شارك المقال
  • تم النسخ

“بشحال الحولي”

أما بعد،

لا تكاد تخلوا حومة أو زقاق أو مقهى أو مكتب من هذا النقاش الذي تجاوز الفضاء العام وأصبح يشغل بال كل رب أسرة في هذه الأيام المباركة، “بشحال الحولي” و “شريتي الحولي ولا مزال؟” كل أسئلة تتكرر في كل ثانية ونفس وتحمل معها عموم المواطن بداية من الفلاح الذي تكبد عناء تربية الكبش ومصاريفه المتراكمة على مدى السنة في ظل شح السماء وتأخر المطر الذي جاد به القدر حتى دخلت مرحلة التسمين الأمتار الأخيرة.

أما بعد،

لقد استعصي الأمر على التفسير فحين تفتح مجال النقاش مع الفلاح تجده يضع لك البيانات التحليلية وفق الضوابط المحساباتية ويجرد لك مصاريف المنتوج من عملية الشراء والتسمين والتطبيب و يتحسر بالقول: “راه البالة ديال الفصة وصلات مائة وعشرين درهم و قنطار شعير خمسمائة درهم ويزيد”.

 وبعد عملية رياضية تجد أن كلفة الخروف تجاوزت على مدى السنة خمسة آلاف درهما، هنا ننتقل للجانب الآخر من المعادلة.

أما بعد،

في الجانب الآخر تجد موظفا بسيطا يجرد لك مصاريف البيت بين الكراء والمدرسة ومصاريف الهاتف والأدوية فتقارب بذلك سقف العشرة آلاف درهم مع التضخم وهو ما لا يتناسب حتى وأجرة موظف في السلم 11 من الوظيفة العمومية أما القطاع الخاص فحدث ولا حرج…تلك حكاية أخرى…فكيف في هذا السياق والشروط أن يلتقي العرض بالطلب!؟

أما بعد،

لقد رست الفكرة العامة لدى الفاعل الحكومي على وصفة أعتبرها تفتقد للمعايير الواقعية التي تستوجب استحضار العامل الديني والثقافي والأنثربولوجي لفهم هواجس المستهلك واختياراته التي لا تبنى فقط على قوانين العرض والطلب ومنطق السوق الذي تحاول أن تعتمده الحكومة كما جاء به الليبيراليون في القرن التاسع عشر والقرن العشرين وفق نظريات Adam smtih رغم أنها لقيت انتقادات متتالية ضمنها النظرية البنائية والنظريات الحديثة في التنمية المستدامة وغيرها من المفاهيم التي تضع البشر أولية في مواجهة تغول الرأس مال.

أما بعد،

هذا المنطق الليبيرالي الذي وضع الفلاح في مواجهة المستهلك ووضع الشناق في المحور يستغل هذا وذاك وجعل الحكومة تتفرج دون آليات فعالة كان يستوجب في البداية وضع مخططات تثمين السلالات الوطنية وبرامج تدعم الفلاحين وفق مقاربة إنتاجية بعيدا عن المقاربة الشبه ريعية التي تعتمد توفير دعم لمستوردين قاموا بتوفير كميات من سلالات اسبانية ورومانية دون دفاتر تحملات في ما يخص تحديد الأسعار للمستهلك الذي يختار هذه السلالات، حتى أن هناك من لجأ لتقنيات adsense و الترويج عبر الإنترنت والمواقع عبر نشر أخبار الصولد وكأننا في محل الملابس الجاهزة والتيشورتات!! بقي أن نسمع عن خروف روماني بتقنية توصيل cash on delivery.

أما بعد،

هذه المقاربة التي تعتمد منطق la banalisation لمناسبة لها بعد رمزي وروحي وليس فقط مجرد مناسبة اكل لحوم الخرفان هي عملية تفقد المناسبة تلك الأجواء التي تعودنا عليها حتى أنه لم يعد أحد يستشعر تلك الطقوس التي تميز مناسبة العيد الكبير، فبدل الانكباب على إعداد تلك المناسبة وفق هذه الخصوصية الروحية والثقافية المتجذرة لدى كل مغربي ومغربية أصبح السؤال الطاغي والإشكالية المركزية هي “بشحال الحولي”؟.

 ويبدو هذا السؤال سيتكرر باستمرار مع استمرار نفس المقاربة ونفس السياسة العمومية في مجال الفلاحة …!!

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي