عقدت قيادتا حزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية أمس الاثنين، اجتماعا برئاسة الأمينين العامين نزار بركة ومحمد نبيل بنعبد الله، وهو أول لقاء يجمع الحزبين بعد فك التقدم والاشتراكية الارتباط مع التحالف الحكومي.
وذكر بلاغ صحفي أن اللقاء، الذي جمع بين الزعيمين للحزبين، “استعراض راهنية الوضع السياسي والتحديات المستقبلية المرتبطة بالمسار الديمقراطي ببلادنا”.
كما يأتي هذا اللقاء في سياق “العلاقات النضالية التاريخية بين الحزبين، والمعارك المشتركة التي خاضاها من أجل الحصول على استقلال البلاد وتوطيده، ومن أجل الدفاع عن الوحدة الترابية واستكمالها، ومن أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة القائمة على العدالة الاجتماعي”.
وتطرق اللقاء إلى واقع الوضع السياسي والإكراهات المرتبطة به، حيث وقفا على التداعيات السلبية لأزمة السياسة التي تشهدها البلاد، والناتجة أساسا عن عدة اختلالات بنيوية ووظيفية تتجسد في تراجع منسوب الثقة في العمل السياسي وفي مصداقية المؤسسات المنتخبة وطنيا وترابيا، وانحسار الأدوار الدستورية للأحزاب السياسية وباقي مؤسسات الوساطة في المجتمع، والعجز الحكومي على تقديم الأجوبة التي تتطلبها هذه الأوضاع.
وتعهد الحزبان بإنضاج الشروط الكفيلة بإطلاق النقاش العمومي حول ورش الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، بهدف تقوية وتوطيد الاختيار الديمقراطي، وفتح الآفاق التي تُمَكِّنُ من بلورة تعاقد سياسي واجتماعي جديد يكون بمثابة المدخل المفصلي لإرساء النموذج التنموي الجديد.
ويأتي هذا اللقاء، بعد يوم واحد، على انتخاب عبد اللطيف وهبي أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، وهو ما يرى بعض المحللين السياسيين أن وهبي سيخلط الأوراق في المشهد السياسي، ولاسيما إعلان نيته في فتح التعاون والتنسيق والتحالف مع جميع الأحزاب السياسية، وبدون خطوط حمراء، بما فيها حزب العدالة والتنمية الذي ظل غريما لحزب الأصالة والمعاصرة لمدة زمنية تجاوزت عقدا من الزمن.
فهل يسعى حزب التقدم والاشتراكية إلى بناء تحالف حزبي بعيدا عن حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتتنمية، خصوصا أن حزب الاستقلال فك ارتباطه بالتحالف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية برئاسة عبد الإله بنكيران عام 2014، وحزب التقدم والاشتراكية هو أيضا فك ارتباطه بالتحالف الحكومي الذي يقوده “البيجيدي” في شخص سعد الدين العثماني خلال السنة الماضية؟
انطلاق عمل سياسي مشترك بين حزبين تاريخيين
ويأتي هذا اللقاء الذي جمع بين الحزبين، حسب كريم التاج، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في سياق العلاقات التاريخية التي تربط بين الحزبين، فهما حزبان ليسا وليدي اللحظة، بل إن الأصول التاريخية للحزبين، والتي تعود إلى الحركة الوطنية، ومقاومة الاستعمار، تعتبر عنصرا فاعلا في التقارب بين الحزبين: التقدم والاشتراكية والاستقلال
وأضاف كريم التاج، في اتصال مع جريدة (بناصا) بأن هناك تطابقا في “نظرة كل حزب على حدة بالنظر إلى الوضعية الراهنة التي تعيشها البلاد، وبالنظر أيضا إلى التشخيص والمقترحات والمبادرات المتخذة”.
