شارك المقال
  • تم النسخ

بلالي: قيادة البوليساريو خيار جزائري مفروض على صحراويي تندوف (2)

هو نورالدين بلالي الإدريسي، واحد من مؤسسي جبهة البوليساريو الانفصالية، عاد إلى المغرب عام 1989 بعدما قاد رفقة مجموعة من زملائه من القياديين في البوليساريو انتفاضة 1988 من داخل المخيمات.

في هذا الحوار، والذي سينشر منجما على جريدة بناصا الالكترونية، تحدث نورالدين بلالي الإدريسي عن الإرهاصات الأولى لنشأة البوليساريو والتي كانت ولادتها مغربية خالصة، حيث انطلقت مع محمد سيدي إبراهيم بصيري، والذي ينحدر من بني ملال حيث كان والده شيخ الزاوية بني عياط والتي لا تزال قائمة إلى حد الآن، ووصل بصيري مدينة السمارة وبدأ يُدرس القرآن كغطاء وفي نفس الآن شرع في تأسيس الخلايا الأولى لما سمى “تحرير الصحراء”، والتي أطلقت عليها إسبانيا فيما بعد اسم “الحزب المسلم”، وفي عام 1970 اكتشفت السلطات الإسبانية حركة بصيري وتعرضت لضربات متتالية فيما يعرف بـ”عملية الزملة” ثم أحداث مظاهرات طنطان 1972 والتي طالبت باسترجاع الصحراء للمغرب ورفعت فيها شعارات موالية للمغرب.

 الحوار سيتطرق كيف استطاعت البوليساريو أن تغتصب قرار الصحراويين بداية مع سحب المشروعية من شيوخ القبائل والتنكر للمؤسس، سيدي إبراهيم بصيري، والذي لم تطالب به البوليساريو في صفقة تبادل الأسرى مع الإسبان خوفا من الكاريزما التي يتمتع بها الرجل.

الحوار عرج على الدعم الليبي الهائل على عهد العقيد معمر القذافي ودور الفقيه البصري في ربط الولي المصطفى السيد بالليبيين، ثم التخلص من المؤسسين المغاربة وفرض محمد ولد عبد العزيز من قبل النظام الجزائري.

نورالدين بلالي يشرح بالتفصيل، ضمن هذا الحوار، أسباب وتداعيات انتفاضة 1988 داخل المخيمات والتي لم يستفد منها المغرب للتخلص من البوليساريو، وكذا لقائه مع الفقيه البصري في ليبيا والذي طلب من البوليساريو الاستفادة من أراضي “محررة” لضرب المغرب، كما يحكي، أيضا، عن لقائه مع الشيخ عبد الكريم مطيع في ليبيا وتدريب عناصر من الشبيبة في المخيمات.. وأشياء أخرى تكتشفونها ضمن هذا الحوار الشامل مع أحد مؤسسي جبهة البوليساريو الانفصالية. 

ولماذا اخترتم عبد العزيز أمينا عاما بعد وفاة الولي المصطفى السيد، بالرغم أن محمد عبد العزيز لم يكن له دور بارز قبل ذلك؟

صحيح أن عبد العزيز كان في الصف الثاني في الجبهة، في المكتب السياسي تحديدا، لأن هيئة الجبهة كانت تتكون من الصف الأول، أي اللجنة التنفيذية، والصف الثاني المتمثل بالمكتب السياسي، وعبد العزيز كان في المكتب السياسي، وكان مسؤول فرع تندوف، وأنا كنت نائبه في فرع تندوف وفي نفس الوقت كنت مكلفا بمكتب الأمين العام في تندوف، أي أتلقى المراسلات الموجهة للأمين العام، وأرد حسب استطاعتي وأنتظر رأيه فيما لا أستطع  الإجابة عليه.

