الضريبية.

 مؤكدا أنه  على إجراءات تثير الكثير من التساؤلات حول جدواها الاقتصادية وتأثيرها على نسبة تغطية المداخيل الضريبية للمصاريف العامة التي لا تتعدى 65%، من قبيل فرض ضريبة الاستهلاك الداخلية على التجهيزات المنزلية من فئة استهلاك الطاقة باء B فما تحت، والتي لا نعلم حجمها السنوي ولا قيمة المبيعات المرتبطة بها، علما أن هذه النوعية من الأدوات المنزلية تستهدف الطبقة الاجتماعية الهشة والفقيرة لانخفاض أثمنتها مقارنة مع الفئة ألف A.
وبخصوص الضريبة على الشركات، أوضحت الحركة أن الحكومة تخلت عن قرار التضريب التصاعدي لصالح التضريب التناسبي مما نعتبره في حركة معا قرارا مجحفا ويشجع على التهرب الضريبي، ويكبح تطور بنية الشركات من مقاولات متوسطة الحجم إلى مقاولات كبرى. في المقابل، لا نجد في نص المشروع إجراءات فعالة لتوسيع قاعدة الخاضعين للضريبة على الدخل في أفق إدماج القطاع غير المهيكلة، وفي نسق استمرارية الترافع على مبدأ العدالة الضريبية.

واقترحت الحركة إعادة توزيع معدلات الضريبة على الدخل لملاءمة قيمة الضريبة مع فئات الدخل، وتنزيل مبدأ العدالة الضريبية الأفقية، تهدف هذه العملية إلى توسيع فئة المداخيل المعفاة إلى 50 ألف درهما سنويا (تخضع هذه الفئة حاليا لمعدل ضريبة 10%)، وتوسيع الوعاء الضريبي ليشمل فئات من المنتفعين من الاقتصاد الريعي كشكل أولي لمحاربته، في أفق القضاء عليه بشكل نهائي.


وقدمت مقترحا  بإدخال مفهوم “المنزل الضريبي” في النظام الضريبي المغربي، مع الأخذ بعين الاعتبار عدد الأطفال (إضافة للأصول المكفولين من أبنائهم) في احتساب الضريبة على الدخل،  وضمان الحياد المطلق للضريبة على القيمة المضافة انسجاما مع المبدأ المؤسس لها، وكخطوة أولية، تحديد معدلات الضريبة في النسب التالية %0، %10 و %20، و الانتقال فيما بعد لتطبيق معدلين: %0 للمنتوجات الأساسية، ومعدل يتراوح بين %15 و %20 لباقي المنتوجات.
وإلغاء الضريبة على الاستثمارات (معدل 0%) من أجل تحفيز مقاولات القطاع الخاص على تجديد تجهيزاتها الإنتاجية، إضافة إلى  تعميم الاستفادة من الحق في استرجاع الدين من الضريبة على القيمة المضافة، و إطلاق دراسة لتقييم تأثير وضع نظام ضريبي فلاحي، وخصوصا العناصر المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة الفلاحية (خلق توازن بين مدخلات ومخرجات القطاع).

 و إشراك الضريبة على القيمة‎ ‎المضافة في المجهود الوطني للتضامن، من خلال تخصيص جزء من مداخيلها في تمويل التغطية الاجتماعية. وإذا كانت منظومة ‏التغطية الاجتماعية الحالية تعتمد بشكل كلي في ‏تمويلها على اقتطاعات المشغلين والأجراء، فإن كل ‏اقتطاع إضافي من شأنه أن يرفع كلفة التشغيل و ‏بالتالي التأثير السلبي على تنافسية المقاولات. و ‏نشير في هذا السياق، أن عملية التمويل لا تعني ‏المساس بمبدإ حياد الضريبة على القيمة المضافة‎. ‎
وبخصوص الضريبة على الشركات، اقترحت الحركة تطبيق نفس معدلات الضريبة على ضريبتي الدخل والشركات تطبيقا لمبدأ تساوي الضريبة على المداخيل المتساوية مهما كانت مصادرها، وإدخال مفهوم المجموعات الاقتصادية في النظام الجبائي المغربي، وإعفاء العمليات داخل المجموعة التي تتم دون تدفقات نقدية، مع إمكانية اعتماد مفهوم التكامل الضريبي للمجموعات المصنفة شركات ذات إشهاد بسلامة تعاملاتها الضريبية مع إدارة الضرائب.

