Share
  • Link copied

بعد “البدعة المسطرية”.. لماذا يُستهدف الأساتذة الباحثون الملحقون بالخارج؟ (1/2)

أقدمت الوزارة المنتدبة المكلفة بالتعليم العالي منذ حوالي خمسة شهور على تطبيق إجراء خطير يتعلق بالأساتذة الباحثين الملحقين للعمل بالخارج، حيث عرقلت تجديد إلحاق الأساتذة المذكورين، من خلال اعتماد بدعة مسطرية جديدة تقضي بعرض تجديد الإلحاق على رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والشعب، وذلك لأول مرة في تاريخ الجامعة المغربية وفي تاريخ قطاع التعليم العالي، حيث أن ما جرى به العمل في السابق هو تجديد إلحاق الأساتذة الباحثين بشكل تلقائي وآلي، طبقا للمقتضيات القانونية السارية، وعملا بالممارسة العملية في كل الإدارات العمومية.

وقد ترتب عن تطبيق هذا الإجراء رفض تجديد الإلحاق لبعض الأساتذة الباحثين الملحقين بالخارج، مما يعني إنهاء عملهم بالجامعات والمعاهد الأجنبية الملحقين لديها، وذلك بشكل تعسفي وبدون وجه حق، وهو ما شكل صدمة ليس فقط للأساتذة الباحثين المعنيين بل كذلك لدى كل أعضاء الهيئة وكذا مكونات القطاع.

وجدير بالإشارة إلى أن مسطرة الإلحاق وتجديد الإلحاق تخضع لأحكام النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية (ظهير 24 فبراير 1958)، ولاسيما الفصول من 47 إلى 53، وللمرسوم التطبيقي له الصادر بتاريخ 30 يناير 2014.

وطبقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية المشار إليها والتي تطبق على موظفي جميع الإدارات العمومية والجماعات الترابية، فإن الإلحاق يتم لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد تلقائيا، بمعنى أن تجديد الإلحاق يتم بشكل تلقائي، إذ ليس هناك حاجة حتى لتقديم طلب الموظف من أجل التجديد، كما أنه ليس هناك حاجة لإصدار قرار التجديد من طرف الإدارة الأصلية. وبناء على ذلك فإن عدم تجديد الإلحاق الذي يعني إنهاء الإلحاق يتم عموما في حالتين، الأولى هي رغبة الموظف في إنهاء الإلحاق، والثانية هي رغبة الإدارة الملحق لديها في ذلك، أما أن تقوم الإدارة الأصلية بإنهاء الإلحاق فذلك غير موجود على الإطلاق من الناحية العملية في كل الإدارات العمومية.

وتطبيقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية السالفة الذكر، جرت الممارسة منذ عقود من الزمن، وفي مختلف الإدارات العمومية والجماعات الترابية على تجديد الإلحاق، لكل الموظفين الملحقين، بشكل تلقائي وآلي، وألا يتم إنهاء الإلحاق إلا في الحالتين المشار إليها.

وانطلاقا من كل ما سبق فإن إنهاء الإلحاق الذي أقدمت عليه وزارة التعليم العالي بالنسبة للأساتذة الباحثين، يعتبر أول تطبيق من نوعه لأحكام الإلحاق وتجديد الإلحاق في تاريخ الإدارة العمومية المغربية بكل قطاعاتها، وهذا ما أثار استغراب الجميع، وأخذت الأسئلة تتناسل: لماذا هذا الإجراء؟ ما الغرض منه؟ أليس من ورائه تصفية حسابات؟ لماذا استهدف الأساتذة الباحثون دون غيرهم؟

إن الداعي إلى طرح هذه الأسئلة يتعلق أولا بالجوانب القانونية، فمعلوم أن أي قرار تصدره الإدارة يتعين أن يكون الباعث من ورائه تحقيق غاية المصلحة العامة، فأي مصلحة عامة في عدم تجديد إلحاق موظف ضدا على رغبته، وبشكل لا يراعي ظروفه الاجتماعية والشخصية والمادية.

قد تدعي مصالح الوزارة بأنها تستهدف من هذا الإجراء سد الخصاص، وهذه التبرير لا يعتبر إلا ذريعة جوفاء، ولا أساس لها، لعدة اعتبارات:

1-أن عدد الأساتذة الباحثين الملحقين بالخارج في الأصل محدود جدا، بحيث أن نسبتهم بالمقارنة مع الأساتذة المزاولين لمهامهم بالمغرب تكاد لا تذكر، بحيث لو تم إرجاعهم جميعا لما ساهم ذلك في سد الخصاص ولو بقدر يسير.

2-أن إلحاق الأساتذة الباحثين بالخارج يكون بترخيص من طرف الجامعات والكليات المعنية، وعندما يتم الترخيص فإن ذلك يعني عدم وجود خصاص، وأن الكلية تكون قد رتبت أمورها على أساس هذا الاعتبار.

3-أن إنهاء إلحاق الأساتذة الباحثين المعنيين، وإعادة إدماجهم يقتضي توفير مناصب مالية شاغرة، وإذا كان هذا الإدماج يتم في مناصب مالية ليست مخصصة للتوظيف، وهي المناصب التي تصبح شاغرة على إثر الإلحاق أو الاستيداع، فقد تكون هذه المناصب غير موجودة لاسيما في ظل تشدد الوزارة في إجراءات الإلحاق، حيث يصبح في هذه الحالة حتميا إدماج الموظفين الذين تم إنهاء إلحاقهم في مناصب مخصصة للتوظيف. فأي تخبط هذا الذي يؤدي إلى شغل مناصب مالية محدثة للتوظيف من أجل تسوية وضعية موظفين تم إنهاء إلحاقهم، مع كل ما يعنيه ذلك من تفويت الفرص على توظيف حاملي الشهادات.

4- ومن كل ما سلف، هل يتعين إنهاء إلحاق أستاذ باحث وإرجاعه من دولة بعيدة، بدون موافقته وبشكل تعسفي، مع كل ما يترتب عن ذلك، بدعوى سد الخصاص؟؟؟!!!

إن استعراض الجوانب القانونية يفيد إذن أن تحقيق المصلحة العامة هو آخر غاية يمكن أن تكون من وراء إجراء عدم التجديد، لذلك يذهب بعض العارفين بخبايا قطاع التعليم العالي إلى أن الأمر يتعلق بالأحرى بمكائد وتصفية حسابات، وأن الأمر تم بإيعاز من بعض ذوي النفوس المريضة.

فهذا الإجراء لن يكون إلا أداة لتصفية الحسابات بين بعض الأساتذة، فيما بينهم، مع كامل الأسف، وهذا ما تأكد خلال الشهور الأولى لتطبيق هذا الأجراء المشؤوم، وهو ما لن يزيد العلاقات داخل هيئة الأساتذة الباحثين إلا سوءا، مع ما ينتج عن ذلك من التأثير السلبي على مردودية الأستاذ الباحث وعطائه. ومن المؤسف جدا أن تكون وزارة التعليم العالي، من خلال هذا الإجراء، طرفا في تسميم الأجواء بالجامعة المغربية.

Share
  • Link copied
المقال التالي