نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده مايكل غوردون ونانسي يوسف قالا فيه إن الهجوم الروسي على مسيرة أمريكية أثار مخاوف التصعيد فوق سوريا. ففي الوقت الذي تركز فيه انتباه العالم على الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن الهجمات الروسية الجديدة ضد المسيرات الأمريكية جعلت من سوريا ميدانا محفوفا بالمخاطر للتنافس العسكري بين موسكو وواشنطن.
وتأكدت مخاطر التصعيد يوم الأربعاء عندما قامت مقاتلة روسية برمي بالونات حرارية أصابت جناح مسيرة أمريكية أم كيو-9 ريبر عندما كانت تحلق في شمال-غرب سوريا. وجاء الهجوم الأخير بعد حادث آخر في يوم الأحد عندما تضررت مسيرة ريبر أخرى فيما ينظر إليها المسؤولون الأمريكيون كجهود حثيثة من الروس للضغط على القوات الأمريكية والخروج من سوريا. واستطاعت المسيرتان العودة إلى القاعدة رغم ما حل بهما من ضرر.
وتعلق الصحيفة أن المسيرات ليست الوحيدة التي تحرش بها الطيارون العسكريون الروس في الأسابيع الأخيرة. ففي 16 يوليو ناورت مقاتلة عسكرية روسية قريبا جدا من مروحية أمريكية بطريقة عرضت طاقمها للخطر، عندما اضطرت للتحليق وسط دخان الطائرة النفائة، وذلك حسب الجنرال ألكيوس غرينويتش، جنرال سلاح الجو البارز في الشرق الأوسط.
وأصدر البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) بعد حادث يوم الأحد بيانا اشتكى فيه من التحرش الروسي باعتباره غير مهني وقدم معه تسجيل فيديو أظهر المواجهة. وعبر الأمريكيون عن إحباطهم من حادث الأربعاء، حيث كانوا يأملون بتراجع الروس عن تحركاتهم التي اشتكت أمريكا منها. ولم يكن هناك أي ندم روسي عن حادث مماثل في مارس عندما تحرش الروس بمسيرة أم كيو-9 فوق البحر الأسود، حيث حطموا محركها لدرجة أجبرت أمريكا على تحطيمها تحت المياه.
وفي ذلك الحادث، قدم وزير الدفاع سيرغي شويغو جائزة للطياريين، كما قالت وزارة الدفاع. وحمل مسؤول عسكري روسي القوات الأمريكية اللوم عن حادث يوم الأربعاء حيث قال إن المسيرة الأمريكية قامت “بتقدم خطير” باتجاه مقاتلتين روسيتين، بشكل دفع طائرة لإرسال بالونات حرارية. وقال الأدميرال أوليغ غيرنيوف “تواصل الولايات المتحدة تضليل المجتمع الدولي”.
وقال جنرال المارينز المتقاعد فرانك ماكينزي، والذي قاد القيادة المركزية في الشرق الأوسط ما بين 2019- 2022، إن استراتيجية موسكو هي إخراج القوات الأمريكية من سوريا في وقت باتت فيه البصمة العسكرية الأمريكية بالمنطقة متواضعة. وقال “يريدون جعل اللعبة غالية لنا لكي نلعبها بحيث نتراجع ولا نثبت في مواقعنا” و”عادة ما يصعد الروس ليخفضون التصعيد”.
وقادت الحوادث المتكررة المسؤولين الأمريكيين للبحث عن طرق للرد، وبطرق عسكرية في حال أسقط الروس مسيرة أمريكية. وقال مسؤول دفاعي أمريكي “هذا أمر نركز بالتأكيد الانتباه عليه”. وقال المسؤولون الأمريكيون إن عددا من المقاتلات العسكرية المتقدمة، أف-35 وصلت إلى الشرق الأوسط بمهمة رد الهجمات الإيرانية ضد ناقلات النفط في مضيق هرمز. لكن المسؤولين الأمريكيين لاحظوا في بيانهم أن المقاتلات تستطيع التحليق في أجواء متنازع عليها لو طلب منها، في إشارة للعمليات الأمريكية المستمرة ضد تنظيم “الدولة”.
وحدثت لحظات متوترة بين الجيشين في سوريا ومنذ أن نشرت روسيا قواتها عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد. ونشرت الولايات المتحدة حوالي 900 جندي لمساعدة حلفاء أمريكا الأكراد في شمال- شرق سوريا في الحرب ضد تنظيم “الدولة”. لكن القوات تعمل في الشرق بعيدا عن شمال- غرب سوريا حيث تنشط القاعدة و”الدولة”.
وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة طالما أرسلت مسيرات إلى شمال- غرب سوريا واستطاع الجيشان إدارة الأمر وتجنب المواجهة من خلال قناة خفض الصدام والتي تربط قادة روسيا العسكريين في سوريا بالعسكريين الأمريكيين بالمنطقة. وفي نوفمبر، قام الروس بإطلاق صواريخ أرض- جو ضد مسيرة أمريكية في سوريا وفشلت في إسقاطها. وبداية الشهر الحالي، تحرشت طائرات روسية بمسيرة أم كيو-9 ولعدة أيام وحلقت طائرة استطلاع إي أن فوق مواقع أمريكية في جنوب- شرق سوريا، حسب المسؤولين الأمريكيين. وتقول الصحيفة إن هناك عدة عوامل أسهمت في زيادة التوتر، منها تصادم المهمات بين الجيشين، حيث أجبر الأمريكيون على ملاحقة بقايا تنظيم “الدولة” الذي اختبأ قادته في شمال- غرب سوريا وهي منطقة تسيطر على أجوائها روسيا.
وهناك عامل آخر وهو أن ميزان القوة في المنطقة قد تغير مع تخفيض الولايات المتحدة بصماتها في المنطقة. فقد مضت الأيام عندما كانت أمريكا تحلق طائراتها أف-22 فوق سوريا، بحيث لم يعد لدى الأمريكيين سوى بضع مقاتلات لمحاولة منع الطائرات الروسية في سوريا. ولكن العامل الأهم، هو الموقف العدواني الروسي في سوريا، فقد كانت الطائرة الروسية التي خربت المسيرة الأمريكية يوم الأربعاء تحمل علامة “زيد” والتي استخدمتها القوات الروسية في غزوها لأوكرانيا. وقال اندرو ويز، من وقفية كارنيغي للسلام العالمي، “يريد الروس أن يكونوا مستفزين ويخربوا إحساس أن أمريكا لا يمكن تحديها” و”تحاول أمريكا عدم الوقوع بالمصيدة وفي الوقت نفسع حماية جنودها أرضا وجوا”.
(القدس العربي)
تعليقات الزوار ( 0 )