أثارت تغريدة هلين لوغال، سفيرة فرنسا بالمغرب، جدلا وغضبا واسعا على شبكات التواصل الاجتماعي، بعد اجتماعها أمس الجمعة، مع رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي شكيب بنموسى، وصرّحت أنه قدّم لها تقريرا مرحليا عن عمل اللجنة.
وحسب السفيرة الفرنسية فإن اللقاء كان يتعلق بتقديم تقرير مرحلي عن عمل لجنة إعداد النموذج التنموي، وهو حسب تغريدة لوغال، ما يمثل آفاق جيدة للتعاون الاقتصادي الفرنسي-المغربي مع ميهوب مزواغي، مدير الوكالة الفرنسية للتنمية بالمغرب.
وجاء بعد يوم من موافقة الملك محمد السادس على تمديد مهلة عمل اللجنة الخاصة بصياغة النموذج التنموي الجديد لـ6 أشهر إضافية، ما أثار انتقادات كثيرة، وأوردت اللجنة على حسابها في تويتر أن بنموسى أجرى حديثا مع سفيرة فرنسا بطلب منها “على غرار لقاءات سابقة مع سفراء لبلدان صديقة وممثلين لمؤسسات دولية”، موضحة أنه “تم الحديث مع لوغال عن المقاربة التشاركية المتفردة للجنة النموذج التنموي”، ومضيفة أن هذه الخطوة كانت “فرصة لتناول العلاقات بين المغرب وفرنسا وبين إفريقيا وأوروبا بعد “كوفيد 19″ ونتائج هذه الأزمة والتحديات التي تطرحها”.
خطأ سيادي جسيم
قال عمر الشرقاوي، أستاذ القانون الدستوري ” في نظري بنموسى ارتكب خطأ سياديا جسيما، فلا يحق له الحديث مع الهيئات الدبلوماسية إلا وفق الأعراف ووفق ما توفر له صفته أو التكليف الممنوح له، ولا يحق له الحديث مع ممثل دولة أخرى عن مشروع مجتمعي يهم الشأن الداخلي للمغاربة مازال قيد الإعداد ولم يحل على أعلى سلطة في البلد.”
وأردف الشرقاوي في تدوينة عبر حسابه أن ” مشروع النموذج التنموي لم يأخد الرأي العام علما بفحواه، وحتى إذا ارتأى بنموسى الاستماع للهيئات الديبلوماسية الممثلة في المغرب في إطار جلساته لإثراء الأفكار حول التجارب التنموية الدولية، فتلك صيغة لها بروتوكولاتها ولا تتم عبر اتصالات بطلب منه أو منها”.
وأكد الأستاذ الجامعي أنه “ينبغي أن يفهم بنموسى أن تغريدة السيدة السفيرة كانت غير موفقة وهي تعطي الانطباع بكوننا ما زلنا نعيش تحت الوصاية الكولونيالية، وفي ظل منطق “اذا سقط المطر في باريس فتحت المظلات في الرباط”، والحال أن المغاربة يريدون اليوم أن يكون نموذجهم التنموي مغربي وسيادي محض بعيدا عن التأثيرات الآتية من تجارب أصابتنا التخمة في الأخذ بها في الدستور والقوانين والمؤسسات والقرارات”.
محطة من محطات انتهاك السيادة
ومن جهته قال الدكتور في علم اللسانيات فؤاد بوعلي “الواجب ألا نستغرب من الأمر مادام الأصل عليلا فكيف تريد أن يكون المُخرَج؟ وكما قيل: منذ البدء كان الخطأ. فلجنة بنموسى التي اختارت لعضويتها بعض الوجوه التي لا تربطها بالمغربي إلا الانتماء “بالصدفة” فهي لم تختر موقعها في الحالة المدنية، وبعضها الآخر لا يعرف عن المغرب إلا الصورة العجائبية التي يقدمها لسادته الفرنسيين من أجل الظهور في الإعلام ودور النشر الفرنكفونية وجل أعضائها لديهم جنسية مزدوجة كما قالت المنابر الإعلامية سابقا” تسعةٌ من أعضاء اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي (حوالي ثلث الأعضاء) لديهم جنسية مزدوجة. فهل يمكن لمثل هذه التركيبة البشرية أن تفكر في المغرب أو بالمغرب”؟
وأضاف بوعلي في تدوينة مطولة عبر حسابه الرسمي”سيخرج العديد من “فقهاء التبرير” ليشرعنوا اللقاء ويجعلوه محطة من محطات التواصل مع الهيئات الديبلوماسية التي لم نعرف عن زيارتها شيئا، فالأمر عادي لأنهم يقومون بوظيفتهم، لكن الأكيد أن ما قام به بنموسى وفريقه ليس إلا محطة من محطات انتهاك سيادة الدولة، فلو كنا في دولة تحترم نظامها واستقلالها وسيادتها لما تجرأ مسؤول على القيام بهذه الخطوة الكارثية، لكن لا تحلموا كثيرا. فالسيادة الوطنية ليست شعارا يرفع في وجه الخصوم السياسيين أو تركيبا لغويا أدرج في النصوص المؤسسة بل هي فعل إجرائي تتمثله الدولة من خلال ممارساتها ومؤسساتها المختلفة…”
الحل هو الإقالة
أثار الأمر غضب النشطاء المغاربة الذين طالبوا بإقالة بنموسى من منصبه، بعدما أصبحت فرنسا أول من يعلم بالخطوط العريضة للنموذج التنموي للبلاد قبل المغاربة، وكتب الناشط السياسي خالد أشيبان، “إذا صحَّ أن شكيب بنموسى قدم فِعلا للسفيرة الفرنسية بالمغرب أي شيء عن أعمال لجنة النموذج التنموي قبل تقديمها رسميا للملك وللمغاربة، فيجب إقالته من منصبه فورا”.
وقال علي فاضلي، ناشط فيسبوكي، “تدوينة السفيرة الفرنسية لا يجب أن تمر مرور الكرام، لأنه لو صح كلامها حول تقديم شكيب بنموسى لتقرير مرحلي حول عمل اللجنة للسفيرة الفرنسية، فهذه فضيحة وتدخل سافر في السيادة المغربية، والحل الوحيد هو إقالة بنموسى من هذه المهمة”.
تعليقات الزوار ( 0 )