تفاعل المحامي بهيئة الرباط، محمد ألمو، مع النقاش الدائر حول تعديل مدونة (قانون) الأسرة أو الأحوال الشخصية، الذي احتل حيزا هاما في النقاش العام بالمغرب مؤخرا، في سياق مطالبة عديد الهيئات والمنظمات بمراجعة القوانين التي تنظم أحوال الأسرة، متسائلا: هل ستقطع مدونة الأسرة الجديدة مع المفهوم الجنسي للزواج؟.
وفي هذا السياق، أكد ألمو، أن تعديل مدونة الأسرة رهان فرضه واقع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي عرفها المجتمع المغربي، الأمر الذي أصبحت معه مقتضيات هذا القانون الأسري غير قادرة على تأطير النزاعات الاسرية الحالية.
وأوضح، أن من غرائب مدونة الأسرة الجانب المتعلق بـ”الجنس منطلق سريان الالتزامات الزوجية”، موضحا أنه “ورغم اقتران الرجل بالمراة وإبرام عقد الزواج فإن هذا الوضع لا يشفع للزوجة باستحقاق النفقة الواجبة على زوجها إلا بعد الدخول بها أو إذا دعته للدخول ورفض، وهذا ما أكدته المادة 194من مدونة الأسرة”.
ويرى المصدر ذاته، أنه ومن خلال هذا المقتضى القانوني، يبدو أن المشرع كرس تصورين غريبين للحياة الزوجية متماهيا بذلك مع العقلية الذكورية السائدة في المجتمع:
التصور الأول: جعل الدخول أو الممارسة الجنسية محور بدأ سريان الالتزامات الزوجية.
التصور الثاني: إلزام المراة بمطالبة زوجها بممارسة الجنس عليها إن هي أرادت استحقاق النفقة.
ويبدوا هذا الشق من المادة أعلاه، بحسبه، ما يثير الغرابة من حيث الغاية من تنظيم المشرع لمثل هذه الأمور الحميمية والجنسية من جهة ومن جهة أخرى فإن إعمال هذا المقتضى القانوني لا يتأتى تطبيقيا إلا برفع الزوجة التواقة إلى الدخول بها دعوى قضائية لمطالبة الزوج الرافض بالدخول بها مما تطرح معه التساءلات التالية:
ماهي حيثيات هذه الدعوى؟ وكيف سيكون منطوق الحكم ؟
ماذا لو رفض الزوج تنفيذ الحكم القضائي ؟
كيف يمكن إثبات واقعة التنفيذ إن تمت أو العكس؟
هل يمكن إثارة صعوبة واقعية في التنفيذ إذا ما وجدت الأسباب المبررة لذلك؟
وأشار المحامي بهيئة الرباط، إلى أنه من الطبيعي أن تدخل نصوص مدونة الأسرة في أزمة مادام أن هذا القانون يمتح من المرجعية الفقهية الثابتة مقابل تغير سريع في البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمع.
وأضاف، أنه وفي غياب مقاربة قائمة على إنزال مدونة الأسرة من برجها الديني المقدس لتحط بمقتضياتها على الواقع الزمني المتحرك وتطبع مع حاجيات وضرورات المجتمع، سنعيد تكرار نفس تجربة مدونة 2004.
وشدد المتحدث نفسه، على أن واقع التطبيق العملي الذي قارب 20 سنة افرز لنا العديد من الاشكالات التي يتعين حلها تشريعيا وهي: مسألة إنهاء العلاقة الزوجية، وحماية الأسرة وحقوق الأبناء، والحقوق المالية للزوجين، والتعسف في إنهاء العلاقة الزوجية والاضرار الناتج عنها، ثم حقوق الأبناء في النسب.
وخلص المحامي، أنه وللحماية القانونية لاستقرار الأسرة، فيجب اعتماد ثقافة التعاقد المسبق، واعتماد معايير دقيقة وموضوعية في تحديد واجبات وحقوق الأبناء والقطع مع السلطة التقديرية للقاضي، وحماية حق النساء في التمكين الاقتصادي والمالي عبر القطع مع كل أشكال حرمانهن من الحق في الارث، واعتماد الخبرة الجينية في النسب والقطع مع التمييز بين الابن الشرعي وغير الشرعي، وحماية حقوق الأبوين في النفقة في حالة يسر أبنائهم.
تعليقات الزوار ( 0 )