تميز الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب لهذه السنة بالحديث عن أزمة وباء كوفيد 19، وكان اللافت أنه خطاب متميز من حيث الشكل والمحتوى مما يثير تساؤلات عديدة لمحاولة فهمه بشكل جيد ومعمق.
في هذا الصدد وفي اتصال مع إدريس بنيعقوب الباحث في العلوم السياسية في مادة التواصل السياسي، صرح المتحدث أن “هذا الخطاب يعتبر هو نوع من التواصل البيداغوجي الذي يراهن على تغيير السلوك نحو الأفضل عن طريق التوعية والتحذير وأيضا عن طريق إبراز مشاعر خيبة الأمل، وهو خطاب مختلف من حيث النوع والبناء والنسق اللغوي والاهداف عن باقي خطب الملك محمد السادس المعهودة”.
وأبرز بنيعقوب أنه نصنف شكلا بين عدة أنواع للخطب الملكية، ” فهناك خطب الدولة والمؤسسات بمعنى أنها خطب تحمل معايير تدبير واتخاذ القرار الرسمي السياسي والاقتصادي، وهناك خطب ذات بعد برامجي توجيهي للفاعلين في إنتاج قيم التنمية، وهناك خطب تقريرية تعتمد التشخيص والوصف ولو بدون إتخاذ قرارات بل لمجرد التنبيه والتذكير والتحذير، وهناك خطب يمكن وصفها بالديبلوماسية توجه رسائلها الدولية في الغالب إلى الخارج”.
وفيما يخص خطاب ثورة الملك والشعب لهذه السنة، فقد وصفه الباحث في التواصل السياسي بأنه ” تواصل بيداغوجي عاطفي أبوي، بمعنى أنه جعل كل مغربي الخطاب موجه إليه لوحده بشكل مباشر بسبب المراجعة السريعة التي قد يقوم بها المتقلي المستمع للخطاب، في خياله لتضغه أمام الحالات التي خرق فيها قانون الطوارئ أو لم يحترم فيها إجراءات الوقاية الصحية من وضع للكمامة أو باقي الاجراءات”.
ولم يفت المتحدث أن يبرز كون مضمون الخطاب لم يلم أي جهة محددة بالتقصير وإنما حمل الجميع مسؤولية التقصير باعتبارها مسؤولية جماعية للتصدي والمقاومة على غرار ثورة الملك محمد الخامس والشعب إبان الاستعمار الفرنسي.
وحول بناء خطاب المسؤولية الجماعية هذا يقول الباحث أن ” الحديث عن توفير الدولة لكل إمكانات التصدي للجائحة من أدوات صحية وأيضا اقتصادية واجتماعية، هو ليس من باب المن على المواطنين وإنما في اعتقادي هو نوع من اللغة الأبوية العاطفية التي تميل أحيانا إلى التعبير عن خيبة الأمل في ابن راسب وفرت له جميع إمكانات النجاح”.
من جانب آخر يرى بنيعقوب أن الملك باستعماله خيار الحجر الصحي الشامل “يؤكد المقاربة البيداغوجية للخطاب، إذ أنه يضع الجميع أمام النتيجة المقبلة من الآن وأن على الجميع السعي لتجنبها برفع درجة الوعي والحرص على الجماعة المغربية ككل”.
وأضاف المتحدث أن حديث الملك عن ضرورة تعبئة الجميع للمقاومة الجماعية للفيروس الفتاك، جعله “يستعمل مصطلح ذو دلالة تاريخية وهو مصطلح القوى الوطنية هذا المصطلح الذي يذكر بترك الخلافات جانبا للتصدي للاستعمار الأجنبي أثناء فترة المقاومة وجيش التحرير، وبذلك فإنه لم يميز بين الأحزاب السياسية لوحدها أو الحكومة أو البرلمان أو رجال الأعمال والمقاولات، أو المجتمع المدني أو الصحفيين والكتاب والإعلاميين وغيرهم من الفاعلين الاجتماعيين، وإنما جمعهم كلهم في خانة كبرى هي القوى الوطنية بالنظر إلى كون كورونا تشبه الاستعمار ويتعين التصدي لها جميعا في جبهة واحدة متماسكة” حسب تصريحه.
تعليقات الزوار ( 0 )