لقيّ قرار إلغاء وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، للاتحان الإشهادي للسنة السادس ابتدائي، والثالثة إعدادي، إشادة واسعةً في صفوف الأسرة التربوية، التي سبق وأن طالبت منذ فترة باتخاذ هذه الخطوة، نظرا للظروف الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد، في ظلّ تفشي فيروس كورونا المستجد، وما ترتّب عنه من عرقلة للعملية التعليمية.
وإلى جانب الإشادة، فقد أعاد قرار وزارة أمزازي، مطالب الإلغاء النهائي للامتحان الموحد للمرحلة الابتدائية والإعدادية، إلى الواجهة من جديدٍ، حيث أعرب الأستاذ عبد الوهاب السحيمي، في تدوينةٍ على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عن تمنياته في إلغاء هذين الامتحانين بصفة نهائية، بسبب غياب أي أثر لهما على مستوى التقويم.
وعن هذا الموضوع قال السحيمي في تصريحٍ لجريدة “بناصا”، إن وزارة التربية الوطنية، لا تملك أي مبررات قوية تدفعها للإبقاء على الامتحان الإشهادي للسنتين السادسة ابتدائي والثالثة إعداديّ، مضيفاً بأننا نعرف جيداً بأن هذين الاستحقاقين يمرّان في “ظروف غير متكافئة وغير شفافة ولا يُمكن في ظل هذا الوضع أن نتحدث عن وجود امتحان حقيقيّ”.
وتابع الفاعل التربوي بأن العديد من البلدان المتقدمة لا يوجد بها هذين الامتحانين، مثل “فرنسا التي لا تمتحن التلاميذ في الابتدائي، وينتقلون من السادس إلى السابع وما إلى ذلك”، منبهاً إلى أن الامتحان الإشهادي للمرحلة الابتدائية، له “انعكاسات سلبية على المتعلمين طيلة السنة، نظرا لصغر سنّ التلميذ وعدم نضج نموّه الفكري والعقلي وهو ما يُصعب امتحانه في امتحان موحد ونحن نعرف الهالة التي ترافقه”.
وأوضح المتحدث نفسه “بأن التلميذ يبقى طيلة السنة منشغلا بهذا الامتحان الذي سيجتازه في شهر يونيو، وبدل أن يُركز على دروسه يبقى مركّزاً منذ شهر شتنبر، (أي مع انطلاق الدراسة)، على الامتحان، وهو ما ينعكس سلباً على مردودية المتعلم”، مشدداً على ضرورة إعادة سلطة تحديد مستوى المتعلمين للأساتذة من أجل النهوض بالمنظومة ومستوى التعليم.
ونبه السحيمي إلى أن من يعرف جيداً مستوى المتعلمين هم “الأساتذة، الذين يكونون معهم طيلة السنة، ولا يمكن أن يتم تغييب هذا المعطى، ويُمتحن التلميذ في ساعة أو ساعة ونصف، مع احتمال ألا يكون في حالة نفسية جيدة، أو يعاني من مشكلٍ ما”، مؤكداً بأن “المؤهل الأول لمعرفة مستوى المتعلمين هم الأساتذة لذا لابد من الاعتماد على المراقبة المستمرة فقط من الابتدائي حتى الثانوي التأهيلي”.
ودعا الفاعل التربوي إلى إعادة النظر في الامتحان الوطني أيضا، بسبب الظروف التي يمرّ بها، والمتسمة أساساً بغياب تكافؤ الفرص وتفشي الغش، مشيراً إلى أن بلوغ نسبة النجاح في الباكالوريا لـ 80 أو 90 في المائة، في ظلّ تأكيد التقارير الوطنية والدولية وجود مشكل في التعليم، يمثّل تناقضاً، وأمر غير منطقيّ، لأنه لا يُعقل أن يكون هناك مشكل يقابل ارتفاع نسبة الناجحين.
وشدّد المتحدث ذاته، على أن الإشكالية الموجودة تكمن في أن “التقويم المغربي غير سليم، وهناك أمور يجب إعادة النظر فيها”، مسترسلاً: “لابد من إعطاء الأساتذة صلاحيات كبيرة جدّاً في تقويم المتعلمين، لأنهم المؤهلين بشكل أساسي لتحديد مستواهم”، منبهاً إلى أن المتعلم حين يعرف أن هناك امتحاناً في آخر السنة، يظلّ منشغلاً بإعداد وسائل الغشّ ويفقد الأستاذ في نظره (التلميذ) أي أهمية.
وأردف السحيمي بأنه حتى وإن منح الأستاذ التلميذ نقطة متدنية، بسبب تكاسله وعدم قيامه بأي مجهود، فإن ذلك لا يُؤثر، حيث يحصل بعض التلاميذ على نقط مفاجئة في الامتحان تصل لـ 17 و18″، مشدّداً في ختام تصريحه لـ”بناصا” على ضرورة إلغاء الامتحان الموحد للسادس ابتدائي، والامتحان الجهوي للثالثة إعدادي، وإعادة النظر في امتحان الباكالوريا.
ومن جانبه أكد الفاعل التربوي عبد الله قشمار، في تصريح لجريدة “بناصا”، بأن قرار إلغاء الامتحان الإشهادي الموحد للابتدائي والإعدادي، وإن ربطته الوزارة بتداعيات الجائحة التي تشهدها بلادنا، يظلّ صائباً، نظرا لأنه، حسبه، “يصعب حقّاً أن يمتحن تلميذ في المستوى الابتدائي وهو ما يشكل له ضغطاً نفسياً رهيباً”.
واسترسل بأن هذا الضغط النفسي، زاد مع قرار بعض الأكاديميات “اجتياز امتحان السادس ابتدائي بسبعة مواد وفي يوم واحد فقط، مع العلم أن المتعلم لم يكتسب بعد معارف عدة في مرحلته الدراسية حتى نخضعه لامتحان مصيري بخصوص نجاحه أو رسوبه في آخر الموسم”.
وزاد الفاعل التربوي نفسه: ” علاقة بإلغاء الامتحان بمستوى الثالثة إعدادي فإننا في الأصل نتساءل فيما سيجتاز المتعلمون هذا الامتحان؟ فالتعليم بالتناوب الذي أقرته وزارة التربية الوطنية حال دون إتمام جميع الدروس”، مختتماً: “لا يجب جعل العملية التعليمية التعلمية مجرد اختبارات وامتحانات، تربك حسابات المتعلمين، بل النهوض بهذا الميدان يستوجب تجويد التعليم وإيلاء الاهتمام به وتطوير المقررات الدراسية مع ما يشهده العالم من تطورات”.
تعليقات الزوار ( 0 )