فعبد العزيز، وفق رواية حكاها لي قائد فيلق من البوليساريو تمرد على البوليساريو وأقام في تندوف وهو ولد محمود بهاها، والذي بعثوا له محمد الأمين الليلي، عضو اللجنة التنفيذية للبوليساريو، وكان ممثلها ومسؤول العلاقات الخارجية ومقامه في الجزائر، وكان يود الصلح مع القائد العسكري المتمرد في تندوف، قال له: عبد العزيز ظلمني وانحاز إلى بطل سيد أحمد فلن أعود إليهم ولكن مستعد أن أقاتل وحدي، قال له: أنت جئت إلى الجزائر الآن، وهي من دفعتنا أن نختار محمد عبد العزيز، أنا كنت في الجزائر واستدعاني جنرالان جزائريان في تمام الساعة الثانية ليلا وفي مقر الرئاسة الجزائرية، والسؤال كله كان منصبا حول عبد العزيز، كانوا يسألون عنه ويقدمونه على الأشخاص الآخرين ويشيدون به. وأنا فهمت القصد وسافرت صباحا إلى المخيم وبدأت حملة دعاية لصالح ولد عبد العزيز كونه الشخص المؤهل كي يكون أمينا عاما. وأنا فهمت ذلك من خلال العناية التي كان الجزائريون يولوها  لعبد العزيز شخصيا.(هذه هي شهادة ولد الليلي).

إذن عبد العزيز هو خيار جزائري صرف؟

هذا يرجع لشهادة ولد الليلي وهو الآن لا يزال عضو الأمانة الوطنية في البوليساريو، وفتحي بهاها لا يزال حيا يرزق يعيش بين العيون والسمارة، وهو موظف في الفلاحة، وبإمكانك أن تلتقيه وتسمع شهادته.

إذن اختيار عبد العزيز هذا عنوانه الأول وفق شهادة ولد الليلي، والعنصر الثاني هو أنه من أكبر قبيلة وهي الركيبات، والعنصر الثالث أنه  فخذة من الركيبات موجودة في منطقة تندوف بالجزائر..

 قضية أخري وهي  شهادة للتاريخ، أتذكر في سنة 1974 كنت مسؤولا في الجبهة بتندوف وتوصلت بدعوتين من الدرك الجزائري تطلب شخصين للخدمة العسكرية، وقال لي رجال الدرك: إن  عندكم شباب أحدهم اسمه (عبد العزيز) محمد خليلي والآخر اسمه بطل سيد أحمد، وهؤلاء  يجب عليهم الالتحاق بالخدمة العسكرية، لأن الدرك الجزائري كان كل سنة ينظر إلى كشوفات البلدية كي يتسنى لهم التأكد ممن وصل للخدمة العسكرية، وعبد العزيز مولود في تندوف ومسجل في الجزائر.

 نفهم من كلامك أن زعيم البوليساريو من أصل جزائري؟

بدون شك..

وددنا لو تفصل في الموضوع أكثر..

 كما هو معلوم أن تندوف كانت منطقة تابعة لأكادير زمن فرنسا، وكان الناس يأتون من أكادير إلى تندوف، وهي منطقة لا تبعد عن طانطان إلا  بـ300 كيلومتر تقريبا، وتبعد عن الزاك بنحو 90 كيلومتر، إذن فالمنطقة كانت مغربية بالتوارث، و شيوخ القبائل كانوا يسجلون أبناء قبائلهم لحسابهم، مثلا شيخ قبيلة الفقراء يسجل أبناء القبيلة في تندوف ولو ولدوا في طانطان أو العيون أو السمارة.. لأن كلما  كان حجم القبيلة كبيرا كل ما كان الشيخ يحظى بمكانة لدى الدولة المستعمرة أكثر من غيره، وهذا الوضع كان في ظل زمن الاستعمار الفرنسي، فعبد العزيز من قبيلة الفقرا، وأغلبية هذه القبيلة موجود في تندوف. ولكن أباه انضم لجيش التحرير وكان ضابطا في الجيش الملكي بمنطقة تادلة، ووالده لا يزال حيا يرزق في مدينة العيون، ولكن وفقا لعرف الشيوخ، مثلا لو أنني أنا مثلا ازددت في بئر أم كرين على حدود مع موريتانيا فالشيخ يسجلني في السمارة وكأني خلقت في السمارة، فأكون أنا مسجل في السمارة وفي بئر أم كرين، وهذه حقيقة تاريخية معروفة.

  وأنا أتذكر أن الصحراوي في ذاك الوقت كان يسافر ومعه أربع بطاقات للهوية، بطاقة للمنطقة الفرنسية وأخرى للمنطقة الفرنسية في موريتانيا .. وهكذا. وحين يصل للحدود ويسألونه عن الهوية وبما أنه لا يعرف القراءة يسحب لهم كل البطائق ويسألهم عن البطاقة التي تصلح لتلك المنطقة.

 وبخصوص عبد العزيز، وهذه شهادة للتاريخ، أتذكر أنني توصلت باستدعاء للخدمة العسكرية من الدرك الجزئري موجهة إلى عبد العزيز وبطل سيدي أحمد. وكانا مطلوبين للخدمة العسكرية بالجزائر طبقا لكشف المواليد في بلدية تندوف.

