خلقت القرارات التي أعلن عنها سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، نوعا من الارتباك في عملية التعلم عن بعد التي كان الوزارة قد أعلنت عنها فور الإعلان عن التدابير والإجراءات ذات الصلة بحالة الطوارئ الصحية.
وإن جاز وصف الإجراءات التي أعلن عنها الوزير أمزازي أمام ممثلي الأمة الأسبوع المنصرم، بالجريئة وغير المسبوقة نظرا لاهتمامها أساسا بضمان توفير أقصى شروط السلامة الصحية لعموم المتمدرسين، فإن لنساء ورجال التعليم رأي آخر في الموضوع، حيث أكد غالبيتهم أن إعلان الوزارة أن مواضيع امتحان البكالوريا بالنسبة للسنة الأولى والثانية، ستشمل حصريا الدروس التي تم إنجازها، حضوريا، قبل تعليق الدراسة، جعل التلاميذ يفقدون تركيزهم وحماسهم خلال حصص التعلم عن بعد، والسبب هو تحجج التلاميذ بأن الدروس التي يتلقونها عن بعد لن يمتحنوا فيها.
نفس الانطباع عبر عنه نساء ورجال التعليم بالمستويات الثلاث (ابتدائي، إعدادي، ثانوي)، والذي أكدوا في تصريحات متطابقة للموقع أن إعلان الوزارة لقرارها القاضي بعدم إخضاع التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بهذه المستويات لامتحانات آخر السنة، بما في ذلك الامتحان الخاص بالمستوى السادس ابتدائي وامتحان السنة الثالثة إعدادي، وسيتم إقرار النجاح والمرور إلى المستوى الموالي استنادا على نقط الامتحانات وفروض المراقبة المستمرة المنجزة، حضوريا، إلى حدود تاريخ تعليق الدراسة، أي 14 مارس 2020، قد أفق تلاميذ هذه المستويات الدراسية تركيزهم بل وحضورهم لمجموعات التعلم التي تم إنشاؤها لهذا الغرض على تطبيق “الواتساب” وغيره.
معتبرين أن ازدواجية الخطاب وتناقض مضامين بلاغ 13 ماي الجاري، والذي أحدد من جهة تواريخ وظروف إجراءات امتحانات السنة الأولى والثانية بكالوريا، كما حدد كيفية احتساب نقط السنة الدراسية الحالية والتي تعتمد أساسا وحصرا على نقط المراقبة المستمرة لفترة ما قبل الإعلان على حالة الطوارئ الصحية، في مقابل الإشارة، في ذات البلاغ، إلى أن “الموسم الدراسي الحالي لم ينته بعد، حيث تكتسي المحطات المتبقية أهمية بالغة في المسار الدراسي للتلميذات والتلاميذ، حيث ستمكن بناتنا وأبنائنا من اكتساب المعارف والكفايات التي ستؤهلهم لمتابعة دراستهم في السنة المقبلة بشكل عادي ووفق التدرج البيداغوجي اللازم وتجنيبهم التعثرات التي يمكن أن تصادفهم مستقبلا”.
وتفاعلا مع الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، والمرتبطة أساسا بعدم التحاق التلاميذ بالفصول الدراسية فيما تبقى من السنة الدراسية وإلغاء الامتحان الاشهادي لمستوى السادس ابتدائي وكذلك التاسعة أساسي، مع الاحتفاظ فقط بالامتحان الوطني للأولى باكالوريا خلال شهر يوليوز والثانية باكالوريا خلال شهر ستنبر، مع اعتماد الدروس التي قدمت حضوريا في الامتحانات يعني في حدود 75 % من المقررات الدراسية، يرى عبد الوهاب السحيمي عضو المجلس الوطني لتنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات أنها تبقى مقبولة خصوصا في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر منها البلاد. “وهي إجراءات تراعي صحة وسلامة التلاميذ والأساتذة وعموم المتدخلين بالمنظومة التعليمية”، بحسب تعبيره.
