شارك المقال
  • تم النسخ

بنليّاس: “خارطة الطّريق” في العلاقات الخارجيّة المغربيّة تقوم على ستّة مُرتكزات

حلّت يوم أمس (السبت) الذكرى الـ22 لعيد العرش، وعلى مدى العقدَين الماضيين، قاد الملك محمد السادس حملةَ إصلاحات مدنية وسياسية ودبلوماسية كبيرة، إلى جانب تغييرات هائلة في السياسة الخارجية والبُنى التحتية، وذلك رغم التحديات التي واجهت المملكة في خضمّ جائحة فيروس كورونا، والأزمة مع مدريد وبرلين وباريس والجزائر.

وحققت المملكة إنجازات مهمة في عهد الملك محمد السادس، يشهد بها القاصي والداني، وذلك من خلال الطريقة التي أدارت بها بلادنا بقيادة الملك معركة مواجهة “جائحة كورونا”، وهو ما عبر عنه الجالس على العرش بالقول “من حقنا اليوم، أن نعتز بنجاح المغرب في “معركة الحصول على اللقاح”، التي ليست سهلة على الإطلاق، وكذا بحسن سير الحملة الوطنية للتلقيح، والانخراط الواسع للمواطنين فيها.

وعلاوة على التحديات المتعلقة بالصحة العامة، فإن المملكة لاتزال تواجه عوائق وقضايا كبرى رئيسية متداخلة بين الاقتصاد وعلاقة الدولة بمحيطها الإقليمي والدولي، حيث أكد الملك، أنه بالموازاة مع المبادرات التنموية، على المستوى الداخلي، فإن المغرب يحرص، بنفس العزم، على مواصلة جهوده الصادقه، من أجل توطيد الأمن والاستقرار، في محيطه الإفريقي والأورو-متوسطي، وخاصة في جواره المغاربي.

ويرى عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي بالرباط، أنّ الملك محمد السادس بصفته رئيس الدولة والضامن لاستقلال البلاد في دائرة حدودها الحقة والمهندس الاستراتيجي للسياسة الخارجية المغربية، رسم خلال العشرية الأخيرة من القرن الـ21 خارطة الطريق للعلاقات الخارجية المغربية.

وأوضح بنلياس، المتخصص في القانون الدولي العام، في تصريح لجريدة “بناصا”، أنّ خارطة الطريق التي رسمها الملك محمد السادس، تقوم على ستة مرتكزات رئيسية تتمثل في قضية الوحدة الوطنية، وتكريس الانتماء للقارة الإفريقية، والحفاظ على الأمن والاستقرار، وتنويع العلاقات الدبلوماسية، والتعاون جنوب جنوب، ثم العلاقة مع أمريكا.

وبَيَّنَ عبد العالي بنلياس، أنّ المرتكز الأول، يتمثل في أن قضية الوحدة الوطنية هي خط أحمر، وأن لا تهاون ولا تنازل ولا مساومات بشأنها، بل أن كل المجهود الدبلوماسي والسياسي يجب أن يستثمر  لتحصين المكتسبات وتقوية موقف المغرب بعدالة قضيته الوطنية.

أما المرتكز الثاني، فيتجسد في تكريس انتماء المغرب إلى القارة الإفريقية باعتبارها الحاضنة الطبيعية والجيو سياسية والحليف الاستراتيجي للمغرب في الدفاع وخدمة حقوقه ومصالحه السياسية والاقتصادية، وذلك من خلال تقوية وتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع دول إفريقيا وجنوب الصحراء.

وأضاف، أنّ المرتكز الثالث، يكمن في المشاركة النشطة والفاعلة في تحقيق الأمن والاستقرار في محيطه الإقليمي والمتوسطي وجنوب الصحراء، وذلك من خلال تقديم الدعم والمساندة للدول التي تعرف اضطرابات سياسية داخلية كما هو حال ليبيا وتونس، لأن استقرار الفضاء المغاربي هو من استقرار المنطقة كلها، كما يمكن لهذا الاستقرار أن يُعزز فرص تحريك الاتحاد المغربي المتوقف منذ سنوات.

كما أن تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع دول الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والهجرة غير المشروعة، سيُساهم في تعزيز قوة المغرب في علاقته مع دول الاتحاد، ولكن ضمن مقاربة جديدة تروم الاعتراف بمصالح المغرب ووحدة ترابه وعدالته قضيته الوطنية باعتباره شريكا استراتيجيا على المستوى الاقتصادي والتجاري والسياسي والأمني والاجتماعي والثقافي لدول الاتحاد الأوروبي.

وأضاف أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي بالرباط، أنّ المرتكز الرابع، يتجلى في تنويع علاقات المغرب الدبلوماسية والسياسة مع مختلف القوى الدولية المؤثر في القرار على المستوى الدولي، وذلك من خلال اعتماد مقاربة تشبيك العلاقات الاقتصادية والتجارية معها ضمن منطق “رابح رابح”.

أما المرتكز الخامس، فينبني على تعزيز تعاون دول جنوب جنوب على المستوى العمودي والأفقي من خلال محور دول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو المتعددة الأطراف ومحور الدول الأفريقية ودول الآسيوية وأمريكا اللاتينية.

وفيما يتعلق بالمرتكز السادس، يرى بنلياس، أنّ هذا الأخير يحكمه منطق الثابت والمتغير ويتعلق باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه، بحيث على المغرب أن يستعمل كافة الإمكانيات والفرص والتكتيكات السياسية والدبلوماسية المطلوبة حتى يصبح ذلك الاعتراف مبدأ ثابتا في السياسة الخارجية الامريكية، ولا يخضع لأي نوع من التشكيك في تغييره نتيجة تغير ساكن البيت الأبيض.

وخلص المتخصص في القانون الدولي العام، على أنه يستوجب على الدبلوماسية المغربية أن تسغل عنصر الزمن لقطف ثمار هذا الاعتراف من خلال الضغط على دول الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتها إسبانيا، وألمانيا وفرنسا للاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه حتى يتمكن المغرب من تغيير المعادلة السياسية برمتها فيما يخص قضية الوحدة الوطنية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي