بعد تجربة طويلة في تصنيع اللقاحات الحيوانية، دخل المغرب بشكل رسمي، نادي مصنعي اللقاحات البشرية، بعدما جرى توقيع اتفاقيات تتعلق بمشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكورونا وعدد من اللقاحات الأخرى داخل المملكة، وذلك من أجل تعزيز الاكتفاء الذاتي للبلاد، بالإضافة إلى تصدير الصناعات البيوتكنولوجية والبيوصيدلانية إلى القارة الإفريقية.
ويهدف المشروع الذي تضمن ثلاثة اتفاقيات وقعت أمام الملك محمد السادس بالقصر الملكي بفاس، إلى إطلاق قدرة أولية على المدى القريب لإنتاج 5 ملايين جرعة من اللقاح المضاد لكورونا شهريا، قبل مضاعفة العدد بشكل تدريجي على المدى المتوسط، وهو ما يعني أن المملكة، قطعت شوطاً إضافيا لضمان تدبير فعال واستباقي لأزمة الجائحة وتداعياتها.
وقال سمير مشور، الخبير الدولي في البيوتكنولوجيا الصناعية، والذي يشغل منصب نائب رئيس شركة سامسونع بيولوجيكس، خلال حضوره حفل توقيع الاتفاقيات، إن الالتزامات التي جرى التعهد بها أمام الملك محمد السادس، تعدّ خطوة حاسمة نحو تحول المغرب إلى قطب للتميز في الصناعات البيوصيدلانية بالقارة الإفريقية.
وأضاف مشور، أن الرؤية الملكية في هذا الصدّد، ستضمن استقلالية صحية للبلاد، وتهيء الشروط المطلوبة لتقوية قدرات القارة الإفريقية في إنتاج بعض اللقاحات والأدوية، منبهاً إلى أن المخطط يتضمن ثلاثة مراحل، أولاها الاستعجال، والتي ستنطلق مباشرةً بعد توقيع الاتفاقيات، وهي المرحلة التي ستتيح للمملكة، تسخير قدرات التعبئة في قارورات أو محاقن، بتعاون بين شركتي “سينوفارم” و”سوطيما”.
وأردف الخبير نفسه، أن المرحلة الثانية، والتي ستنطلق بالموازاة مع الأولى، ستشمل إقامة موقع لإنتاج اللقاحات والأدوية الحيوية ذات المستوى النوعي ومعايير معترف بها عالميا، بشراكة مع “ريسيفارم”، التي تعتبر خامس مصنع للأدوية في العالم، فيما ستعرف المرحلة الثالثة خلق السياق اللازم لانضمام المغرب إلى نادي الكبار في العالم، باعتباره منصة جادة وذات مصداقية لتطوير وإنتاج اللقاحات والأدوية.
ويرى خبراء أن إنتاج المغرب للقاحات، من شأنه أن يجنب البلاد السيناريو الكارثي الذي يتوقعه مجموعة من العلماء في العالم، وهو ضرورة إعادة التلقيح في كلّ 6 أشهر على الأقل، لتجنب انتكاسة جديدة بسبب الفيروس التاجي، باعتبار أن المناعة التي يتم تكوينها بجرعتي اللقاح، لا تستمر سوى لبضعة أشهر وفق الدراسات الحديثة التي أجريت بحصوص هذا الأمر.
وكانت شركتا “فايزر” و”بيو إن تك”، الأمريكيتين، قد قالتا في وقت سابق، إن التجارب السريرية المستمرة في إطار المرحلة الثالثة، تؤكد أن نجاعة لقاحيهما، تستمر لمدة لا تقل عن 6 أشهر بعد الجرعة الثانية، الأمر الذي أثار موجة من الهلع في العالم، على الرغم من أن الأوساط العلمية، اعتبرت أن هذا مبشر، لأن المدة تزيد بـ 90 يوماً عن الفترة التي كانت محددةً سابقاً.
ومباشرةً بعد البيان المشترك للشركتين الأمريكيتين، عمدت مجموعة من الدول إلى استحضار التحديات الجديدة التي يمكن أن تواجههم في المستقبل، من بينهم بينيامين نتياهو، رئيس وزراء إسرائيل وقتها، قال إنه ينوي شراء كميات مضاعفة من اللقاح، تحسبا للفرضية التي طرحها بعض العلماء، والمتعلقة بضرورة التلقيح في كلّ ستة أشهر.
وحاولت جريدة “بناصا” مباشرةً بعد ظهور الإشكال الجديد قبل بضعة أشهر، طرح الموضوع على مسؤولين بوزارة الصحة وأعضاء من اللجنة العلمية المكلفة بتدبير جائحة كورونا، لمعرفة الحلول المحتملة لهذا التحدي، من أجل تجنب عودة الأمور في المملكة إلى نقطة الصفر في كلّ 6 أشهر، واضطرار السلطات للبحث عن لقاحات وسط تزايد الطلب العالمي في كلّ نصف سنة، غير أنها لم تتلق إجابة بشأن الأمر.
وإلى جانب تحدي الحاجة إلى إعادة التطعيم ضد كورونا كلّ 6 أشهر، فإن العديد من المراقبين يرون بأن إنتاج اللقاحات في المغرب، يمكنه أن يجنب البلاد تكرار سيناريو الجائحة الحالية مع أوبئة أخرى في المستقبل، منبهين إلى أن أي فيروس يمكن أن يظهر لاحقاً، سيكون بإلإمكان المملكة تصنيع لقاحاته داخلها، وبالتالي ضمان سرعة الاستجابة للوضع للخروج منه في أقصر وقت ممكن.
تعليقات الزوار ( 0 )