بسبب أنهما جزائريان؟

بطبيعة الحال لأنهما مسجلان في البلدية..

ولماذا هو مقبول ضمن لائحة الاستفتاء؟

الخطأ يتحمله شيخ وكل مراقبي  تحديد الهوية إبان السجيل في لوائح الاستفتاء، فالشيخ الذي يمثل الجانب المغربي أشر على قبوله ضمن لوائح تحديد الهوية بطريقة عجيبة..

الشيخ الذي يمثل الوحدويين/ الجانب المغربي لم يعترض عليه؟

نعم قبله، لأنهم تحايلوا عليه بالاسم، وصل عنده اسم محمد خليلي، أي الاسم الحقيقي لمحمد عبد العزيز، وقال للجانب المغربي أن  عبد العزيز لم يتقدم أمامه أبدا، وأضاف أن الاسم لم يمر ضمن اللائحة.. لأن عبد العزيز اسم حركي وليس اسما حقيقيا…

إذن الشيخ كان ضحية تحايل؟

نعم تحايلوا عليه، (يضحك)… لأن الاسم الحقيقي هو محمد ولد خليلي ولد محمد البشير، فالشيخ لعبها خطأ، وقال لهم أنتم قلتم لي محمد عبد العزيز وهذا الاسم لم يمر في اللائحة أبدا..

والمقصود من هذا أن عبد العزيز أصله من الفقراء، وهي قبيلة أغلبها موجود في تندوف، والأمر الثاني أن القبيلة موجودة في الصحراء، والأمر الثالث أنه مدعوم من الجزائريين. هذه عناصر وظفت لصالح ظهور محمد عبد العزيز.

ولا ننسى أنه كان في الجانب العسكري وكان مجروحا، وقبل المؤتمر الثالث للجبهة كان قد أصيب بجروح. واختياره لا يرجع لكفاءته بل لهذه العوامل التي ذكرت لك، لأن هناك كفاءات في البوليساريو أحسن منه، فهو حاصل فقط على الباكالوريا والآخرون لهم على الأقل شهادة الإجازة وأكثر منه مقدرة في اللغات وكثير من المؤهلات، مثل عمر الحضرامي وولد الليلي محفوظ علي وولد بايبا محفوظ الذي توفي رحمة الله، فهذا الشخص كان مؤهلا كي يكون أمينا عاما لأنه كان نائب الأمين العام السابق، أي الولي المصطفى السيد، وكان أمينا عاما بالنيابة، كما أن هناك مجموعة معطيات فاجأت الناس عكس ما هو محتمل، والمحتمل أن يكون الأمين العام يحظى بكفاءة وثقافة عالية أو كان ضمن اللجنة التنفيذية، وبعد وفاة الولي تبوأ منزلة القيادة في البوليساريو ثلاثة أشخاص لم يكن لهم قط علاقة باللجنة التنفيذية، وهؤلاء الثلاثة اغتصبوا قيادة الجبهة وسيطروا على القيادة، حيث وصل عبد العزيز للأمانة العامة، والبشير السيد هو أيضا لم يكن في اللجنة التنفيذية، ووصل إلى منصب أمين عام مساعد، وبطل سيد أحمد وصل إلى منصب عضو اللجنة التنفيذية ومدير الأمن. فهؤلاء الثلاثة أخذوا المفاصل الثلاثة في التنظيم وأصبحوا أعضاء اللجنة التنفيذية، والذين كانوا في الصف الأول أصبح لهم دور ثانوي. ما يعني أن انقلابا أبيض قد حصل في القيادة.

فالأمين العام الحالي، أي محمد عبد العزيز مفروض من الجزائر؟

هذا مما ليس فيه شك.

وما مصلحة الجزائر في أن تفرض محمد عبد العزيز أمينا للبوليساريو؟

هذا  يرجع إلى وجوده أغلبية قبيلته في تندوف، كما أسلفت، وكان مسؤولا عن فرع البوليساريو في تندوف. وقد يكون تم تأطيره من قبل الجزائريين، لأن وجوده في اللوائح البلدية قد يكون عنصرا سلطويا عليه من الناحية المعنوية للجزائر، والعنصر الثاني أن 90% من قبيلته موجود في تندوف، فالجزائريون اختاروا العنصر الممسوك جزائريا كي يتحكموا فيه وليس كباقي الآخرين الذين ينحدرون من قبائل الصحراء الأخرى.

