ناقش حقوقيون وباحثون أكاديميون بمناسبة ندوة دولية، الواقع الحقوقي بمخيمات تندوف، وكشفوا عن المحنة التي يعانيها سكان المخيمات المحرومون من أبسط حقوقهم الإنسانية، كما نادوا بضرورة مواصلة الضغط من أجل فتح المجال الحقوقي الجزائري أمام الهيئات الأممية حتى تنكشف وضعية المُحتجزين على حقيقتها.
وأضاف المشاركون بالندوة الدولية التي نظمتها جريدة بناصا الإلكترونية، أن الملف ليس بسيطا أو سهلا، لكنه في الوقت نفسه ليس بدرجة الصعوبة التي يُسوق لها البعض، وأن ما يحتاجه فقط الآن هو أن يكون المُترافع فيه داريا بأساليب التواصل ومُتقنا لآليات الإقناع، وذلك بعد أن ثبتت الحجة وصارت كل الدلائل تُشير إلى اليقين بأن الوضع بالمخيمات ينتقل من سيء إلى أسوأ يوما بعد يوم.
وفي كلمته، أشار عبد الوهاب الكاين، رئيس المنظمة الإفريقية لمراقبة حقوق الإنسان africa watch بفرنسا، أن الحديث عن مسألة حقوق الإنسان بمخيمات تندوف، هو حديث يُثير الألم والوجع في نفوس الصحراويين أنفسهم المتواجدين على ضفتي الجدار، وكذلك في نفوس كل المتتبعين والباحثين، وأن التقييم يجب أن يتم بناء على قيم ومبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا.
وأضاف عبد الوهاب الكاين أن مسألة حقوق الإنسان بمخيمات تندوف تصطدم بالعديد من العقبات، أبرزها هي أنه في هذه المخيمات يقع تجييش غير مسبوق على كل صوت يود الحديث علنا عن الانتهاكات والتجاوزات، كما يوصف بالعار وينعت بالخيانة والغدر والانسلاخ، ويتم اتهامه بالتفريط في هويته وغيرها من الأمور التي تصير تبعث القلق عند الشخص أو الأفراد الذين لديهم إيمان ضعيف تجاه قضايا حقوق الإنسان.
واسترسل رئيس المنظمة الإفريقية لمراقبة حقوق الإنسان،”مجالات الترافع هي واسعة جدا، وهناك عدد كبير من الآليات التي يمكن اللجوء لها للتعريف بالانتهاكات الحاصلة بتندوف، وما ينقص المغرب هو مهارات استغلال هذه الحقائق لفائدته، والتواصل في هذه العملية بلغة حقوقية جيدة وبطريقة تظهر دفاع الشخص حقا على حقوق الإنسان سيكون ناجعا جدا”.
عزيز إدامين، أكاديمي مختص في حقوق الإنسان بفرنسا، نفى من خلال مداخلته توفر ساكنة مخيمات تندوف على صفة “لاجئ”، وقال “إذا كانوا لاجئين فعلى الساكنة أن تتوفر على بطاقة لاجئ، ولكي يتم منح بطاقة اللاجئ يجب ربطها بالإحصاء، بمعنى التوفر على الأعداد الحقيقية لساكنة تندوف، كما يجب أن يحصل كل فرد لاجئ على جواز تنقل دولي، وبما أن ساكنة تندوف لا تتوفر فيهم هذه الشروط، فهم ليسوا لاجئين”.
واعتبر عزيز إدامين، أن واقع تندوف وساكنتها، يجعل المجتمع الدولي أمام منطقة مغلقة، وأن كل ما يصل اليوم منها لا يتعدى كونه مجرد ادعاءات وشهادات وتصريحات لعائلات ضحايا المخيمات، يعبرون فيها عن مواقفهم، وأضاف أن هذا بالضبط ما وهذا ما يجعل المملكة حين تخاطب هيئة الأمم المتحدة تفتقر إلى المعلومة الكاملة والدقيقة، وأنه للتأكد من هذه الإدعاءات والإفادات لا بد من الضغط بشكل كبير للتحول من مجرد الإنصات إلى مواكبة الأمر على أرض الواقع.
وأردف الأكاديمي ذاته ” تتحمل الدولة الجزائرية كامل المسؤولية في ما يقع على التراب الجزائري، ولا يمكنها بأي شكل كان وفي أي حال من الأحوال أن تفوض اختصاصاتها لأي طرف، وقد حان الوقت لمطالبة الدولة الجزائرية بفتح مجالها الحقوقي أمام الهيئات الدولية من أجل التأكد من صحة هذه الإدعاءات”.
كما اعتبر أن الإشكال الحقيقي اليوم لا يكمن في تسمية ساكنة مخيمات تندوف، والجدل الحاصل في إن كانوا محتجزين أم لاجئين، بل الإشكال هو في لماذا لا يتمتعون بحقوقهم إن كنتم تعتبرونهم لاجئين إذا؟
وفي مداخلته، رأى عصام العسبلي، رئيس منظمة الحرية لحقوق الإنسان بليبيا، أنه من غير المعقول حشر مجموعة من الناس في منطقة قاحلة لا تتوفر فيها حتى أدنى شروط العيش الكريم، وبدون أي حماية دولية تُذكر، كما استنكر حالات الاحتجاز المطول الذي عانت منه عدد من النساء بالمخيمات، واللواتي تم حرمانهن من حقوقهم المدنية والسياسية، بالشكل المتعارف عليها كونيا.
وشدد عصام العسبلي على ضرورة أن تنصب الهيئات والمنظمات الحقوقية الناشطة في منطقة المغرب العربي على الاهتمام أكثر بهذه المنطقة، والاتجاه بشكل فعلي نحو الدفاع عن ساكنتها وعن حقوقهم الإنسانية.
كما أشار رئيس منظمة الحرية لحقوق الإنسان بليبيا إلى حالات أخرى من المحتجزات اللواتي تم حرمانهن من حقهن في متابعة العلاج خارج تندوف، ووقف الحصول على العلاج لعدد منهن ممن يعانين من أمراض مزمنة تستدعي علاجا مستعجلا ومراقبة طبية دائمة.
جدير بالذكر أن الندوة الدولية التي نظمتها جريدة بناصا الإلكترونية قد كانت تحت عنوان “حقوق الإنسان بالصحراء ومخيمات تندوف.. الواقع والمأمول”، وقد شهدت مشاركة دولية من كل من عبد الوهاب الكاين، رئيس المنظمة الإفريقية لمراقبة حقوق الإنسان africa watch بفرنسا، و عزيز إدامين، أكاديمي مختص في حقوق الإنسان بفرنسا، وأيضا عصام العسبلي، رئيس منظمة الحرية لحقوق الإنسان بليبيا.
كما أشرف على تنسيق الندوة الدولية التي عبر تقنية التناظر المرئي، الإعلامي نور الدين لشهب، وأشرف على تسييرها الاستاذ محمد سالم عبد الفتاح.
تعليقات الزوار ( 0 )