قررت الصين منذ الأزمة السياسية التي دخلتها الدولة الجزائرية عقب الحراك الشعبي الذي عرفته في سنة 2019، إعادة النظر في علاقاتها بـ”قصر المرادية”، الذي دخله الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، من خلال تقليص تعاونها الاقتصادي معها، وتعليق مجموعة من المشاريع الثنائية.
ورغم استراتيجية الصين الجديدة فيما يخص القارة الإفريقية، إلا أن الجزائر كانت، وفق كثير من المتابعين، “مستثناة”، حيث قامت بكين بإبرام مجموعة من الاتفاقيات والشراكات مع بلدان مثل المغرب ومصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا، فيما تغاضت بشكل شبه كليّ عن “قصر المرادية”.
وتأتي زيارة عبد المجيد تبون إلى الصين، في هذا الصدد، حيث يسعى الرئيس الجزائري إلى كسب ثقة بكين، وإخراج العلاقات الثنائية بين البلدين، المحسوبين تاريخيا على “المعسكر الشرقي”، من “غرفة الإنعاش”، كما يصفها البعض، وتوقيع عدد من الاتفاقيات التي من شأنها إحياء “الروابط المقطوعة”.
في هذا السياق، كشف موقع “ألجيري بارت”، الذي يُديره المعارض الجزائري عبدو الصمار، أن الزيارة التي قام بها عبد المجيد تبون، اليوم الاثنين، إلى بكين، لها “بعد استراتيجي للنظام الجزائري الحالي، الذي يحاول استعادة العلاقات القوية التي حافظت عليها الصين مع الجزائر في عهد نظام بوتفليقة السابق”.
وأضاف الموقع، أن الصين ابتعدت عن الجزائر منذ الأزمة السياسية سنة 2019، وسقوط نظام بوتفليقة، الذي كان يُنظر إليه على أنه صديق لبكين، ويثق به صناع القرار هناك. متابعاً: “لكن منذ قيام نظام تبون، تشعر الصين بالقلق من صانعي القرار في الجزائر، بسبب عدم الاستقرار في البلاد، والشلل الاقتصادي الذي تعيشه منذ 2019”.
وتابع المصدر، أن جميع الشركات الصينية، التي أطلقت مشاريع مهمة خلال مرحلة بوتفليقة، غادرت، أو علّقت أو خفّضت نشاطها في السوق الجزائرية، مبرزاً أن المشاريع الكبرى التي كانت ينجزها بوتفليقة بشراكة صينية، مثل ميناء شرشال الضخم ومناجم الفوسفات في تبسة ومصانع السيارات، جُمدت أو تم تعليقها.
وأوضح الموقع الجزائري، أن نظام تبون لم يكن قادرا على طمأنة الشركات الصينية الكبيرة، ولم يوقع سوى عدد قليل من الشركات الصغيرة في الصين، اتفاقيات أو وعوداً بتنفيذ مشاريع في الجزائر، دون ظهور أي نتيجة ملموسة على أرض الواقع، مثل المشروع الضخم لاستغلال مناجم الحديد في غار جبيلات في تندوف.
واعتبر الموقع نفسه، أن الجزائر، في عهد تبون، لا تعتبر دولة مثيرة للاهتمام أو استراتيجية بالنسبة للصين، التي تعمل على تطوير استثمارات أكثر طموحا في مصر والمغرب ودول إفريقية أخرى مثل جنوب إفريقيا أو نيجيريا. مشيرا إلى أن الجزائر، فقدت تواجدها في المراكز الثلاثة الأولى للشركاء الاقتصاديين للصين في إفريقيا.
وقبل 2019، كانت الصين المورد الرئيسي للجزائر بمتوسط سنوي بلغ 8 مليارات دولار، مقابل استيرادها 14793 مليون دولار من الصين فقط، أغلبها من المحروقات، قبل أن تتراجع بشكل كبير لاحقا، حيث لم تعد تمثل تمثل محورا رئيسيا للصين، خصوصا بعد سقوط نظام بوتفليقة.
ووفق “ألجيري بارت”، فالجزائر لم تعد دولة استراتيجية بالنسبة للصين، حتى في ما يتعلق بواردات الغاز والنفط، حيث باتت البلد الآسيوي يركز على أنغولا، أو السودان، في إفريقيا، وإيران وقطر في “القارة الصفراء”. قبل أن يخلص إلى أنه “من الواضح أنه منذ اختفاء بوتفليقة، تدير الصين ظهرها تدريجيا للجزائر، لذلك يتعين على تبون جعل القادة الصينيين ينسون اختفاء صديقهم بوتفليقة، وسيحاول إغراءهم لاستعادة الثقة”.
تعليقات الزوار ( 0 )