بصفتك مسؤولا دبلوماسيا سابقا عن جبهة البوليساريو في ليبيا كيف تقيم الدعم الليبي بنظيره الجزائري، ولماذا كان الدعم الليبي أكثر من الدعم الجزائري؟

كما تعلم وبدون شك أن القذافي يرأس بلدا صغيرا من ناحية عدد السكان، وغني من ناحية الثروة، ثانيا أن القذافي جاء إلى السلطة بانقلاب عسكري وكان هناك مجلس قيادة الثورة فتم القضاء عليه وانفرد بالقيادة بعدما قضى على الجميع، وأراد أن يحل محل هذا بالتدخل في مختلف أماكن العالم، عبر محاولته في إشغال الدول المؤثرة بمشاكل حول الحدود، ولهذا فالصراع في الصحراء كان ما بين المغرب والجزائر، وليبيا رأت أن إشغال الجزائر عنها في صراع مع حدودها مع المغرب، فكل ما ضعف الدعم الجزائري أعطت ليبيا الدعم لتشعل الحريق أكثر لمزيد من إشغال الجزائر وتوريطها في مشاكل في حدودها مع المغرب .

والنقطة االثالثة أن قيادة البوليساريو تبنت مجموعة من شعارات القذافي مثل : اللجان الشعبية والمؤتمر الشعبي العام والمؤتمرات الشعبية الأساسية … وهذا كان إغراء أكثر للقذافي من قبل البوليساريو أن تتبني النظرية العالمية الثالثة والكتاب الأخضر وإيديولوجيته، وهذا جعل القذافي رحمة الله عليه يعتبر أن البوليساريو مولدا ليبيا تابعا للقذافي يتبنى نظريته وفكره.. من هذا القبيل  القذافي اعتقد أنه وجد حركة تتبنى أفكاره في العالم وكان مدفوعا بهذا الوهم.

والنقطة الرابعة أن القذافي جاء إلى موريتانيا عام 1972 وطالب برحيل الاستعمار الإسباني عن الصحراء وتحريرها، ووجود البوليساريو كان بعد شهور بقليل وكأن البوليساريو حققت ولبت رغبته، لاسيما أن القذافي كان يتوهم أنه يحرك العالم مثل جمال عبد الناصر، يلقي خطابا فتتجاوب معه الجماهير، وهذا كان حلم القذافي، وفعلا فأول دعم متطور في السلاح جاء من ليبيا، والتدريب الذي قدمته ليبيا لم يقدمه أي طرف، واستقبال الأطفال للدراسة بأعداد كبيرة تجاوز عددها 4 آلاف تلميذ، ناهيك عن المتدربين والذين بلغ عددهم 5 آلاف متدرب عسكري في مجالات البحرية والسلاح الجوي والطيران والصواريخ والدبابات..

 كما أن الدعم الليبي شمل عدة مجالات فالسلاح الذي قدمته ليبيا إلى البوليساريو بلغ مداه صواريخه 22 كلم  (صواريخ  ارك استطالين)40 فوهة، وأما الجزائريون فكانوا يقولون بأننا لا نستطيع أن نحمي هذا السلاح، ويقولون أيضا بأنهم حرروا الجزائر بـ”المكحلة” فيجب علينكم أيضا أن نحرر الأرض بنفس السلاح. والمكحلة هي البندقة الارتدادية البسيطة.

 وأما الليبيون فكانوا أسخياء  في الدعم، سخاء هائل لا يتصور، وأنا أتذكر قوافل أولها في حدود الجزائر وآخرها لم يخرج بعد من طرابلس، قوافل عسكرية سيارات مصفحة وصهاريج لحمل الوقود وسيارات لاندروفر وصواريخ سام والذخائر بكميات لا تتصور، ناهيك عن تكوين الإطارات في إدارة الحرب وبعد ذلك دخلت دول أخرى مثل كوبا ويوغسلافيا وكوريا.

 والبوليساريو في الحقيقة بناها الدعم والمال الليبي. الليبيون كانوا أسخياء معها أكثر من  الجزائريين الذين كانوا يعطوننا الوقود لنصل إلى الحدود لنقاتل ونموت. فقط. تأمل. فالجزائريون أعطونا الأرض و كانوا يعتبرون البوليساريو ولاية جزائرية يمنحوها ما تحتاجه أية ولاية، نحصل علي دعم وميزانية ولاية عسكرية جزائرية.

