شارك المقال
  • تم النسخ

بسبب وجود أسماء لم تكن متحزّبة من قبل.. هل “حكومة أخنوش” تكنوقراطية؟

أكد عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال بالرباط، أن حكومة عزيز أخنوش، التي جرى الإعلان عنها، أول أمس الخميس، بـ”التكنوقراطية”، في ظل وجود 19 وزيراً متحزباً، وذلك على الرغم من أن بعض الأسماء التي لم تكن تنتمي إلى أي حزب من قبل.

وقال بنخطاب، خلال مشاركته في الندوة التفاعلية عن بعد، المعنونة: “بروفيلات الوزراء والهندسة التنظيمية في حكومة أخنوش”، والتي نظمتها جريدة “بناصا”، أمس الجمعة، إن لجوء الأحزاب إلى الكفاءات التقنية، ممارسة سياسية تتم حتى في “أعتى الديمقراطيات العالمية”، مضيفاً: “الاعتماد على الكفاءات التقنية خارج الانتماء الحزبي، فرضته بالأساس الظروف وتدبير الشأن العام الذي أصبح مجالا معقدا وتجاوز التدبير التقليدي من قبل الوجوه السياسية المألوفة على مستوى المشهد السياسي”.

وتابع أستاذ العلوم السياسية نفسه، أن “لجوء الأحزاب السياسية إلى كفاءات تقنية، أصبح أمرا ضروريا ومحمودا، وهذا ما قامت به عددا من الدول الأوروبية كفرنسا وهولندا ودول أخرى، من أجل إسناد المهام الحكومية لكفاءات تقنية مكونة”، على حدّ تعبيره.

حكومة بهندسة جديدة لمواجهة التحديات والتهديدات

ومن جهته أوضح سعيد الخمسي، رئيس مؤسسة مغرب الجهات في مداخلته أننا اليوم “أمام حكومة بهندسة جديدة”، مبرزاً أن المثير للاهتمام هو “المعجم الموظف من قبل الملك في خطابه الذي ألقاه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للبرلمان، من هذه الولاية التشريعية الجديدة”.

وأشار الخمسي، خلال مشاركته في الندوة نفسها، والتي سيرها كلّ من الإعلاميين عزيز العطاطري ونور الدين لشهب، إلى أن الملك، وظف مصطلحات “تعزيز مكانة المغرب وربطه بالمخاطر والتهديدات، وتدبير الوضعية الوبائية وما بعدها’’ ومجموعات من المصطلحات الجديدة التي تنسجم مع سياق التعيينات الجديدة”.

واسترسل أن “الحكومة قبل كورونا ليست هي حكومة ما بعد كورونا، وهذا ما أشار إليه الخطاب الملكي، حيث قال الملك إن “عودة قضايا السيادة للواجهة، والتسابق من أجل تحصينها، في مختلف أبعادها، الصحية والطاقية، والصناعية والغذائية، وغيرها، مع ما يواكب ذلك من تعصب من طرف البعض”، مبرزاً أنه “أعاد الأولويات إلى الواجهة، وسلطة الدولة وسيادتها، وأهمية الوزارات السيادية”.

وواصل الخمسي في السياق نفسه أن “كورونا أفرزت لنا عودة السلطة التقليدية، من خلال لجوء العديد من المواطنين إلى خدمات الدولة باعتبارها المنقذ من تبعات الأزمة، وأعادت النقاش حول الأولويات، وعلاقة السياسي بالاقتصادي والاقتصادي والتأثير فيما بينهما”، مضيفا أننا “اليوم أمام هندسة حكومية متقدمة، وأعتقد أنها خاصة بتنزيل النموذج التنموي الجديد، بعيدا عن الخطابات السياسية القديمة، وهذا بينته الهندسة بعيدا عن الأسماء، حيث تم تغييب المجتمع المدني وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى دمج وزارات تنسجم في أهدافها المسطرة”.

