شارك المقال
  • تم النسخ

بعد الشراكات الأخيرة.. أين يتجه المغرب في استراتيجيته للأمن العسكري والسيبيراني؟

بعد إعلان المجموعة الصينية العملاقة نوريكو Norico الرائدة في صناعة الأسلحة في العالم، الاستقرار في المغرب بإنشاء شركة فرعية مقرها في الرباط وعزمها على توسيع نشاطها بمدن أخرى، ارتفعت التساؤلات حول الاستفادة التي سيجنيها المغرب في التعامل مع الشركة على المستوى القريب والمتوسط.

من جهة أخرى، يتوفر المغرب على عدة شركاء دوليين في مجال تصنيع واستيراد الأسلحة، الشيء الذي يعتبره محللون امتدادا للعلاقة الاستراتيجية المغرب وهته البلدان، وتعبيرا عن انفتاحهم بشكل أعمق على القارة الأفريقية، خاصة وأن المغرب يشكل حلقة وصل مركزية في المنطقة.

غير أن بعض التوترات الدائمة التي يعيشها بعض الشركاء في هذا الميدان، كالصين وأمريكا يجعل البعض يتساءل من جهة أخرى عن مدى إيجابية شراكات المغرب في ظل هاته التوترات.

نحو استقلالية في الأمن العسكري والسيبيراني

الأستاذ الجامعي والخبير في الدراسات الجيو استراتيجية والأمنية، الشرقاوي الروداني، قال في تصريح خص به جريدة “بناصا” الإلكترونية، إنه “من المهم الإشارة الى أن المملكة المغربية تتجه إلى خلق استقلالية استراتيجية في مجال الأمن العسكري والأمن السيبراني.”

موردا في ذات الصدد أن “الرباط دخلت منذ المصادقة على مشروع القرار المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة وكذلك تطبيق القانون المتعلق بالأمن السيبراني (دخلت) في مجموعة من الترتيبات التي تهندس تنزيل مجموعة من مقتضيات هذه القوانين سيما وأن القطاع الخاص الوطني معني بالانخراط في هذا المجال.”

“وبالتالي، فإن المشروع الذي يهدف الى خلق استقلالية في الصناعة العسكرية الوطنية أعطى مساحة للقطاعات المعنية لإبرام الاتفاقات وشراء براءات اختراع من بعض الشركات الدولية وحتى المجمعات الصناعية ذات الاختصاص.” يضيف الشرقاوي الروداني.

نوريكو ستطور منتجاتها في المغرب

في السياق ذاته، يرى الروداني أن “توجه الشركة الصينية نورينكو في الاستقرار من خلال فرع جديد بالمغرب يهدف الى تطوير بعض منتوجاتها في المملكة المغربية”، مضيفا أنه “من المهم الإشارة الى أن شركة نورينكو تابعة للدولة الصينية ولها اختصاصات في مجموعة من المجالات الصناعية المتنوعة.”

فعلى مستوى المنتوجات الدفاعية والامنية، أفاد الخبير نفسه أن ” هذا المجمع الصناعي يتميز باختراعات تهم أدوات محاربة الإرهاب وذلك من خلال تطويرها مركبات ومدرعات لها قابلية التأقلم مع التضاريس الوعرة والصعبة.

أما على مستوى تدمير خطر حادق متحرك، و الذي يدخل في نطاق متطلبات الحرب الحديثة ، فقد  أوضح الشرقاوي أن” Norinco Group  استطاعت تقوية الذخيرة التقليدية و جعلها ذات قدرات متعددة الوظائف بمميزات  ذكية و موجهة بدقة نحو الهدف، إلى جانب منصات الصواريخ الدفاعية،  و بعض المركبات العسكرية ذات المهام العملياتية او التكتيكية،  فإن الشركة الصينية تعتبر من أهم المجمعات الصناعية العبر الوطنية التي تهتم بالسوق الأفريقية.”

من جانب آخر قال الخبير في الدراسات الجيواستراتيجية إنه “إلى جانب اهتماماتها بالصناعة العسكرية، فإن المجمع الصيني يشتغل على تطوير بعض الصناعات المدنية كالمحركات الكهربائية للسيارات و العربات، و من تم، فإن المغرب و في طريقه للخلق منظومة متكاملة في التصنيع العسكري،  ومقبل على الانفتاح على مجموعة من المجمعات الصناعة العسكرية من دول مختلفة.”

