بناصا من الرباط
شن الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة حكيم بن شماش، اليوم الاثنين، هجوما لاذعا على القيادي في الحزب عبد اللطيف وهبي، وذلك بعد التصريحات الأخير التي خرج بها حول إمارة المؤمنين خلال الندوة الصحفية التي عقدها بالمقر المركزي للحزب يوم الخميس الماضي، اعتبرها بن شماش “ادعاءات شائنة”، خصوصا أنها جاءت على بعد أيام قليلة من انعقاد مؤتمرنا الوطني الرابع.
وقال بن شماش في بلاغ أصدره فإن “ما صدر عن وهبي كون ”إمارة المؤمنين إسلام سياسي”، يشكل “بالنظر لمضمونه، صورة من صور المجادلة في إحدى المرتكزات الأساسية للنظام الملكي، لا يتصور صدوره عمن له إلمام بالحد الأدنى من مقومات النظام الدستوري للمملكة، فأحرى أن يصدر عن رجل قانون زاول مهام تمثيلية ومسؤوليات برلمانية، وتقلد مهام قيادية باسم حزب الأصالة والمعاصرة، وفي أجهزته ومؤسساته”.
وأضاف المتحدث نفسه “وصف “إمارة المؤمنين” بالإسلام السياسي “ادعاء شائن، وخطل دستوري، وعدم لياقة سياسية، ومغالطة منطقية، وشناعة أخلاقية”، معتبرا أن هذه التصريحات التي خرجت من داخل مقر الحزب “تسيء لموقع الحزب في المشهد السياسي، وتشوش على مواقفه الثابتة”، معتبرا بـ”اسم مناضلات ومناضلي الحزب في مختلف المسؤوليات والمواقع، عن استنكارنا الشديد لمضمون هذه التصريحات الطائشة وغير المسؤولة”.
واعتبر المصدر المذكور أن “القول بأن إمارة المؤمنين هي” إسلام سياسي”، “يضرب في العمق كل الصلاحيات والوظائف الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين ومؤسساتها، ناهيك عن المدلولات الخطيرة لهذا التصريح لما يترتب عنه من استنتاجات تحول بموجبها إمارة المؤمنين إلى خصم سياسي، وفي النهاية، فإن هذا القول القبيح، لا يخدم إلا مرامي من يتخذهم السيد عبد اللطيف وهبي، أولياء له من قوى الإسلام السياسي”.
وتابع البلاغ، “إنزال مؤسسة إمارة المؤمنين، ما سفل من منزلة تجار المشترك الديني، الذين يشترون بالرأسمال الرمزي للدين الإسلامي عرضا من مواقع حزبية، وانتدابات انتخابية، ووظائف تنفيذية، يكون علامة دامغة على جهل مطبق بمقومات النظام الدستوري لبلادنا، وتبخيسا، في منتهى السماجة، لمؤسسة إمارة المؤمنين ولصلاحياتها الدستورية”، حسب تعبير البلاغ.
واسترسل بنشماش في البلاغ ذاته بالقول: “لا يسعني إلا أن أعبر عن استنكاري لمنطوق هذا الكلام الذي يتعارض في الجوهر مع الدستور المغربي وأحكامه الواردة (…)، باعتبار إمارة المؤمنين مكونا مركزيا في النسق الدستوري والتاريخي للدولة المغربية، لكونها تقوم على البيعة، وباعتبارها مؤسسة بعيدة عن التجاذبات والصراعات السياسية والعقدية والإيديولوجية”.
وتبرأ زعيم حزب الجرار من تصريح وهبي، بالنظر لما يحمله من “مغالطات صارخة وانزلاقات فادحة وشين أخلاقي فاضح”، قائلا “فإني أبلغ عموم المناضلات والمناضلين والرأي العام الوطني، أن ما صرح به وهبي لا يلزم الحزب في شيء لكونه يتناقض أصلا مع توجهات الحزب ومرجعياته ومواقفه، ويجافي المواقف المبدئية للحزب ومنطلقاته وأدبياته المعتمدة من طرف أجهزته والمنشورة على الملأ”.
وأكد البلاغ على أنه “يكفي أن نذكره بمذكرة الحزب المرفوعة للجنة الملكية التي أشرفت على دستور 2011، والتي أقرت بشكل واضح بمركزية إمارة المؤمنين في الوثيقة الدستورية باعتبارها مكونا تاريخيا وحضاريا وثقافيا لبلادنا، وصمام الأمن الروحي المتين لشعبنا”، وفق تعبير الأمين العام للبام في بلاغه.
وواصل البلاغ عينه: “أجمع الشعب المغربي (بالمفهوم التأسيسي)، والأمة المغربية (بالمفهوم التاريخي)، منذ قرون خلت وإلى اليوم، حماية لنموذج الإسلام المغربي من الاستلاب، وضمانا للحريات الدينية لكافة المؤمنات والمؤمنين على اختلاف أديانهم، ومعتقداتهم، ووقاية من أي استغلال سياسي للمشترك الديني، المتمثل في الدين الإسلامي، بصفته ثابتا من الثوابت الجامعة التي تستند عليها الأمة في حياتها العامة، بمقتضى أحكام الفقرة الثالثة من الفصل الأول من الدستور”.
وكشف بن شماش أن الفقرتان الأولى والأخيرة من الفصل 41 من الدستور، نصت بالتتابع، على أن “الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية”، وعلى أنه ”يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، والمخولة له حصريا، بمقتضى هذا الفصل، بواسطة ظهائر”.
ومضى البلاغ: “وحيث إنه يستفاد من أحكام الفقرتين المشار إليهما، من جهة أولى، أن الملك أمير المؤمنين، يمارس صلاحيات دينية تتمثل في حماية الملة والدين، وفي صدارة هذه المهمة السامية حماية نموذج الإسلام المغربي، الذي ورد وصفه في دستور بلادنا بالحنيف (الفقرة الثالثة من الفصل 41) ، وبالسمح في جوهره (الفقرة الثالثة من الفصل الأول)، وفي مقاصده (الفقرة الثالثة من الفصل 41)”.
ويضيف بنشماش “الملك يمارس صلاحيات ذات طبيعة ضمانية، تتمثل في ضمان حرية ممارسة الشؤون الدينية، مما يندرج في صلب ضمان الدولة “لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية” بمقتضى أحكام الفصل 3 من الدستور، وتشكل جزءا من الالتزام الدستوري بحماية منظومة حقوق الإنسان، وحظر ومكافحة كل أشكال التمييز (التصدير)، ومن جهة ثالثة، أن الصلاحيات الدينية المخولة لأمير المؤمنين، هي موضوع اختصاصه الحصري، يستأثر بها، بنص الدستور، دونا عن غيره من الفاعلين الحزبيين و الدينيين و المدنيين، مهما كانت مواقعهم أو صفاتهم”.
تعليقات الزوار ( 0 )