قال سعيد مشاك الخبير في القانون الدولي، إن جبهة البوليساريو الانفصالية، تتجه بخطى ثابتة نحو تصنيفها كمنظمة إرهابية، وذلك على خلفية التحريض الذي قام به مجموعة من أتباعها، ضد عدد من الصراويين القاطنين في مدن الجنوب المغربي، ممن يعارضون توجه جماعة الرابوني، والذي وصل إلى حدّ التهديد بالذبح وقتل الأبناء.
وأوضح مشاك في تصريح لجريدة “بناصا”، بأنه “إن كانت جبهة البوليساريو، تتبنى هذه الأساليب في عدائها للمغرب، فإنها ذاهبة بخطى ثابتة، لأن تنزع عليها حتى تلك الصفة التي يطلقها عليها عدد قليل من مناصري حقوق الإنسان، بأنها حركة تبحث عن الاستقلال، وستتذهب بخطى ثابتة وسريعة لتصنف في خانة الجماعات الإرهابية”.
وتابع الخبير في القانون الدولي، أنه حتى “ولإن ذهبنا لمفهوم النزاع المسلح غير الدولي، فهو لا يتم بأي حال من الأحوال بأساليب الميليشيات وبالأساليب الفردية”، معتبراً بأن عجز الجبهة الانفصالية، عن إثبات أنها فعلا تخوض حرباً ضد المغرب، أدى بعدد واسع من أتباعها ومناصريها، لأن يحاولوا بجميع الوسائل خلق حالة من التوتر والخوف في صفوف ساكنة جنوب المغرب، وهذا جرم يعاقب عليه القانون الدولي”.
وشدد المتحدث نفسه، بأن التبني الرسمي لقيادة جبهة البوليساريو، لهذا الخطاب، “يؤكد الإمكانية الواسعة لتصنيفها كمنظمة إرهابية بدون نقاش”، منبهاً إلى أن “القيام بأعمال عدائية، محظور دولياً سواء قامت به دولة بشكل رسمي، أو جماعة، وليس التحريض فقط، بل مجرد تبني السلوك الخاص بالتحريض على القتل، مؤشر كافي لتصنيف الجبهة في خانة التنظيمات الإرهابية بما تعنيه الكلمة من معنى”.
وبشأن إقامة المُحرّضين في دول أوروبية، أوضح مشاك، بأن تقدم المعنيين بالأمر بشكاية لدى النيابة العامة، سيدفعها لفتح تحقيق حتماً، ويمكن أن يصل إلى أبعد الحدود، إلى جانب إمكانية اللجوء إلى مسألة التعاون القضائي، وإخبار الدول التي يقيم فيها المحرضون على القتل، لكي يفتحوا مساطر التحقيق، إما لمحاكمتهم، أو تسليمهم للمغرب لمحاكمتهم في حال كانوا مغاربة.
وأكد مشاك بأنه، حتى وإن كانوا لائجين، فهناك “مساطر معينة في مجال اللجوء، ربما هي معقدة شيئاً ما، ولكن هذا لا يعفيهم ولا يسقط المتابعة، ولابد للبلد الذي يقيمون فيه من أن يتابعهم، لأنهم فعلا لاجئون، ولكن في نفس الوقت، هم محرضون على القتل أيضا، مستبعداً ألا تتحرك الدول التي يقيمون فيها، خصوصاً تلك التي تحترم حقوق الإنسان والديمقراطية، من أجل متابعتهم.
وأردف بأن الأمر لا يتعلق بحرية التعبير، بل بالتحريض على جرائم قتل، معناه أنه يتجاوز حرية التعبير إلى جريمة، مرجحاً أن تتحرك الدول التي يقيمون فيها، في حال توفرت لديها معلومات موثقة، قائلاً: “لا أعتقد أنها ستترك الأمر يمر مرور الكرام، ولابد من التحقيق مع المعنيين، وسيخضعون للتقاضي والمحاكمة العادلة، ويأخذون جزاءهم”.
