أكد وزير العدل، محمد بنعبد القادر، اليوم الأربعاء بسلا، أن المؤسسة السجنية تضطلع بدور هام في تأهيل نزلائها وتقويم سلوكهم وتكريس القيم الايجابية استعدادا للإفراج عنهم واندماجهم من جديد في الوسط المجتمعي.
وأوضح بنعبد القادر، في كلمة بمناسبة افتتاح فعاليات الدورة الثامنة لبرنامج الجامعة في السجون (الدورة الربيعية)، التي تنظمها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، أن القيم هي المدخل الأساسي لتأهيل وإعادة ادماج السجناء، فهي قوانين من أجل الحياة، ومعايير وضوابط بها يتجسد ضمير أو وجدان المجتمع، في إطار الانفتاح والحوار والعيش المشترك.
وأضاف الوزير، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة، المنظمة حضوريا (بمقر السجن المحلي سلا 2) وعن بعد، تحت عنوان “القيم المجتمعية وتأهيل النزلاء للإدماج”، أن المؤسسات السجنية تضم عددا كبيرا من الأفراد تختلف البيئة الاجتماعية التي نهلوا من معين ثقافتها، وبالتالي فإن هذا المزيج من الأفراد يكون مجتمعا مصغرا داخل المؤسسات السجنية بمرجعيات اجتماعية مختلفة ومظاهر انحرافات سلوكية مختلفة أيضا.
ومن هذا المنطلق، شدد بنعبد القادر على أهمية غرس وتشبع النزلاء بالقيم المجتمعية والسهر على تمكينهم منها خلال فترة قضاء عقوبتهم، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه ضمان التماسك المجتمعي والتعايش السلمي، وكذا تلافي ما يمكن اعتباره توابع اجتماعية مستمرة نتيجة لجريمة تظهر وتتضح بعد إلصاق صفة الوصم به وبأسرته، وتظل تابعة له في حياته الاجتماعية منذ دخوله قفص الاتهام إلى أن يقضي مدة عقوبته، وبعد أن يعود مرة أخرى إلى الحياة الاجتماعية السوية، علاوة على أهمية ذلك في تفادي حالات العود إلى الجريمة التي أرقت على الدوام بال واضعي ومنفذي السياسة الجنائية.
ولفت الوزير إلى أن مسألة تراجع القيم أضحت من بين أهم دوافع ارتكاب الجريمة، مستشهدا بالإحصائيات الجنائية التي أظهرت تزايد نسبة العديد من الجرائم، خاصة على مستوى الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص أو الأموال، كالعنف ضد الأصول والضرب والجرح والقذف والسب العلني والنصب وخيانة الأمانة والارتشاء والإدلاء بشهادة الزور.
وفي هذا الصدد، أعرب بنعبد القادر عن أسفه على غياب دراسات علمية وعملية جادة تتناول بالتشخيص والتحليل السلوكات والظواهر الاجرامية من خلال مقاربات متعددة قانونية وسوسيولوجية وسيكولوجية، لافتا إلى أن وزارة العدل تأمل، في هذا الإطار، من المرصد الوطني للإجرام المزمع إحداثه قريبا على مستوى هياكلها لعب دور كبير في رصد إحصائيات الجريمة من مصادرها الرسمية بالمحاكم والسجون والمصالح الأمنية، ودراسة وتحليل الظواهر الاجرامية واقتراح الاستراتيجيات والخطط الكفيلة للتصدي لها والوقاية منها اعتمادا على آلياته الداخلية، وكذا بالتنسيق مع باقي القطاعات والهيئات المعنية بما فيها الجامعات والمعاهد المتخصصة، التي ستبرم معها اتفاقيات شراكة وتعاون في هذا الإطار.
وذكر بأنه تم، على مستوى مديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، تجميع المعطيات الإحصائية الجنائية لسنوات متعددة وتبويبها، مع قيام مركز الدراسات والأبحاث الجنائية بنفس المديرية بإنجاز دراسات وأبحاث جنائية وإصدار مجلة متخصصة “مجلة الشؤون الجنائية” تعنى بنشر المعطيات الإحصائية والدراسات والأبحاث الجنائية، خاصة ما يرتبط ببعض المظاهر الإجرامية.
وبخصوص موضوع التأهيل وإعادة الإدماج، دعا الوزير إلى تكثيف الجهود من طرف كافة المتدخلين لإنجاحه، “إذ لا يقتصر ذلك على المؤسسة السجنية بل تتداخل فيه جهات مختلفة على رأسها السياسات العمومية للدولة بمختلف مشاربها”، مشددا على ضرورة إشراك جميع الفاعلين والمتدخلين الموكول لهم بصفة مباشرة أو غير مباشرة أمر إعادة إدماج السجناء في المجتمع بعد إطلاق سراحهم عن طريق تيسير الفرص لاكتساب معارف ومهارات جديدة تمنعهم من معاودة الإجرام وخلق مشروع حياة جديد لهم بناء على برامج تكوينية وتأهيلية ومهنية.
حضر افتتاح أشغال هذه الدورة، على الخصوص، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، السيد محمد صالح التامك، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، والأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد عبادي، ومنسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، عبد الواحد جمالي الإدريسي، ورئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، محمد الغاشي، وعدة شخصيات أكاديمية وحقوقية.
ويتضمن برنامج الجامعة الربيعية التي تندرج في إطار الدورة الثامنة لبرنامج الجامعة في السجون الذي تنظمه المندوبية العامة العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محاضرتين تتمحوران حول “القيم: تأصيل المفهوم وعلاقته بالشأن السجني”، و”القيم بين المسؤولية الفردية والمؤسساتية”.
تعليقات الزوار ( 0 )