ما زال جيش الاحتلال الإسرائيلي يتمادى في عدوانه على قطاع غزة لليوم الثاني عشر على التوالي، حيث كثف غاراته الجوية مستهدفًا المدنيين وكذلك المستشفيات على نطاق واسع في مناطق مختلفة من القطاع المحاصر منذ 17 عامًا، في محاولة لإبادة جماعية لأهل غزة، مما ينذر بدخول مسلسل هذا الصراع في مرحلة جديدة استراتيجة قد تعصف بما يسمى باتفاقيات أبراهام، وسط حديث في الأوساط السياسية عن إمكانية تراجع الرباط عن التطبيع مع تل أبيب.
ومع تزايد الهجمات الهمجية الإسرائيلية على قطاع غزة، تظاهر عشرات الآلاف في الرباط، أول يوم أمس الأحد للتضامن مع الفلسطينيين والمطالبة بالتراجع عن التطبيع مع إسرائيل، في مسيرة هي الأضخم منذ استئناف المغرب علاقاته الدبلوماسية مع الدولة العبرية، حيث هتف المتظاهرون بشعارات من قبيل: “الشعب يريد إسقاط التطبيع” مع إسرائيل، و”ضد الاحتلال ضد التطبيع”، و”صامدون صامدون للتطبيع رافضون”.
تراجع المغرب عن التطبيع مع تل أبيب أمر ممكن ووارد
هشام معتضد، الخبير المغربي في العلاقات الدولية، يرى أن “تراجع المغرب عن التطبيع مع تل أبيب أمر ممكن، ووارد جدًا في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الأحداث في غزة، وعلى المستوى الجيوسياسي في المنطقة، خاصة بعد التوجهات السياسية التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية والتي تنذر بدخول مسلسل هذا الصراع في مرحلة جديدة استراتيجيًا”.
وأوضح الخبير السياسي، المقيم بكندا، في حديث مع جريدة “بناصا”، أن “إسرائيل تتجه لتغيير الوضع فوق الميدان، وبالتالي المساس بخطوط لطالما كانت حمراء في مسلسل تسوية ملف القضية الفلسطينية، وهذا سينعكس بدون شك على مسارات التطبيع الذي جندت له كل الآليات والوسائل الممكنة وقد ينهار بشكل كامل وكلي في ظل التهور السياسي الذي تتخبط فيه مؤسستها السياسية والإستراتيجية حاليًا”.
إسرائيل لا تستوعب الدروس
وبحسب المتحدث ذاته، فـ”إن الحكومة الاسرائيلية لم تستوعب بعد دروس التاريخ، ولا هي قادرة على فهم ثنايا تطور الفكر الفلسطيني والعربي، وهو ما سينعكس سلبا وبدون شك على تصورها الاستراتيجي بخصوص آمالها في بناء سلام استراتيجي مع فضاءها السياسي وسعيها لكسب رهان التطبيع مع الدول العربية في المنطقة”.
وأضاف معتضد، أنه “وللأسف فمشكل تدبير شؤون الدولة في إسرائيل مرتبط بتبنيه لازدواجية المقاربة في تدبير الملفات والأحداث، حيت أن القيادة الإسرائيلية تختار وتدافع عن الخيار السياسي والدبلوماسي في ترويجها لرغباتها في التطبيع مع الدول العربية الإسلامية من جهة، وعلى الميدان تطبق المقاربة الاندفاعية والعسكرية انطلاقًا من حيثيات عقائدية بعيدًا عن منطق السلام والسلم كأرضية للبناء السياسي، وهو ما يشكل عرقلة كبيرة لإحراز أي تقدم في مسلسل التسوية السياسية للقضية”.
وأشار الخبير المغربي في العلاقات الدولية، إلى أن “فلسفة التطبيع التي روجت لها تل أبيب وحرصت بكل الوسائل على وضع لبناتها قد فقد الكثير من رصيدها السياسي والإستراتيجي وباتت مجرد تصورات شكلية أُفرغت من روحها السياسية، وذلك بإختيارها للحل العسكري المدمر كمقاربة لتدبير الأحداث الميدانية فوق الأراضي الفلسطينية”.
تعليقات الزوار ( 0 )