وذكر مشاك بأن “القانون الدولي، لا يعطي نهائياً الحق للاجئين بأن يحرضوا على القتل أو العنف، لأن اتفاقية جنيف تسقط صفة لاجئ على مرتكبي جرائم الإرهاب، ومن ارتكب جرائم غير سياسية استثنائية الخطورة، قبل الدخول إلى البلد الملجأ، ويسقط الصفة أيضا على الناس الذين يرتكبون جرائم ضد السلام، وجرائم مخالفة لأهداف نظام الأمم المتحدة”.
وفيما يخصّ مراسلة المُهدّدين بالقتل، لمجموعة من المنظمات الحقوقية الدولية، إلى جانب الأمين العامّ للأمم المتحدة، قال مشاك إن الأمم المتحدة ستأخذ المراسلة بعين الاعتبار، كما أن المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، لها إمكانية سلك المساطر القانونية في الدولة التي يقيم فيها المحرضون، إما عن طريق جمعية تشتغل في ميدان حقوق الإنسان في تلك الدولة، أو عبر انتداب محامٍ.
واسترسل الخبير ذاته، بأن “المنظمات الدولية، خصوصاً غير الحكومية، يؤطرها مبدأ أساسي وهو مبدأ الحياد، أي أخذ مسافة من الجميع، وألا تقوم بتسييس حقوق الإنسان”، مسجّلاً “وجود قصور كبير جدّاً في رصد وضعية حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، فنحن لا نعرف كم عدد الأشخاص المحتجزين هناك”.
وأشار المتكلّم إلى أن العديد من قادة الجبهة اختاروا الانسحاب، إما بالعودة إلى المغرب، أو فضّلوا وجهة أخرى، غير أننا “لم يسبق وأن رأينا منظمة حقوقية تقوم بفتح تحقيق بشأن وضع الأشخاص في المخيمات، والانتهاكات الحقوقية التي تقع هناك”، مردفاً: بأن “مقاربة حقوق الإنسان للأوضاع في المخيمات، أو جنوب المغرب، فيه تسييس كبير، ليس فقط عند المنظمات غير الحكومية، بل حتى المنظمات ذات الطابع الحكومي، بما فيها الأمم المتحدة”.
ومضى مشاك يقول “إن لاحظنا مثلا في عدد من أنظمة اشتغال الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، هناك مساطر تسمى بالمساطر الخاصة؛ مقررين خاصين أو ممثلين أو فرق عمل في مجال حقوق محددة، وتكون في هذا النظام زيارات ميدانية، والملاحظ هو أن الجزائر، بمجرد أن تصلها مسطرة من المساطر، لا تطرق لمسألة حقوق الإنسان في تندوف، وكأن تندوف إقليم غير تابع لها”.
في المقابل، يضيف الخبير، “نجد أمنستي أو هيومن رايتس ووتش، كانتا دائماً تلحّان على وضع آلية من أجل رصد حقوق الإنسان في الصحراء”، متسائلاً: “ما فائدة وضع هذه الآلية في ظل وجود آلية للأمم المتحدة قائمة، وعليها إجماع دولي”، مستدكراً بأن هذا لا يعني أن هذه المنظمات لا تقوم بمجهود، بل هناك مجهود، وإن كان ليس بذلك النوع من الحياد.
وجدّد مشاك تأكيده على أن “القضاء المغربي سيقوم بعمله، لأن الأمر لا يتعلق باستفزاز أو سب وشتم فقط، بل بتهديد بالقتل، ما يجعل الجريمة ذات طابع خطير وتؤسس لسلوكات خطيروة جداً، وحتماً سيقوم بدوره، ويمكن أن يُفعل مسطرة البحث والتحري على المستوى الدولي، في إطار ما تتيحه اتفاقية التعاون القضائي مع الدول والتي هي كثيرة وحتى مع الدولة الجزائرية”.
يشار إلى أن مجموعة من أعضاء جبهة البوليساريو الانفصالية، من بينهم مقربين من قيادتها، حرّضوا على قتل عدد من معارضي توجه جماعة الرابوني المقيمين داخل الأراضي المغربية، على رأسهم الصحافي بادي عبد ربو، ما دفع الأخير، إلى التقدم بشكاية لوكيل الملك، ومراسلة مجموعة من المنظمات الدولية غير الحكومية، والأمم المتحدة.
تعليقات الزوار ( 0 )