بعد حوالي خمسة أشهر على قرار الجزائر، وقف إمداداتها من الغاز الطبيعي عبر خط الأنابيب المغاربي الأوروبي، الذي يمر عبر الأراضي المغربية، في سياق التصعيد الذي بدأته قبلها بأسابيع، ضد المملكة، بسبب ما أسمته بـ”المواقف العدائية التي لا تتوقف”، قررت حكومة مدريد، الانحياز بشكل صريح، وغير مسبوق، للرباط، في النزاع المفتعل بالصحراء المغربية.
توقيف إمداد إسبانيا بالغاز الطبيعي عبر الأنبوب المغاربي، تسببت في أزمة طاقة بالجارة الشمالية، على الرغم من محاولات الجزائر مدها بالغاز المسال من خلال السفن، الأمر الذي أسفر، وفق العديد من المراقبين، إلى جعل حكومة مدريد، تتأكد، بأن الجارة الشرقية للمغرب، “شريك غير موثوق، ولا يحترم التزاماته الدولية”.
الخطوة الجزائرية جعلت إسبانيا تبحث عن موردين جدد للغاز الطبيعي، حيث وجهت بوصلتها صوب قطر والولايات المتحدة الأمريكية، ونيجيريا، من أجل تقليل اعتمادها الكبير على البلد الشمال إفريقي، الذي كان في السنوات الماضية يمدّ المملكة الإيبيرية بأزيد من 40 في المائة من حاجياتها من الغاز، قبل أن تتراجع النسبة إلى حوالي 23 في المائة.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي سمير بنيس، في تدوينة نشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن إسبانيا قررت تحمل مسؤوليتها التاريخية في ملف الصحراء المغربية، وتصحيح الأخطاء التي ارتكتبها في الماضي، بعد الاعتراف بأ، مشروع الحكم الذاتي يشكل أساس التوصل لحل سياسي للنزاع.
وأضاف بنيس، أن المغرب “يجني ثمار العمل الدبلوماسي الذي قام به خلال السنوات الماضية وصبره وإيمانه بقضيته العادلة التي تحظى بدعم كل مقومات الشعب المغربي، الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل الحفاظ الوحدة الترابية للمغرب”. فيما تدفع الجزائر ثمن “حقدها وجحودها تجاه المغرب ورعونتها”.
وتابع أن الجزائر، تدفع ثمن قرار وقف “العمل بأنبوب الغاز الرابط بينها وإسبانيا عبر المغرب”، بعدما ظنت الجارة الشرقية للمغرب، “واهية” أن “هذا القرار سيضعف المملكة وسيدفع بإسبانيا إلى الاصطفاف إلى جانبها”، مردفاً في التدوينة نفسها: “إلا أن العكس هو الذي حصل”، بعد القرار الأخير لحكومة مدريد.
وأوضح أنه بعد وقف الجزائر، العمل خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، و”وبعد أزمة الطاقة التي مرت منها إسبانيا جراء هذا القرار، اكتشف الإسبان بأن الجزائر ليست دولة ذات مصداقية ولا يمكن أن يعول عليها وأنها تحت قيادة شرذمة من العساكر ليس لهم مبادئ ولا يحترمون التزامات بلدهم”.
ونبه بنيس، إلى أنه في الوقت الحالي، لم يعد “الغاز الجزائري يشكل سوى 23 في المائة، من الواردات الإسبانية من الغاز، بعدما كان في السابق يشكل أكثر من 45 في المائة”، مردفاً في السياق ذاته، أنه “ليس هناك شك في أن إسبانيا ستعتمد في المستقبل على الغاز المسال القادم من قطر والولايات المتحدة الأمريكية”.
وأشار إلى ضرورة “قراءة القرار الإسباني من هذه الزاوية”، مبرزاً أنه “من بين الأسباب الرئيسية التي كانت تدفع إسبانيا إلى عدم الموقف المغربي بشكل علني وفي بعض الأحيان التواطؤ مع الجزائر، هو اعتمادها بشكل كبير على الغاز الجزائري وتخوفها من ردة فعل انتقامية من الجزائر”.
واختتم بنيس: “والآن بعدما رأت إسبانيا أنه لم يعد بوسعها الاعتماد بشكل كبير على الغاز الجزائر وأوجدت بدائل له، فقد تحررت من الضغوط الجزائرية وأصبح بوسعها دعم مغربية الصحراء بالنظر لثقل وقيمة المصالح المشتركة التي تجمعها مع المغرب”.
تعليقات الزوار ( 0 )