الدعم الليبي كان أكبر من دعم جميع البلدان المتعاطفة معكم بما فيها الجزائر؟

في عام 1975 كانت مساعدات تصل عبر القوافل من طرابلس إلى مخيمات تندوف…

عبر الجزائر؟  

هناك طريق معبد من طرابلس إلى مخيمات تندوف، طريق godronnée عبر وركلة وبشار  وصولا إلى تندوف، و البداية ساعدتنا ليبيا إعلاميا،  فوفرت  أول صوت إذاعي للبوليساريو في طرابلس هو برنامج الساقية والودي علي طريق الحرية في إذاعة صوت الوطن العربي، وأنا كنت أذيعه في إذاعة صوت الوطن العربي، ثم التدريب العسكري في مختلف التخصصات، وفي سنة 1976  استقبلت أول وحدة للضفادع البشرية، الفدائيون الغواصون الذين يتنقلون عبر البحر، وكان التدريب على المدفعية والصواريخ والطيران.. تصور 700 سيارة تأتي إلى تندوف دفعة واحدة، وباخرة كبيرة تقضي 25 يوما في الشحن كلها مساعدات من الإبرة حتى الصاروخ، فالدعم الليبي كان شاملا في مختلف المجالات.

ماذا كانت القيادة الليبية حينذاك تريد من جبهة البوليساريو، وماذا كنتم أنتم تريدون من القيادة الليبية بالإضافة إلى الدعم الشامل، فهل كنتم حقا تتبعون أفكار القذافي بحيث أنكم أطلقتم أسماء اللجان الشعبية والمؤتمر العام والأمين العام بدل المحافظ الموجودة في الجزائر؟

البوليساريو أرادت أن تصطاد الدعم الليبي ونقلت التسميات الليبية في التنظيم السياسي، وكنا نضحك على القذافي حقيقة، فجبهة البوليساريو تراعي مشاعر الجزائر أكثر في مواقفها الحقيقية، ولكن التسميات لجلب عطف القذافي ليقدم الدعم، و يقال إن الدعم  الليبي جاء كي يساعد الجزائريين لتخفيف العبء.

وهنا أحكي لك واقعة أتذكرها..

تفضل..

مرة كنت ذاهبا على طائرة  ليبية  130 محملة بالصواريخ من طرابلس لتندوف، وحين وصلنا إلى مدينة بشار أرغمنا الجزائريون للنزول بحجة أن المناخ في تندوف غير مناسب، والطيار الليبي قال لنا بأن الطائرة باستطاعتها أن تنزل تحت كل الظروف المناخية وفي جميع الأماكن، ولكن الجزائريين أرغمونا على النزول، والرائد قال بأنه يلزمه بأن يرد السلاح إلى طرابلس لأن القيادة طلبت منه أن يوصله إلى تندوف، وقلت له لمن ستوصل هذا السلاح أجاب: إلي البوليساريو، فأخبرته بأني عضو قيادة  البوليساريو، وقلت له: أعطيك ما يثبت استلام السلاح منك وألتزم لك أنه سيصل وجهته. وكان دافعي هو أن لا تكون هناك أزمة بين ليبيا والجزائر، لأن خلافات البلدين نحن من سندفع فاتورتها، والدعم الليبي سينقص طبعا. ووقعت له كوني ممثل المكتب السياسي للبوليساريو واستلمت الشحنة، ولما أراد الطيار أن يقلع كان في حاجة إلى الوقود، وطالبه الجزائريون بالأداء بالدولار، فقال لهم بأن هذه طيارة عسكرية ولا يتوفر على الدولار، وذهبت عند المسؤول العسكري في المطار وقلت له إني أريد منه كمية من “الكيروزين” (وقود الطائرة)، وأعطاني الكمية التي تحتاجها الطائرة باعتباري عضو المكتب السياسي في البوليساريو، وتحملت المسؤولية في تسلم الصواريخ من الليبيين والوقود من الجزائريين، ولما أقلعت الطائرة قلت للجزائريين بأن مهمتي انتهت فها هو السلاح عندكم الآن وأنتم تتحملون المسؤولية، خذوه أو أرسلوه إلى تندوف. وواصلت طريقي إلى طرابلس، والشحنة وصلت بعد ذلك كما بلغني من تندوف.

فالجزائريون كانوا يريدون مراقبة الشحنات القادمة من طرابلس ومعرفة نوع السلاح والذخيرة وكانوا يريدون أن يكون كل شيء تحت مراقبتهم.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي