أتمّت حكومة عزيز أخنوش، أمس الأربعاء، شهرين على تسلّمها للسلطة من طرف سالفتها التي كان يقودها سعد الدين العثماني، دون أن تتمكن، حسب أغلب المتابعين، من تحقيق أدنى طموحات المواطنين الذين صوّتوا لصالح الأحزاب الثلاثة المكونة للأغلبية، بل إن جلّ ما أقرّته السلطة التنفيذية الجديدة، خلّف احتجاجات واسعة في شوارع المدن المغربية.
وتسلمت حكومة أخنوش، السلطة من سالفتها، في الـ 8 من شهر أكتوبر الماضي، وسط آمال كبير علّقها الآلاف من المغاربة عليها، بعد الوعود الضخمة التي رفعتها الأحزاب المكونة لها، وعلى رأسها التجمع الوطني للأحرار، الذي أكد أنه، في حال فوزه، فإنه سيرفع من أجور عدد من الموظفين، وسيخصص مبالغ شهرية للفئات من المواطنين، غير أن كلّ ذلك، سرعان ما تبخّر.
وكانت أولى الإشارات التي هزّت الآمال المعلقة على “حكومة أخنوش”، الإقالة السريعة التي أسقطت نبيلة الرميلي، التي عرفت لاحقاً في الأوساط الإعلامية بـ”وزيرة الأيام الستة”، قبل أن تتلوها العديد من مظاهر الارتباك والتناقض، وتقرّ السلطة الجديدة عدداً من القرارات التي وصفت بأنها لا تخدم مصلحة المغاربة، وتسببت في الاحتجاجات.
وفي هذا السياق، وجه عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، انتقادات شديدة اللهجة، لحكومة عزيز أخنوش، معتبراً أن أسوء حكومة عرفها المغرب منذ أكثر من عشرين سنة، حيث كتب: “هذه هي الحكومة التي صدّع البعض رؤوسنا بوعود الباكور الهندي، التي رفعتها، وكادوا يفقعون عيوننا بزرقة ألوان أحزابها، قبل أن نكتشف أنها أزرG، حكومة عرفها المغرب منذ أكثر من عشرين سنة”.
وانتقد العلام، في تدوينة نشرها بـ”فيسبوك”، مجموعة من مظاهر الارتباك والتناقض التي طبعت عمل الحكومة خلال هذه الفترة، من ضمنها إطلاق وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، لوعد بالتقدم بملتمس لدى الملك محمد السادس، للعفو عن السجناء المتبقين من “حراك الريف”، وهو ما أسعد أمهات المعتقلين، قبل أن يعود بعدها بأيام، ليتراجع عن كلامه، ويؤكد أن العفو يجب أن يطلبه المعتقلون أنفسهم.
واستغرب العلام، في التدوينة نفسها، من توعّد وهبي ذاته، للمحامين في بداية الشهر، بـ”التشديد في استخلاص الضرائب”، قبل أن يقوم باستدعائهم نهاية الشهر “لكي يعتذر لهم”، ليعود مرة أخرى الوزير ذاته، ويراسل نفسه (وهبي الوزير يراسل وهبي رئيس جماعة تارودانت)، من ليطلب تخصيص عقار لبناء محكمة.
وذكّر أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، بواقعة أخرى في السياق ذاته، وتتعلق بوزير الصحة، الذي “أزيح من منصبه وأعيد إليه دون أن يعبر عن أي امتعاض من الموقف، لم يجد أي شيء ينتقم به من الإهانة إلا جواز تلقيح إجباري، ضاربا عرض الحائط كل القوانين وكل التوصيات، بل بلغ به الغرور إلى تقسيم المغاربة إلى أقلية وأكثرية!”.
واستدل العلام أيضا، با قام به “رئيس مجلس النواب، لم يجف الحبر الذي كتبت به قصاصة إجبارية جواز التلقيح، حتى شرع في منع البرلمانيين من ولوج مؤسسة دستورية، مفروض فيها إنتاج القوانين لا تنفيذ القصاصات، مراقبة الحكومة لا الخضوع لها!”، إضافة للرميلي، التي “كانت تعتقد أنها ستعمل في وزارة الصحة حتى الرابعة زوالا، ثم تذهب لكي تقضي حوائج المواطنين ما بين الخامسة والعاشرة مساء”.