الدولة تتجه إلى ردّ الاعتبار للنوع الاجتماعي

وفي هذا الإطار أيضا، قال محمد الغالي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “وجود سبع نساء بالحكومة الجديدة، رسالة من واضعي الهندسة الحكومية الجديدة، على أن هناك توجه رسمي لرد الاعتبار لكل مكونات المجتمع المغربي والنوع الاجتماعي، وهذا ما بينته النسبة المئوية التي حظيت بها النساء داخل التشكيل الحكومي، الذي بلغت فيه ما نسبته 30 في المئة، بالإضافة إلى تولي نساء رجائسة عدد من الجهات والأقاليم والمجالس المنتخبة بالمغرب”.

واستطرد أن “النوع الاجتماعي نقصد به الشباب والشيوخ والنساء، والحكومة  الجديدة تتشكل من شباب طموحين منخرطين وملتزمين في عدد من المجالات، وهذه اشارة مهمة وقوية على أن المرحلة مرحلة إصلاح، والحديث عن الاصلاح يقتضي اشراك كل الفاعلين والكفاءات”.

وأردف قائلا “تعيين شكيب بنموسى على رأس التعليم الأولي، فيه اشارات قوية، وأن التعليم الأولي هو الأصل، والاستراتيجي في برنامج النموذج التنموي، وهو مهم في مجتمع المعرفة، ولذلك، أقول أن هذه الاشارة قوية لها ما لها، والعمل سيكون منصبا في هذا المسار الاستراتيجي، وهو ما أشار إليه الملك في الخطاب بشأن أن المنظومة الاستراتيجية للتدخل والحماية ولتحقيق الأولويات الاستراتيجية، فلا يمكن أن يتم ذلك إذا لم نؤسس لاقتصاد ومجتمع المعرفة وتثمين الرأسمال اللامادي”.

مشيرا إلى أن “الحكومة الجديدة تحمل رسائل مباشرة إلى الأحزاب السياسية، من أجل تطوير آليات عملها والاجتهاد، حيث لا يمكن أن نتحدث عن نموذج تنموي يضع أهداف ومبادئ وأسس ومرتكزات في ظل أحزاب سياسية لا تزال تسيطر عليها أنماط وقوالب مرجعية’’.

إشكالية الجمع بين تسيير المدن الكبرى والمسؤولية الحكومية

ومن جانبه قال أستاذ الدراسات السياسية والدولية، ورئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم منار السليمي، إن “الملاحظ في الحكومة الجديدة، أن هناك وزراء ووزيرات يتقلدون مناصب مسؤولية، داخل المجالس المنتخبة، خاصة في المدن الكبرى، ويتعلق الأمر هنا بمراكش والدار البيضاء وأكادير، وهذا ما سيفرز مشاكل عدة على مستوى التدبير والتسيير، والتي تهم بالأساس ‘’التفويضات’’ و’’التوقيعات”.

وشدد الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي على أنه “يجب على الوزراء الجدد الذين تم تعيينهم، والذين يتقلدون مناصب مسؤولية عمادة المجالس الكبرى، أن يقدموا استقالاتهم لتفادي المشاكل والتفرغ للوزارة، حيث من غير الممكن أن تتم الموازنة بين مسؤولية تسيير مجلس جماعي بمشاكله الخاصة وتسيير وزارة على المستوى المركزي، وهنا مثال على مدينة الدار البيضاء، التي تعادل سبع وزارات، بمشاكلها الكبرى في ظل الأزمة”.

وأبرز السليمي أن “تعدد المسؤوليات سيضع الوزراء الجدد أمام مشاكل عدة، لا على مستوى التدبير والتسيير أو القيام بالمهام الرئيسية داخل كل مؤسسة، من خلال مطالبة المواطنين بلقاء الرئيس الذي هو وزير في نفس الوقت،  أو من ناحية الاستثمارات، التي تتطلب لقاء المستثمرين بشكل مباشر مع الرئيس”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي