تشهد العلاقات العسكرية بين المغرب والإمارات العربية المتحدة تطورًا ملحوظًا مع تقدم المفاوضات حول نقل 30 طائرة مقاتلة من طراز “ميراج 2000-9E” من الإمارات إلى القوات الجوية الملكية المغربية. وهذه الصفقة، التي تتوقف على موافقة فرنسا، تأتي في إطار تعزيز القدرات الدفاعية للمغرب وسط تنافس إقليمي متصاعد، خاصة مع الجزائر.
تفاصيل الصفقة المحتملة
وتعتزم الإمارات نقل نصف أسطولها من طائرات “ميراج 2000-9E” إلى المغرب بمجرد أن تبدأ في استلام طائرات “رافال F4” من فرنسا، والمقرر تسليمها بحلول عام 2027.
وقد اكتسبت هذه الصفقة زخمًا بعد زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى فرنسا في أبريل 2024، بالإضافة إلى التقارير التي أشارت إلى إقامة خاصة للملك محمد السادس في أبوظبي.
وكانت الصفقة قد تأخرت لمدة ثلاث سنوات بسبب شرط في العقد الأصلي الموقع عام 1998، والذي ينص على ضرورة موافقة فرنسا على أي نقل لهذه الطائرات إلى جهات أخرى.
وقد تعقدت المفاوضات أكثر عندما بحثت فرنسا إمكانية إعادة شراء بعض طائرات “ميراج” الإماراتية لتقديمها لأوكرانيا. ومع ذلك، يبدو أن الإمارات تفضل بيع جزء من أسطولها، حيث يتم تخصيص 30 طائرة للمغرب وجزء آخر لمصر.
تعزيز القوات الجوية المغربية
وتمتلك القوات الجوية الملكية المغربية حاليًا أسطولًا متنوعًا يشمل حوالي 24 طائرة “ميراج F-1MF2000” مُحدَّثة، و24 طائرة “F-5″، و24 طائرة “F-16C/D Block 52+”.
بالإضافة إلى ذلك، قام المغرب بطلب 25 طائرة إضافية من طراز “F-16C/D Block 72″، من المقرر تسليمها بين أواخر 2025 و2027. كما أشارت تقارير إلى أن المغرب قد يصبح أول دولة عربية وإفريقية تحصل على طائرات “F-35 Lightning II” من الولايات المتحدة، حيث قد تبرم وزارة الدفاع الأمريكية صفقة لتوريد 32 طائرة بتكلفة تتجاوز 17 مليار دولار على مدى 45 عامًا، تشمل الصيانة والتشغيل.
التنافس الإقليمي مع الجزائر
ويأتي تعزيز القدرات الجوية المغربية في إطار التنافس الإقليمي مع الجزائر، خاصة فيما يتعلق بملف الصحراء الغربية المغربية. وقد قامت الجزائر بتعزيز أسطولها الجوي مؤخرًا عبر توقيع عقد لشراء 14 طائرة “Su-57” الروسية، بالإضافة إلى طائرات “Su-30MKA” و”Su-35″ الموجودة بالفعل في ترسانتها. وتُعتبر هذه الخطوة جزءًا من جهود الجزائر للحفاظ على ما تراه توازنًا إقليميًا ضروريًا.
التعاون الإماراتي-الصيني: مخاوف غربية
وفي سياق متصل، أثارت مشاركة الإمارات في مناورات عسكرية مع الصين مخاوف لدى الولايات المتحدة. ففي 24 يوليو 2024، تم نشر سبع طائرات “ميراج 2000-9DAD/EAD” إماراتية في قاعدة تابعة لسلاح الجو الصيني في إقليم شينجيانغ للمشاركة في مناورات “فالكون شيلد 2024”. وقد أعرب محللون أمريكيون عن قلقهم من أن تكتسب الصين insights حول التكنولوجيا الغربية من خلال هذه التفاعلات.
وكانت الإمارات قد علقت مفاوضاتها مع الولايات المتحدة في عام 2021 لشراء 50 طائرة “F-35” بسبب مخاوف تتعلق بالمتطلبات الفنية والتكاليف، بالإضافة إلى تدخل الصين في الشؤون العسكرية الإماراتية.
ومنذ ذلك الحين، قامت الإمارات بتنويع أسطولها الجوي عبر الجمع بين الأنظمة الغربية والصينية، بما في ذلك طائرات التدريب “Hongdu L-15” والطائرات بدون طيار “Wing Loong”.
ميراج 2000-9: إرث طائر
وتُعتبر طائرة “ميراج 2000-9” نسخة مُطوَّرة من طراز “ميراج 2000″، وتتميز بتصميم متقدم للأنظمة الإلكترونية ومحرك “Snecma M53-P2” التوربيني.
وتشمل تحسيناتها التقنية رادار “RDY-2” أو “RBY-2″، وقدرة على حمل صواريخ “MICA” جو-جو، بالإضافة إلى الذخائر الموجهة بدقة مثل القنابل الموجهة بالليزر وصواريخ “Black Shaheen” (النسخة التصديرية من “SCALP-EG”).
وقد تم تصميم “ميراج 2000-9” لتكون نسخة مُحسَّنة من “ميراج 2000-5″، مع نظام طيران رقمي متقدم وأنظمة حرب إلكترونية متطورة. ومن المتوقع أن تظل هذه الطائرات في الخدمة حتى ثلاثينيات القرن الحالي بفضل برامج الصيانة والتحديث التي تشمل شركات مثل “داسو” و”ثاليس” و”MBDA”.
وفي ظل التطورات الإقليمية والدولية، تُعتبر صفقة “ميراج 2000-9” بين المغرب والإمارات خطوة مهمة لتعزيز القدرات الدفاعية للمغرب. ومع استمرار التوترات مع الجزائر، يبدو أن المغرب يسعى إلى تعزيز موقعه كقوة إقليمية فاعلة، بينما تواصل الإمارات تنويع علاقاتها العسكرية في ظل مخاوف غربية من تقاربها مع الصين.
تعليقات الزوار ( 0 )