قبل أن يجف عرقه جراء الصراع القوي الذي امتد لعدة شهور، توصل اليوم الاثنين، عبد اللطيف وهبي ببرقية من الملك محمد السادس، تهنئه بانتخابه أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، هي تهنئة مشفوعة “بمتمنياتنا بكامل التوفيق في مهامك الحزبية الجديدة” على حد تعبير البرقية.
وأكدت البرقية على أن انتخاب وهبي على رأس الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، “يعبر عن الثقة التي وضعها فيك أعضاؤه”. هذا بالإضافة، كما تقول البرقية :”بفضل ما أبنت عنه من التزام في خدمة مبادئ الحزب، وما هو مشهود لك به من كفاءة وتجربة”.
كما قدمت البرقية شهادة في حق الأمين العام الجديد لحزب “البام” ويتعلق الأمر، هنا، بتشبثه بمقدسات البلاد وتوابثها، إذ تقول البرقية “وما هو معهود فيك من تشبث مكين بمقدسات الأمة وثوابتها، وكلها مقومات تجعلك أهلا لبذل كافة الجهود من أجل تعزيز الحضور، المسؤول والوازن، لهيأتك السياسية في المشهد الحزبي”.
كما يُلاحظ أن هذه البرقية، توجهت، من خلال القيادي الجديد لحزب “البام” إلى باقي الأحزاب الأخرى التي وصفتها بـ”الوطنية”، وهذا ما تعبر عنه البرقية بوضح :”على غرار الأحزاب الوطنية الجادة، والقوى الحية للأمة، وذلك للانخراط الفاعل في رفع تحديات المرحلة الجديدة التي نقود المغرب لدخولها، بكل حزم وعزم، والقائمة على أسس المسؤولية والإقلاع الشامل، في حرص دائم على جعل المصالح العليا للوطن والمواطنين تسمو فوق كل اعتبار”.
فماهي الرسائل السياسية الكامنة التي تحملها البرقية الملكية الموجهة للأمين العام لحزب “البام”؟
مرجع رئيس في الرأسمال الرمزي عند الفاعل الحزبي
وللجواب على السؤال، قدم عبد المنعم لزعر، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، مجموعة من الملاحظات بخصوص البرقية الملكية الموجهة للأمين العام عبد اللطيف وهبي، حيث يرى أن برقية التهنئة هي “إحدى الآليات التي يتواصل بها الملك مع الفاعلين الحزبين وغيرهم، وهي آلية مشبعة بشحنات طاقية إيجابية، وهي تعبير عن تفاعل الملك مع ديناميات الجسد الحزبي وهي في نفس الوقت وثيقة مرجعية للحزب في بعدها الرمزي تحمل رسائل وتوجيهات للقادة الجدد للأحزاب”.
وأضاف لزعر، في اتصال مع جريدة (بناصا) الإلكترونية، بأن أهمية برقية التهنئة الملكية الموجهة للأمين العام عبد اللطيف وهبي “تكمن في أنها تعتبر الأساس المرجعي الذي تتشكل عليه مصادر الرأسمال الرمزي الذي يعتبر حاسما ومحددا في استمرار سلطة الفاعل السياسي المنتخب على مستوى أعلى منصب قيادي داخل الحزب”.
ويذهب المحلل السياسي، إلى أن برقية التهنئة “تشكل آلية عبور قائد الحزب من رساميل الشرعية الانتخابية إلى رساميل الشرعية الرمزية”.
الملك فوق جميع الأحزاب السياسية
من جهته، قدم عبد الرحيم المنار اسليمي، ست ملاحظات بخصوص برقية الملك الموجهة إلى عبد اللطيف وهبي بمناسبة انتخابه أمينا عاما على رأس حزب الصالة والمعاصرة.
الملاحظة الأولى، تتمثل، حسب اسليمي، في المسافة الزمنية بين انتخاب عبد اللطيف وهبي والتهنئة الملكية، حيث يرى المحلل السياسي أن المسافة الزمنية تبدو قصيرة، وهذا يؤشر، حسب رأيه، على “الأهمية الكبرى للمؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة في حياة الحزب ومكانة الأمين العام الجديد السيد عبد اللطيف وهبي عكس ما كان يروج له المعارضون لتقلد وهبي الأمانة العامة للحزب”.
وهكذا يتضح أن “المسافة الزمنية القصيرة بين انتخاب وهبي والرسالة الملكية لها دلالة سياسية مرتبطة بدور الحزب ومكانته في المشهد السياسي ودوره في التوازنات القادمة” حسب اسليمي.
وأما الملاحظة الثانية، يعتبر أستاذ العلوم السياسية، أنها مرتبطة بما جاء في البرقية الملكية من إشارات لخصال الأمين العام الجديد وذلك بالإشارة إلى كفاءته وتجربته، وهنا يتعلق الأمر بإشارة إلى أن “المعيار اليوم في قيادة الأحزاب يرتبط بعناصر الالتزام بمبادئ الحزب وخدمة أهداف الحزب وعناصر الكفاءة والتجربة، وهي العناصر التي من الواضح أنها توفرت في عبد اللطيف وهبي”.
وبخصوص الملاحظة الثالثة، فإن إشارة البرقية الملكية إلى تشبث وهبي الأمين العام الجديد بـ”مقدسات الأمة وتوابثها” وفي هذه الإشارة يرى المحلل السياسي هي “جواب على كل ما راج حول نقاشات وهبي الأخيرة التي حاول معارضون من داخل الأصالة والمعاصرة توظيفها ضد ترشيحه”.
والملاحظة الرابعة تتعلق بمسألة توصيف حزب الأصالة والمعاصرة ضمن “الأحزاب الوطنية الجادة والقوى الحية”، وهي أيضا إشارة إلى أن “الحزب وطني وأن كل الأوصاف التي كانت توظف ضده ليست صحيحة”.
واليوم “نحن أمام حزب وطني له دوره في التوازنات السياسية القادمة بأمين عام له تجربة وكفاءة عالية” كما يرى اسليمي.
وعن الملاحظة السادسة، يقول اسليمي، في اتصال مع جريدة (بناصا) وهي ما يتعلق بحرص البرقية أن تشير إليها، وهي الإشارة إلى عبارة تفيد أن “الملك فوق جميع الأحزاب السياسية لأن المصالح العليا للوطن والمواطنين توجد فوق الجميع”.
وأما الحسين أعبوشي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، فيرى في برقية الملك تأكيدا من أعلى سلطة، أي الملك، على “طبيعة المرحلة الجديدة التي يعرفها المغرب التي تتميز بالمسؤولية والإقلاع”، هذا بالإضافة في التأكيد، أيضا، على “دور الأحزاب الجادة والقوى الحية، وهي إحالة على أهمية الفاعل الحزبي في الإسهام في تحقيق الإقلاع”.
كما لاحظ، الدكتور أعبوشي، في برقية الملك “وقوف الملك على بروفايل الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، لما هو مشهود فيه من كفاءة وتجربة، وتشبث بمقدسات الأمة وثوابتها”.
كما أكدت البرقية، حسب أعبوشي، على “توفر الأمين العام للحزب السياسي على مقومات من شأنها تعزيز الحضور، المسؤول والوازن للبنية الحزبية في المشهد الحزبي”.
[…] وهبي أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، وهو ما يرى بعض المحللين السياسيين أن وهبي سيخلط الأوراق في المشهد السياسي، ولاسيما […]