أما قرار الاعتماد على الدروس الحضورية فقط في الامتحانات والفروض، فيرى السحيمي أنه جاء استجابة لنداءات سابقة من أساتذة وفاعلين ومهتمين. مشيرا إلى أن “التعليم عن بعد الذي انطلق يوم 16 مارس لم يضمن تكافؤ الفرص لجميع المتعلمين، لذلك كان مطلب الكل هو عدم احتساب الدروس التي تقدم بهذه العملية في الامتحانات والفروض. إضافة إلى مطالب سابقة بإلغاء امتحان السادس الاشهادي وكذلك التاسعة أساسي لأنهما أصبحا متجاوزين وليس لهم أي دور في التقييم، وهو ما استجابت له الوزارة من خلال بلاغها”. مقترحا العودة لمجالس الأقسام للحسم في كل ما له علاقة بالفروض التي لم تنجز خلال الدورة الثانية، لأنها الجهة الوحيدة، بحسبه، التي يمكن أن تدبر هذه المرحلة بنسبة عالية من الدقة والنجاح.
وبخصوص الصيغ المعتمدة في امتحانات البكالوريا، يؤكد عضو المجلس الوطني لتنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات أن “الامتحان المعمول به حاليا هو الآخر يحتاج للمراجعة والتعديل، فهذا النموذج أثبتت سنوات تنزيله فشله في التقييم، والدليل هي نسبة النجاع العالية جدا التي تسجل في مستوى الباكالوريا والتي تعرف تزايدا كل سنة مع العلم أن التقارير الدولية والوطنية وحتى الرسمية تؤكد بأن المنظومة التعليمية تعرف أزمة عميقة. فكيف يمكن أن تكون المدرسة والمنظومة التعليمية في المغرب تعرف أزمة وبالمقابل نجد نسبة النجاح في الباكالوريا تتجاوز 80 %؟”.
قرار الوزير سعيد أمزازي عدم عودة الطلبة إلى المدرجات هذا الموسم وبأنه سيتم الاكتفاء بإجراء الامتحانات، دون الافصاح عن الآلية التي سيتم اتباعها لتدبير هذه الاستحقاقات، فيرى ذات المتحدث أن للوزارة الوصية على القطاع خيارين مناسبين لتدبير هذه العملية:
الخيار الأول
ينبني على تنظيم الامتحانات خلال شهر يوليوز شريطة اعتماد التفويج. يعني أن يجتاز طلبة السداسية الثانية الامتحانات في مرحلة أولى ويتبعهم طلبة السداسية الرابعة في مرحلة ثانية ثم طلبة السداسية السادسة. كما يمكن أن يعتمد نظام التفويج حسب التخصصات، يعني أن يجتاز طلبة القانون العام الامتحانات ثم يتبعهم طلبة القانون الخاص ثم طلبة الاقتصاد…، لافتا الانتباه إلى أن هذه الصيغة ستتطلب وقتا أطول لتمرير جميع الامتحانات بمختلف التخصصات والسداسيات.
الخيار الثاني
فيقترح السحيمي أن يتم إرجاء الامتحانات إلى شهر شتنبر، وفي تقديره، هذا هو المقترح الأصوب. ففي التعليم العالي وعكس التعليم الأساسي، سيتم إجراء امتحانات في دروس قُدِّمت عن بعد لأن معظم الطلبة لم يتلقوا دروسا حضورية خلال النصف الثاني من السنة الجامعية، “وقد ورأينا جميعا بأن الدروس التي قدمت في القناة الرياضية للتعليم الجامعي كانت تتسم بالسرعة نظرا لضيق الوقت، وبالتالي هناك حاجة لتمكين الطلبة من وقت إضافي لتحضير دروسهم”، يضيف ذات المتحدث في تصريحه.
أما موضوع إجراء الاختبارات عن بعد، فسيكون قرارا عبثيا وكارثيا، بحسب عبد الوهاب السحيمي عضو المجلس الوطني لتنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات، وستكون النقط الناتجة عن هذه الاختبارات فاقدة للمصداقية وللموضوعية، مشددا على أن الحلين الأصوبين والأنسبين هما اعتماد نظام التفويج خلال شهر يوليوز أو إرجاء الامتحانات إلى شهر شتنبر.
تعليقات الزوار ( 0 )