Share
  • Link copied

بعد الاستعراض العسكري الصيني الأخير.. هل تؤدي قضية تايوان لحرب عالمية ثالثة؟

يرى النظام الشيوعي في الصين أن جزيرة تايوان التي يسكنها 23 مليون نسمة جزء لا يتجزأ من أراضيه، ويحلم بإكمال أعمال ماو تسي تونغ الذي كان يستعد لغزوها عام 1950 قبل أن تصرفه الحرب الكورية عن ذلك.

ولكن الرئيسة تساي إنغ وين -التي أعيد انتخابها عام 2020 في الجزيرة- أوضحت من جديد تمسكها بالهوية الديمقراطية للجزيرة ورفضها ضمها للصين، ولكن دون تجاوز الخط الأحمر بإعلان الاستقلال.

وفي تحليل بقلم سيباستيان فاليتي، قالت صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية إن أكثر من 150 طائرة تابعة للجيش الصيني دخلت إلى منطقة الدفاع الجوي التايوانية (وهو مختلف عن المجال الجوي)، في استعراض للقوة بمناسبة العيد الوطني، وتذكيرا بانتصار ماو تسي تونغ عام 1949 على قوات تشانغ كاي شيك المنسحبة إلى تايوان، وهو كذلك تأكيد على عزم بكين “إعادة توحيد الجزيرة” على المدى الطويل مع “الوطن الأم”، من خلال تخويف سكانها وجنودها، وكذلك تقديم تحذير للولايات المتحدة والدول الأوروبية من مخاطر دعم الديمقراطية التايوانية الفتية.

هل الصين وتايوان دولتان؟

تقع هذه الجزيرة البركانية على بعد حوالي 160 كيلومترا من ساحل الصين، وقد تغير مصيرها بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، عندما انسحب إليها الجنرال القومي تشانغ كاي شيك بعد هزيمته في البر الصيني، ليؤسس “جمهورية الصين الوطنية” هناك متحديا ماو تسي تونغ.

ومنذ نهاية الحرب الباردة -كما يقول الكاتب- طورت بكين وتايبيه تبادلات اقتصادية بفضل حل وسط غامض سموه “اتفاق 1992” للالتفاف على مسألة السيادة، غير أن العلاقات توترت منذ وصول الرئيس الصيني الحالي شي جين بينغ عام 2013، ثم انتخاب تساي مرشحة الحزب التقدمي الديمقراطي الذي يعتبر رأس الحربة في المطالبة باستقلال فورموزا القديمة (أي تايوان).

ما موقف المجتمع الدولي؟

في عام 1960، تخلت معظم الدول الغربية عن تايبيه للاعتراف دبلوماسيا بالجمهورية الشعبية باعتبارها الممثل الوحيد للصين في الأمم المتحدة، إلا أن معظم هذه الدول حافظت -رغم ذلك- على علاقات تجارية وثقافية وأحيانا أمنية مع الجزيرة.

وفي عام 1979، تبنت الولايات المتحدة بدورها سياسة “الصين الواحدة” التي تتبعها بكين، وفي نفس الوقت طمأنت تايبيه ووعدتها بالدفاع عنها في حالة وقوع أي هجوم عليها بعد أن أصبحت دولة ديمقراطية، تريد أن يكون لها وجود في الهيئات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، وهو ما تمنعه بكين استنادا إلى حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به.

هل تخطط الصين لغزو عسكري؟

غير أن الرئيس الصيني -وفق الكاتب- أعاد إحياء مخاوف التايوانيين بإشارته -في خطاب ألقاه عام 2019- إلى إعادة التوحيد “بأي وسيلة” دون استبعاد العمل العسكري، كما أن إخضاع هونغ كونغ أدى إلى زيادة انعدام الثقة لدى التايوانيين، وأضعف مبدأ “دولة واحدة ونظامان” وزاد من الخلاف بين جانبي المضيق.

وحسب الكاتب، يمكن أن يتخذ الجيش الصيني إجراءاته “اعتبارا من عام 2025″، كما يقول وزير الدفاع التايواني تشيو كو تشينغ، لأن الزعيم الصيني يريد تسوية “قضية تايوان” خلال فترة حكمه، وهو يخطط للوصول إلى فترة ولاية ثالثة في عام 2022، إلا أن احتمال نشوب صراع مباشر مع الولايات المتحدة قد يدفع الإستراتيجيين الصينيين إلى التأجيل وانتظار اللحظة المناسبة.

وترى القاضية بوني غلاسر -من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية- أن “تعرض تايوان للهجوم سيؤدي إلى صراع كبير بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد نووي”، رغم أنه لا توجد معاهدة دفاع متبادل بين تايبيه وواشنطن التي تستخدم “الغموض الإستراتيجي” في هذه القضية.

قضية تايوان عالمية

وفي النهاية، تبقى تايوان -وفق الكاتب- هي نقطة الخلاف الأكثر خطورة في المواجهة الإستراتيجية بين القوتين الرائدتين في العالم، لأنها رمز السيادة على منطقة آسيا والمحيط الهادي وربما على العالم كله، كما أنها أمل الصين في تثبيت نظام شيوعي أكثر قومية، وهي في نفس الوقت مرتكز القوة الأولى عالميا في منطقة تعد الرئة بالنسبة للاقتصاد العالمي.

وحتى لو لم ترتبط تايوان بمعاهدة دفاعية رسميا مع الولايات المتحدة، فإن تهرب البنتاغون منها -كما يرى الكاتب- سيقوض المصداقية الأميركية في أعين الدول الآسيوية الأخرى، ويلقي بالمنطقة في حضن الصين، بما لذلك من تأثير على المصالح الاقتصادية الغربية والأوروبية.

كما سيكون ذلك انتصارا للنموذج السلطوي وهزيمة قاسية للنموذج الليبرالي الغربي، وبالتالي فإن أهمية تايوان تتجاوز مساحتها الصغيرة، حيث تقرر جزئيا وجه القرن الـ21 جيوسياسيا واقتصاديا وسياسيا.

Share
  • Link copied
المقال التالي