 وإلغاء الحد الأدنى للمساهمة والتي تؤدى حتى في حالة الخسارة، بما أنها خرق لمبدأ ربط الضريبة بخلق الثروة، ومراجعة شاملة للإعفاءات الضريبية ودراسة مدى تأثيرها الإيجابي على خلق فرص الشغل، وربطها بالاستثمار في البحث العلمي والتجديد للرفع من تنافسية الاقتصاد المغربي ودعم القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.

واقترحت تصحيح نواقص الضريبة المحلية لتجاوز التعقيدات والصعوبات المرصودة في تشريعاتها، من خلال إقرار نظام خاص جديد يمكن من جعل الضريبة المحلية رافعة حقيقية للتنمية الجهوية وتعديل الإطار القانوني للضرائب المحلية (قانون رقم 47-06) من أجل تجميع الضرائب المحلية والوطنية،و إلغاء مجموعة من الضرائب ذات الأثر المحدود في تمويل الجماعات المحلية، واستبدالها بضريبتين ترتبط الأولى بالسكن، والثانية بالأنشطة الاقتصادية، وإلغاء “الضريبة المهنية” المحتسبة على الاستثمارات، وتعويضها ب “مساهمة على القيمة المضافة الترابية”. تتشكل الضريبة الجديدة من رسوم/مساهمة محتسبة على أساس عقارات المقاولات، ومن رسوم/مساهمة على أساس القيمة المضافة المنتَجة (مع ضرورة تحديد عتبة دنيا)، ونشر بيانات حسابات للجماعات المحلية، مع ضرورة اللجوء المنتظم للمدققين المحساباتيين للتصديق على التقارير، لأن إعادة هيكلة الضرائب المحلية مرتبط بتحسين حكامة الجماعات الترابية.

وسجل البلاغ أن مشروع قانون المالية 2022 يفتقر إلى إجراءات تحفيزية لمواجهة المشاكل الهيكلية لقطاع الأعمال والاستثمار الخصوصي، مشيرا إلى أن أحد أكبر المعيقات للقطاع المغربي التي تم التغاضي عن اتخاذ إجراءات فيها كلفة اللوجستيك التي تمثل ما يعادل 20% من الناتج الداخلي الخام، وهو رقم مرتفع عن المعدل المعياري الذي يتراوح بين 12 و15%، مما يفقدنا ما بين 0.5 إلى 0.7% نقطة في النمو الاقتصادي.

وأردف  أن إحدى الأولويات التي نقدر في حركة معا أنها ضرورية لضمان جذب الاستثمارات والرفع من الإنتاجية مراجعة أسعار العقار الموجه للبنيات الصناعية والذي يماثل نظيره في دول إسبانيا والبرتغال مع الفارق الكبير في مستويات الكفاءات البشرية بين المغرب والبلدين الإيبيريين.

كما تنضاف مصاريف العبور بين ضفتي مضيق جبل طارق وارتفاع كلفات الشحن والتخزين في الموانئ المغربية إلى المؤشرات السلبية، وفي نفس الإطار، يضيف البلاغ  يطرح مشكل التنزيل الفعلي لمقتضيات القانون 13.09 المرتبط بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية للتيار العالي والمتوسط.

 حيث يقتصر الإنتاج الحالي على الوحدات التي تستعمل التيار العالي، بينما توضع عراقيل لوجيستيكية على الوحدات التي تحتاج لتيار متوسط التوتر وهذا ما يحد من تنافسيتها الدولية نظرا لكلفة الطاقة المرتفعة في المغرب.

وأكدت الحركة أن ممارستها لهذا التمرين الديمقراطي تنزيل لمبدئها الأساسي “التمكين السياسي للمواطن المغربي”، وأنها ستظل حركة فاعلة منفتحة لمناقشة قضايا الشأن العام وفق مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين باعتماد تثمين المبادرات الإيجابية ونقد السلبي منها واقتراح إجراءات لتجويد السياسات العمومية.

Share
  • Link copied
المقال التالي