وأكد التاج بأن هذا الاجتماع هو بمثابة انطلاق لعمل مشترك “والذي نتمنى أن يتوسع ليشمل أطرافا أخرى ليس داخل المشهد الحزبي وحسب، بل داخل المجتمع بصفة عامة من قبيل الفاعلين المدنيين، وذلك للدفاع عن المطالب الإصلاحية”.
وهل اللقاءات الممكنة ستشمل أحزابا معارضة كحزب “البام” مثلا؟
في الجواب على السؤال، يقول كريم التاج، في اتصال هاتفي مع جريدة (بناصا): “لا يمنع التنسيق مع “البام” بحكم وجوده في المعارضة وخاصة إذا ما كانت هناك قواسم مشتركة أوضح وأقوى في المستقبل، وهي أمور كلها واردة ومفتوحة على المستقبل”.
وهل يسعى حزب التقدم والاشتراكية إلى إحياء الكتلة من جديد؟ يجيب كريم التاج: “نسعى إلى إحياء الكتلة بشكل جديد ومنقح وليس من الضروري أن تقتصر على مكوناتها الأربعة، بل من الضروري أن يكون المشروع الإصلاحي في الجوهر هو الأهم، وهو ما كانت تشتغل عليه الكتلة، ووقع ما وقع وتغيرت المواقع، والأمور لا تقاس بمقياس المعارضة والاغلبية، الأمور تقاس، اليوم، بالمشروع الإصلاحي برمته” يقول التاج.
البحث عن مؤسسات قوية قادرة على تنزيل المشروع التنموي
من جهته، أكد عبد الجبار الراشيدي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، بأن اللقاء الذي جمع حزبه بحزب التقدم والاشتراكية، كان تشاوريا بين الحزبين، وجاء على خلفية الرسالتين الموجهتين من قبل كل من حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية، إلى رئيس الحكومة بخصوص الإصلاحات السياسية وإصلاح منظومة الانتخابات”.
واعتبر الراشيدي في اتصال مع جريدة (بناصا) بأن “الحقل السياسي اليوم أصبح مترهلا” ، حسب تعبيره، وأن هناك “أزمة شاملة تتمثل في العزوف وغياب الثقة ومظاهر شتى للأزمة”.
ولذلك، يرى الراشيدي، أنه بات “من الواجب فتح ورش الإصلاحات السياسة وفتح ورش الإصلاحات الديمقراطية حتى نتمكن من إعادة الاعتبار والثقة للعمل السياسي وتدعيم المسار الديمقراطي في بلادنا”.
كما شدد المتحدث أن الهدف من الاجتماع هو التشاو لتدارس إمكانية تعبئة باقي الفاعلين السياسيين للانخراط في هذا الورش الإصلاحي الوطني”.
وهل يقتصر هذا اللقاء التشاوري على حزبين فقط أم أن عملية المشاورات ستتسع لتشمل مكونات سياسية أخرى؟
يجيب الراشيدي بأن “المشاورات ستتوسع لتشمل أحزاب أخرى” مضيفا بأن هناك مبادرات أخرى قد انطلقت في هذا الاتجاه، مع جميع الأحزاب من المعارضة والأغلبية، لأن هذا الأمر لهم أهمية كبرى تتجسد في التملك الجماعي للمشروع الإصلاحي الوطني.
واعتبر المتحدث بأن اللقاءات المقبلة ستعتمد، أساسا، على “آليات التشاور والحوار للخروج بنوع من التعاقد السياسي يضع موضوع النموذج التنموي الجديد في عين الاعتبار” لأن هذا النموذج، يضيف عضو اللجنة التنفيذية لحزب الميزان، “يحتاج إلى مؤسسات قوية من جماعات وجهات وبرلمان وحكومة، ومؤسسات قوية قادرة على التنزيل الأمثل لهذا المشروع التنموي الجديد”.
“المدخل الأساسي لهذا النموذج هو المدخل السياسي الديمقراطي الذي يمكن من ضمان شروط النجاح لهذا النموذج” يخلص الراشيدي في اتصال مع جريدة (بناصا) الإلكترونية.
تعليقات الزوار ( 0 )