وأردف في السياق ذاته: “وكأنها تقسم يومها بين الحمام والكوافير!”، مسترسلاً أن الوزيرة السابقة نفسها، “عينت زوجها نائبا لها، ثم تراجعت عن الأمر بعض الضغوط؛ فوضت كل القطاعات لنوابها ما عدا التعمير، وأكيد أنها خبيرة بهذا القطاع ما دام زوجها هو رئيس فيدرالية المنعشين العقاريين! لم تكتف بمنصب العمدة، بل طمعت في “حتّت” نائبة لرئيس لجنة في مقاطعة تابعة لها! “.
وواصل العلام: “وزيرة تلبس رداء حزب علال الفاسي، أبت إلا أن تأخذ معها زوجها أينما حلت وارتحلت، وكأنها تجر خلفها حقيبة السفر!”، مضيفاً :”رئيس حكومة، هو أقرب إلى وزير أول منه إلى رئيس الحكومة، يجمع بين منصب رئيس بلدية ورئيس حكومة، تصريحاته باهته، صمته طويل، وعوده في واد وممارسة الحكومة التي يرأسها في واد آخر”.
وأبرز أن خطابات رئيس الحكومة: “يتابعها خمس نسمة، جاء للبرلمان بمشروع قانون مالية يتضمن 6 في المائة عجز ميزانية، ويعول على 40 مليار درهم ديون خارجية، ومع ذلك ينتظر من المغاربة التصفيقات، فقط لأنه يعدهم بدولة اجتماعية تسقّف السن بدل تسقيف أسعار المازوط الذي يملك أكبر شركة موزعة له!”.
وأشار إلى أن الحكومة، تضم أيضا، وزيراً: “ترك كل أزامات التعليم، وركز على عمر الأساتذة، وكلما تراجعت الاحتجاجات زادها جمرةً، فما إن أعلن عن تسقيف السن حتى أتبعه باستفزاز تلاميذ المدارس، ثم ما لبث أن أشعل جبهة جديدة، بأن أخبر جميع طلبة المغرب بأن ولوج التعليم السنة المقبلة سيكون من خلال تكوين يبتدئ من الباكالوريا”.
وأبدى العلام استغرابه: “وكأن الوزارة ستجمد التوظيف في التعليم أربع سنوات إلى حين تخرّج أول فوج من كليات علوم التربية! وكأن أساتذة الفيزياء والبيولوجيا والجيولوجيا وغيرهم من التخصصات العلمية، سيتخرجون من كليات التربية وليس من مختبرات كليات العلوم، وكأنهم سيعلمون التلاميذ الديداكتيك وليس الفيزياء والكيمياء…إلخ!”.
وإلى ذلك، تابع العلام: “وزير ميزانية قادم من التقنوقراط وكرة القدم، يخبر المتعاقدين أنه لا مجال لإدماجهم، ثم يعود بعد يومين لكي يخبرهم أن الملف لم يطوَ! يرغد ويزبد في البرلمان لأن نائبا من حزب أغلبيته اعترض على تخفيض ضرائب الشركات استجابة للتعديل الذي طلبه اتحاد مقاولات المغرب في مجلس المستشارين، ويهدد بالانسحاب من اللجنة لأن نائبا من أغلبيته استغرب استجابة الحكومة لتعديل الباطرونا!”.
ومضى يقول في تدوينته: “يريد الوزير أن يحول البرلمان إلى غرفة للتسجيل بعدما وقعت الأحزاب ميثاق الأغلبية الذي بموجبه سترفع الحكومة الدعاء ويرد عليها البرلمان بـ “آمين”، حتى لا ينفرط ميثاق الأغلبية!”، متابعاً: “هذه هي حكومة الكفاءات التي كاد البعض أن يقنع العالم بضرورة خرق الدستور وإقالة سالفتها “سيئة الذكر” وتعيين “حكومة كفاءات”.
وخلص أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، في ختام تدوينته، إلى أن “هذه هي الحكومة التي صدّع البعض رؤوسنا بوعود “الباكور الهندي” التي رفعتها، وكادوا يفقعون عيوننا بزرقة ألوان أحزابها، قبل أن نكتشف أنها “أزرG” حكومة عرفها المغرب منذ أكثر من عشرين سنة”، حسب تعبيره.
لاسف حكومة فاشلة حتى النخاع ….المخزن لم يعد يلفي ما يشري به الوقت