تستعد السلطات الجزائرية لإرسال سفير إلى إسبانيا، وبالتالي إنهاء الأزمة الثنائية المستمرة منذ 19 شهرًا، وذلك بعد أن اعترفت مدريد بمغربية الصحراء، ثم تطورت التوترات بعد تهديد الجزائر بفسخ عقود إمداد البلد الأوروبي بالغاز.
وفي 19 مارس، أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد للتشاور على خلفية الموقف الجديد لمدريد بشأن قضية الصحراء، وفي مقابلة مع وسائل إعلام محلية، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إن “موقف مدريد الجديد غير مقبول وأن الجزائر لن تتخلى عن القضية الصحراوية مهما حدث”.
وأفادت صحيفة “الكونفيدنشال” الإسبانية في تقرير لها (الأربعاء)، أن تبون يعتزم إرسال عبد الفتاح دغموم إلى إسبانيا، الذي كان في أيامه متواجد بالفعل في مدريد كوزير مستشار، أي الوزير الثاني في السفارة الجزائرية، ثم تم تعيينه سنة 2019 سفيرا للجزائر بغينيا كوناكري، وقبل أشهر قليلة عاد إلى وزارة الخارجية.
وفي هذا الصدد، أوضح مسؤول كبير سابق في الحكومة الجزائرية، على دراية جيدة بالعلاقات مع إسبانيا. أن “العودة إلى الحياة الطبيعية ليست فكرة جديدة، ولكن كان لا بد من إيجاد اللحظة المناسبة للقيام بذلك”.
وأضاف المسؤول ذاته: “اعتقدت أنني فهمت أن خطاب سانشيز في الجمعية العامة للأمم المتحدة كان يفضل إرسال سفير إلى مدريد، ودعا سانشيز في 22 شتنبر، أمام الجمعية العامة الثامنة والسبعين في نيويورك، إلى البحث عن حل لنزاع الصحراء “في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، ودافع عن “حل سياسي ومقبول للطرفين” من قبل الطرفين”.
وبحسب الصحيفة، فإنه ليس من الواضح ما إذا كان تعيين سفير جديد في مدريد سينهي سريعا المقاطعة الجزائرية للمنتجات الإسبانية، حيث علقت رئاسة الجزائر، في 8 يونيو 2022، معاهدة الصداقة والتعاون الموقعة مع إسبانيا عام 2002، ثم اعترضت، دون الاعتراف بها علنا، على التجارة مع إسبانيا واستبعدت الشركات الإسبانية من المناقصات العامة.
ولم تحافظ الجزائر إلا على تصدير الغاز عبر خط أنابيب الغاز ميدغاز، من بني صاف إلى ألميريا، وقامت الشركات الإسبانية المتضررة من المقاطعة، والتي خسرت مليارات اليورو من الصادرات، بإعادة تنظيم صفوفها لتأسيس جمعية الشركات المتضررة من الأزمة الجزائرية.
وتتمثل نيتها في تقديم مطالبة بالمسؤولية الموروثة للدولة عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة لقرار سياسي اتخذته الحكومة، وقبل كل شيء، المصدرون الإيطاليون هم الذين ملأوا الفجوات التي خلفها الإسبان.
وقبل شهرين من دخول الحظر التجاري حيز التنفيذ، اعتمدت الجزائر عقوبة أخرى، ومنذ 2 أبريل 2022، علقت عمليات ترحيل المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى شبه الجزيرة وجزر البليار، وحتى ذلك الحين، كانت عمليات الإعادة إلى الوطن تتم عن طريق السفن.
وفي الأسابيع الأخيرة، ظهرت بعض أعراض الانفراج، ولعل أهمها كان الزيادة في صادرات الغاز الجزائري، والتي شكلت، في شتنبر، 42.4% من واردات إسبانيا من هذا الهيدروكربون، بينما انخفض الغاز القادم من الولايات المتحدة في نفس الشهر إلى 20٪ فقط.
وقبل عام واحد، اشترت أسبانيا من الولايات المتحدة كميات من الغاز المسال تفوق كثيراً ما تم ضخه عبر خط أنابيب الغاز ميدغاز، وكانت هناك علامات أخيرة أخرى على تحسن العلاقات الثنائية.
ووافقت وزارة الطاقة الجزائرية على قيام شركة النفط الإسبانية ريبسول، إلى جانب الشركة الألمانية فينترسهال ديا، بشراء مشاركة الشركة الإيطالية إديسون آر إس بي سبا في حقل رقان نورد للغاز الواقع جنوب البلاد.
ولم تسمح وزارة النقل الجزائرية لشركة الطيران العمومية الخطوط الجوية الجزائرية بزيادة رحلاتها مع إسبانيا في عام 2022، كما لم تتمكن أيبيريا أو فيولينغ من زيادة تردداتها مع الجزائر، وكان الطلب أعلى بكثير من العرض.
والآن، سمحت الجزائر لشركة طيران فيولينغ بربط برشلونة مع وهران، مع الحفاظ على تردداتها مع الجزائر العاصمة، كما ستقوم الخطوط الجوية الجزائرية قريبا بربط الجزائر العاصمة بالما دي مايوركا.
وذكرت الصحيفة، أن إسبانيا والجزائر تستعدان للتنافس في مجال آخر، وهو مجال الطاقة الخضراء، وفي دجنبر الماضي، تم تقديم H2Med إلى دعوة المفوضية الأوروبية للمشاريع ذات الاهتمام المشترك، وهو ممر للهيدروجين المتجدد تشارك فيه إسبانيا والبرتغال وفرنسا وانضمت إليه ألمانيا فيما بعد.
ووفقًا لموقع مونكلوا الإلكتروني، فإنه إذا مضت إسبانيا قدمًا في هذا المشروع، فسوف تصبح “مركزًا رائدًا للطاقة الخضراء في جميع أنحاء أوروبا”، وهذا المشروع الطموح كان له منافس رئيسي، South2H2، الذي روجت له الجزائر. وسينشأ ممر هيدروجيني آخر في ذلك البلد، ويمر عبر تونس وإيطاليا والنمسا، وينتهي أيضًا في ألمانيا.
ووقعت حكومات هذه الدول الأربع على خطاب دعم سياسي لهذا المشروع يظهر اهتمامها، دون الالتزام بأي شيء محدد، وقدمها وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب الأسبوع الماضي، ومنذ سحب سفيرها في مدريد، منحت الجزائر امتيازات ممنهجة لإيطاليا في خططها المتعلقة بالطاقة على حساب إسبانيا.
تعليقات الزوار ( 0 )