شارك المقال
  • تم النسخ

بعد تفاقمها.. هل تتطوّر الأزمة المغربية الإسبانية إلى قطع العلاقات بين البلدين؟

تعيش العلاقات الإسبانية المغربية إحدى أسوء مراحلها منذ سنوات طويلة، بعد أن سمحت الجارة الشمالية للمملكة بدخول زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي، للاستشفاء داخلها، بمبررات وصفتها بـ”الإنسانية”، وهو ما اعتبر تعبيراً صريحاً من قبلها على موقفها من النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.

واستدعت وزارة الخارجية المغربية السفير الإسباني في الرباط، من أجل اللاستفسار عن موقف حكومة مدريد من هذا التطور، معربةً عن أسفها من استضافة الجارة الشمالية لزعيم ميليشيات البوليساريو الانفصالية، المتهم بارتكاب جرائم حرب خطيرة وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مؤكدةً أن هذا الأمر يتناف مع “روح الشراكة وحسن الجوار”.

وفي ظل هذا الوضع، طرح مجموعة من المتابعين احتمال لجوء المغرب لقطع علاقاته بشكل كامل مع إسبانيا، التي استضافت زعيم الانفصاليين المغاربة خفيةً، قبل أن تكتشف الاستخبارات المغربية الأمر، وفق ما نقلته صحف الجارة الشمالية، خصوصاً أن الرباط اعتمدت إستراتيجية جديدة في الفترة الأخيرة، وباتت تتعامل بصرامة مع من يلتزم الحياد السلبي في قضاياها الوطنية.

وقال عبد العالي بنلياس أستاذ القانون الدولي العام بكلية الحقوق السويسي بالرباط، إنه “من المستبعد أن يقطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسبانيا لأن الموضوع تم التعامل معه من جانب الدبلوماسية المغربية بنوع من إثارة انتباه حكومة مدريد إلى أن مثل هذه التصرفات لا يمكن أن تمر مهما كانت الاعتبارات والمسوغات التي تدفع بها الدبلوماسية الإسبانية”.

وأضاف بنلياس المتخصص في القانون الدولي والعلاقات الدولية، في تصريح لجريدة “بناصا”، أن وزارة الخارجية خلال تعاملها مع الأمر، “عبرت عن استيائها من قبول شخص يعادي الوحدة الترابية للمملكة على اراضيها، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن المغرب سوف يتعامل بحزم مع هكذا تصرفات من قبل إسبانيا”.

وأوضح المتحدث أن “العلاقات المغربية الإسبانية، بالرغم من المصالح الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية والتعاون الأمني في محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، إلا أنها تمرّ بنوع من الفتور والتوتر الخفي أحياناً والعلني أحياناً أخرى، بسبب بعض المواقف المستفزة لإسبانيا والتي لها علاقة بالوحدة الترابية للمغرب”.

وأبرز أن قبول السلطات الإسبانية لدخول رئيس جبهة البوليساريو إلى أراضيها بهوية مزورة، شكّل “عملاً فيه نوع من التستر وعدم الأخذ بعين الاعتبار لعلاقات الجوار، وللنزاع القائم بين المغرب وزعيم هذه الحركة الانفصالية”، مستطرداً: “وإن كانت وزيرة خارجية إسبانيا قد حاولت التخفيف من غضب المغرب من ذلك، حيث اعتبرت أن قبول دخول غالي كان لأسباب إنسانية، ومذكرةً أن المغرب جار وصديق وشريك مميز”.

واعتبر بنلياس بأن “غضب المغرب من هذا القرار هو موقف يوجه فيه رسالة واضحة وعلنية، بأنه لا يقبل إطلاقا التستر، ومهما كانت المبررات، بوجود شخص متهم بارتكاب جرائم الإبادة والتعذيب والاختطاف في حق المحتجزين بمخيمات تندوف، للإفلات من الاستماع إليه وفتح المتابعة القضائية في حقه، وهو ما يعني كذلك تضييق الخناق على تحرك قيادة جبهة البوليساريو بالخارج”.

ونبه الأستاذ المتخصص في العلاقات الدولية، إلى أن “علاقات الجوار وخصوصية الشخص الذي قبلت السلطات الإسبانية استقباله تفرض على الحكومة الإسبانية إطلاق المغرب وإخباره بما تنوي القيام به، وليس التنسيق مع السلطات الجزائرية التي لم تستطع أن تؤمن له الدخول إلى الأراضي الألمانية التي رفضت استقباله حتى لا تتور العلاقة أكثر بينها وبين المغرب”.

يشار إلى أن التوتر بين المغرب وإسبانيا عرف العديد من المنعرجات في الفترة الأخيرة، بعد إغلاق المملكة للحدود مع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، ومصادقة البرلمان على ترسيم حدود البلاد البحرية، واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وهو ما تلاه تعبير مدريد عن رفضها للأمر، وتأكيدها على أنها ستعمل على إقناع بايدن بالتراجع.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي