شارك المقال
  • تم النسخ

بعد اكتشاف “أجنبيا”.. ما هي القيمة التي تمنحها “المستحثّات المغربية” للعلم؟

كشفت دراسة علمية حديثة، أعدّها فريق بحث دولي، ونشرت بداية الشهر الجاري، عن وجود بقايا ديناصور من مجموعة “Hadrosaure” بطية المنقار، بالقارة الإفريقية، في إنجازٍ علميٍّ جديد، بعد أن تم العثور على أحفورةٍ، بمدينة خريبكة، تعود لنوعٍ أطلق عليه اسم “أجنابيا أوديسيوس”، وقدّرَ عمره بحوالي 66 مليون سنة.

وعن هذا الاكتشاف، قال نور الدين جليل، وهو أحد الباحثين الذين شاركوا في إعداد هذه الدراسة، التي نشرت بمجلة “Cretaceous Research”، إن الدراسة سلطت الضوء على وجود نوعٍ جديد من الديناصورات في المغرب.

وأضاف جليل بأن هذا الاكتشاف مهمٌّ للغاية، لأنه أماط اللثام عن نوعٍ جديدٍ من الديناصورات، ومن شأنه أن يثري معرفتنا بالتنوع البيولوجي في الماضي، متابعاً، بأن تاريخ عيش هذا الديناصور يعود إلى 66 مليون سنة، أي قبل الأزمة الحيوية الكبرى التي أدت إلى اختفاء العديد من الكائنات الحية، بما في ذلك الديناصورات، وأحفورة من هذه الفترة؛ “الميسوزوي” (حقبة الحياة الوسطى)، تعود لأحد آخر الديناصورات فيها قبل بداية حقبة جديدة تسمى حقبة تسمى بـ”سينوزوي” (حقبة الحياة الحديثة)، حسب المتحدث.

واسترسل الباحث بأن هذا الديناصور الجديد، ينتمي إلى مجموعة ديناصورات ذات منقار البط، والتي تطورت في أمريكا الشمالية، وانتشرت في أمريكا الجنوبية وآسيا وأوروبا، منبهاً إلى أنه “في ذلك الوقت (أي قبل 66 مليون سنة) كانت إفريقيا عبار عن قارة على شكل جزيرة مفصولة عن القارات الأخرى، بمحيطيات شاسعة”.

وأوضح المتحدث نفسه، بأنه “قبل هذا الاكتشاف، كان العلماء يعتقدون أن هذه المجموعة من الديناصورات، لم تكن موجودة في إفريقيا”، غير أن اكتشاف أجنبيا مؤخرا، نفى هذه الفرضية، و”وأخبرنا بأن هذه المجموعة من الديناصورات، كانت قادرة على استيطان القارة الإفريقية، من خلال عبور مئات الكيلومترات من المحيطات التي فصلت إفريقيا عن أوروبا في ذلك الوقت”.

وذكر جليل بأن الأحافير، سواء الخاصة بالديناصورات أو بكائنات أخرى، “تعدّ ذاكرةً مهمةً”، الأركيوبركس؛ “Archaeoptéryx“، على سبيل المثال، وهو جنس من الديناصورات المنقرضة ذات الريش، والتي عاشت في نهاية العصر الجوراسي، أي منذ حوالي 156 إلى 150 مليون سنة، علمتنا، أن الطيور الموجودة اليوم، هي جزء من الديناصورات، بعبارة أخرى، الديناصورات لم تختف تماماً”.

وأضاف جليل في تصريحه لجريدة “بناصا”، بأن هناك مثالان آخران في المغرب، الأول للفوسفاتيريوم؛ “Phosphaterium“، وهو اسم لمستحاثة وجدت في الفوسفاط بالمملكة، وهي تعود لعضو من أقدم مجموعة من فصيلة الفيلة؛ “Proboscodien”، مسترسلا: “هذه المستحاثة، تسمح لنا اليوم، بالقول بأن هذه المجموعة من الفيلة إفريقية الأصل، وإنها ظهرت منذ حوالي 56 لـ 47 مليون سنة على الأقل”.

فيما المثال الثاني، يُردف الباحث في الحفريات، “يخصنا بشكل مباشر، لأنه يتعلق ببقايا بشرية بجبل إيغود، التي أزالت اللثام عن أصلح جنسنا، الذي يعود لحوالي 300 ألف سنة”، مواصلاً: “كل مستحاثة تجلب لنا معلومات جديدة تسمح لعلماء الحفريات بإعادة بناء وتوضيح تاريخ الحياة على الأرض”.

وبخصوص طريقة العثور على الأماكن التي يرجّح أنها تحتوي على بقايا لعظام كائنات حية منقرضة، يقول جليل، إنه في الغالب، يكون الأمر بمحض الصدفة، وعن طريق سكان المنطقة الذين يعثرون على بقايا لعظام ويقومون بالإبلاغ عنها، مثل ما وقع مع “تازودا سورس نعيمي”؛ “Tazoudasaurus naimi”، وهو أحد أقدم الديناصورات العاشبة”، مشيراً إلى أنه في بعض الأحيان، يمكّن عمل علماء الجيولوجيا الرسوبية، الذين يفحصون الصخور الرسوبية بدقة، من العثور على مواقع للديناصورات، مثل حالة عملاق الأطلس؛ “Atlasaurus imelakii”.

وفيما يتعلق بإمكانية العثور على مزيدٍ من عظام الكائنات الحية المنقرضة في المغرب، أكد المتحدث نفسه، بأن المملكة، تعتبر من أغنى البلدان من حيث المستحاثات، لاسيما في الأطلس الكبير والمتوسط، ومنطقة كيم كيم على الحدود مع الجزائر، والتي تعتبر غنيةً جدّاً بالحفريات بما في ذلك التي تعود للديناصورات.

وأوضح بأن عالم البحث عن المستحاثات، يتطلب الكثير من الجهد، ويمكن أن تستمر مهمة واحدة لعدة أسابيع، إن لم تكن شهوراً، منبها إلى أن تنظيم مهمة ميدانية يتطلب موارد بشرية ومالية ليست متاحةً دائما، تتمثل الصعوبة الثانية التي يواجهها عالم الحفريات المغربي في الافتقار إلى بنية متحفية وفريق تقني مؤهل لتحضير الحفريات، وورشات عمل لإعداد الحفريات، وصالونات وملتقيات ومعارض لتبادل المعارف الباليونتولوجيا، مختتماً: “المستحاثات هي شواهد تاريخية على تطور الحياة فوق الأرض، هذا التاريخ يستحق نشره والتعريف به”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي