بعد أن كشف تقرير للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في وقت سابق، عن معطيات صادمة بخصوص مكتسبات التلاميذ اللغوية، وأبرز أن هناك ضعــفا معمــما في هذه المكتسبات، جاء الدور الآن على تقرير أممي ليُعزز من حقيقة الضعف الكبير الذي يعانيه التلاميذ المغاربة، والذي توقع أن يستمر في الازدياد.
وقد أشار التقرير الأممي الصادر عن “اليونيسيف” و”اليونسكو”، إلى أن معدل فقر التعلم بالمغرب، الذي يعني عدم القدرة على قراءة نص بسيط وفهمه في سن العاشرة، إلى 65,8 في المائة في المجموع، وتبلغ نسبته 61,3 في المائة لدى الإناث و70,1 في المائة لدى الذكور.ووفق السيناريوهات التي أوردها التقرير، فإن هذا المعدل في المغرب يمكن أن يرتفع إلى 72,1 في المائة في السيناريو المتفائل، و74,1 في المائة في السيناريو المعتدل، وحوالي 76,6 في المائة في السيناريو المتشائم.
ومما برر به التقرير الأممي هذه المستويات المنخفضة في المغرب كما في باقي الدول التي شملتها الدراسة، كان أن تداعيات جائحة كورونا قد ساهمت في زيادة معدلات فقر التعلم بشكل كبير في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قبل أن ينبه إلى أن الخسائر في التعلم لدى الناشئة بسبب الجائحة أعلى من المتوقع؛ بحيث يتوقع أن يرتفع معدل فقر التعلم بنسبة 9,4 نقاط مئوية، ليتنقل من 59,9 في المائة إلى 69,3 في المائة.
كما كانت تقديرات التقرير ذاته بخصوص خسائر اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرتفعة جدا، حيث أشارت إلى أنه يمكن أن تصل إلى 8 تريليون دولار من مداخيل المجموعة الحالية من المتعلمين مدى الحياة، نتيجة انخفاض مستويات التعلم لديهم أو الأشهر الضائعة من التمدرس أو احتمال مغادرتهم المدرسة.
وعن حالة المملكة المغربية، كانت التوقعات تُشير إلى خسارة تُقدر ب35 مليار دولار في أفضل الحالات، وإلى حوالي 45 مليار دولار كمتوسط، فيما ستكون الخسائر في أسوء الحالات مُقدرة بحوالي 58 مليار دولار.
ونبه التقرير المذكور الذي جاء معنونا ب“خسائر التعلم نتيجة كوفيد-19: إعادة بناء التعلم الجيد للجميع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، إلى ازدياد التفاوتات بين الأطفال والشباب، ومن ضمنها الفوارق الرقمية التي من شأنها أن تلحق بالأطفال والشباب ضررا طويل الأمد، مُبرزا أن أزمة التعليم الناتجة عن جائحة “كوفيد-19” عمقت أزمة التعلم الموجودة أصلا في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث كان التلاميذ معرضين لمخاطر نتائج التعلم متدنية المستوى.
وكان مما شدد عليه التقرير الأممي الأهمية البالغة للمبادرات التي تهدف لجعل المدرسة مكانا آمنا، وفضاء للتعلم واللعب وتكوين الصداقات، داعيا جميع المسؤولين، بمن فيهم مديرو المدارس والمعلمون وأولياء الأمور، إلى القيام بواجباتهم وتحمل المسؤوليات الأساسية تجاه رفاه وسلامة الأطفال خلال ساعات التعلم.
ومن التوصيات التي أوردتها الوثيقة ذاتها في ختام الدراسة، كان ضرورة إجراء تحول استراتيجي في موضوع المهارات الحياتية والحد من الفقر الرقمي، بما في ذلك توسيع نطاق الإنترنت وجعل الأجهزة الرقمية أكثر توافرا وبأسعار يستطيع الجميع تحملها لسد الفجوة الرقمية.
تعليقات الزوار ( 0 )