خلق شراكات وتطوير برامج بحثية

 وأكد الشرقاوي أن  Norico groupe  ستمكن المغرب على المستوى المدى المتوسط،  من خلق شراكات علمية و تطوير مشترك لبرامج بحثية في مجالات ذات الصلة بأدوات المركبة للتطوير بعض أجزاء في منظومة العتاد والتجهيزات العسكري الموجه إلى التصدير.

وأشار الخبير أنه على مستوى الأمد البعيد، “فالمغرب مطالب بإنتاج معرفة علمية وما يوازيها من كفاءات وطنية باستطاعتها مواكبة الطفرة الصناعية الدولية والتي في حدود العشر السنوات القادمة ستمر بعض الدول إلى الجيل السادس من الطائرات الشبح.”

مسجلا أن “التطور البيني الذي يعرفه مجال الصناعات العسكرية خاصة مع ارتباط ذلك بالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الحديثة ذات العمل البيني مع مركبات عائمة او طائرة، كالأقمار الاصطناعية، يضع استراتيجيات المغرب في الصناعات العسكرية أمام إختبارات الوصول إلى الاستقلال الذاتي الاستراتيجي.”

توفيق بين متطلبات التوازنات الدولية

وفي ارتباط بالموضوع، أكد الأستاذ الجامعي أنه “على المستوى الخريطة الدولية وشبكات التحالفات الإستراتيجية، فإن المغرب استطاع أن يوفق بين متطلبات التوازنات الدولية في علاقاتها بمحدد القوة المغربية في مجالها الجيوسياسي ودوره كمحدد استراتيجي في علاقات جنوب-جنوب على المستوى الاقتصادي والأمني.”

وسجل أنه “فيما يخص الصين والولايات المتحدة الأمريكية فعلاقتهما تتسم بنوع من صراع النفود والقوة، حيث أن استراتيجية الصين  تهدف إلى ما تسميه بكين  ثتحقيق التجديد العظيم للأمة الصينية ” في أفق 2049، ولها عدة مستويات من التأثير الاستراتيجي تترجمها مجموعة من المبادرات “كطريق واحد حزام واحد”.”

وقال الروداني إن “احتدام الصراعات بين الدولتين سيتزايد في السنوات المقبلة خاصة في منطقة المحيطين الهندي و الهادئ و هذا سيكون له تأثير كبير على مستوى التحالفات الدولية”.

نحو هندسة جديدة لأقطاب عسكرية دولية

في هذا السياق، أوضح الخبير في الدراسات الامنية أن “التحالف الأمريكي-البريطاني-الأسترالي AUKUS يظهر أن العالم يعيش بداية للتحولات هيكلية سينتج في الاخير هندسة جديدة لأقطاب عسكرية دولية عابرة للحدود. في قراءة للتجاذبات الدولية على مستوى مجموعة من النقط التأثير الاستراتيجي، فإن السرعة الكبيرة للتقدم التكنولوجي في المجال العسكري، خاصة التكلفة المالية والسياسية، ستخلق نهجا جديدا في التحالفات الأمنية وهو ما أصبح يلاحظ في الارتدادات التي من المنتظر ان تعرفها منظومة حلف الشمال الأطلسي OTAN.  “

توازن استراتيجي بين القوتين

ويرى الروداني بأن “المملكة المغربية وبحكم علاقاتها الثنائية المتميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وجمهورية الصين الشعبية من جهة أخرى أصبحت تتوفر على رصيد مهم من التراكمات الذي سمحت لها سيادتها في الاستثمار في خلق منطقة شاسعة للتوازن الاستراتيجي بين القوتين.” 

وأضاف المتحدث أن “هذا ما يفسره التصويت الصيني على القرار الأممي الاخير 2602 والذي تكلفت الولايات المتحدة الأمريكية بصياغته. الأهمية الإستراتيجية للقرار الاخير وابعاده في ترتيب محددات قوة الديناميكية الجيوسياسية الوطنية، يظهر تملك واشنطن وبكين للدور المغربي في استباب الأمن في المنطقة وكذلك أهمية الرباط في التنمية والتطور الاقتصادي في إفريقيا”.

 ومن تم، خلص الخبير إلى أنه “في قراءة للمنظور الاستراتيجي لواشنطن وبكين للمنطقة شمال افريقيا وعموما القارة الأفريقية، فإن المغرب وفي إطار توازن القوى أصبحت فلسفته الإستراتيجية قادرة على الدفع بالبلدين الى استثمار فرص نجاح إمكانيات اندماج القدرات من أجل توجيه تنموي مستدام ينتصر للقارة الأفريقية ويخدم مصالحهم الاستراتيجية.”

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي