دفعت الأجواء الحارة حول العالم، وتقلبات المناخ، الناس إلى الانشغال أكثر بتطبيقات الطقس، ومتابعة النشرات الجوية، ويقف وراء ذلك عدد من الأسباب.
وقالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في تقرير خاص؛ إن الاهتمام بتطبيقات الطقس بات من الظواهر الاجتماعية الشائعة في مواجهة المناخ المتقلب حاليّا. وتنامت الأحاديث على مواقع التواصل الاجتماعي حول تطبيقات الطقس، كما هو الحال بالنسبة للطقس أيضا، إذ أعرب الكثير من المستخدمين عن استيائهم من عدم دقة التنبؤات، في حين اعترف آخرون بأنهم يفحصون تطبيقات الطقس بشكل غير منطقي، بينما تأسف مجموعة أخرى من المستخدمين لإغلاق تطبيق التنبؤ بالطقس قصير المدى “دارك سكاي” في أواخر السنة الماضية، بعد استحواذ شركة آبل عليه.
وذكرت الصحيفة أن 50 بالمائة من مستخدمي الهواتف الذكية في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يستعملون تطبيقات الطقس بانتظام.
ووفقا لشركة “ستاتيستا” المتخصصة في بيانات السوق والمستخدمين، ستحقق تطبيقات الطقس ما يقارب 1.5 مليار دولار من الإيرادات في سنة 2023، مسجلة قفزة من 530 مليون دولار في سنة 2017.
وقد أوضح جيرمي لاسكيتي رييس، كبير المحللين في ستاتيستا، أن النظام البيئي الجديد لتطبيق الطقس، سوف ينمو بسبب أزمة المناخ، فضلا عن الاتجاه العام نحو “الرقمنة في العصر الحالي”.
وأشارت الصحيفة إلى وجود الكثير من التطبيقات التي تلبي مجموعة متنوعة من الاحتياجات؛ هناك أكثر من 10 آلاف تطبيق يتضمن اسمه كلمة “الطقس” في متاجر تطبيقات أندرويد وآيفون.
من جهتها، قالت جينيفر سيمز التي تعيش في تكساس؛ إن تطبيقات الطقس باتت ملاذها لتهدئة مخاوفها، ويعد “وات ذا فوركاست” أحد تطبيقاتها المفضلة. ومن أسباب اهتمام سيمز بتطبيقات الطقس رؤيتها لإعصارين؛ أحدهما تسبب في كسر جميع نوافذ منزلها الخلفية، ناهيك عن عواصف أحجار البرد التي هشّمت الكثير من السيارات منها سيارتها.
وفي الوقت الحالي، تقوم سيمز، البالغة من العمر 65 سنة، بفحص ثلاثة تطبيقات وتتابع العواصف على الرادار، وسجلت لتلقي إشعارات الطقس من خدمة الطقس الوطنية، ناهيك عن أنها تراقب الطقس على التلفزيون. وأكدت سيمز أن إدمانها على متابعة أخبار الطقس، يزداد في الفترة ما بين آذار/مارس إلى تشرين الأول/أكتوبر من كل عام.
أضافت الصحيفة، أن تطبيقات الطقس تعد قسما فرعيّا مزدهرا في السوق، وأبرزها تطبيق “كروت ويذر”، الذي يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة، ويهدف أيضا إلى تهدئة مخاوف المستخدمين. يقول مطور التطبيق براين مولر؛ إن الأشخاص يحبون “عنصر المفاجأة”، ويحتوي الإصدار المتميز على خرائط ورادارات وإشعارات وعناصر واجهة مستخدم والكثير من إمكانيات التخصيص، بالإضافة إلى آلة زمن خاصة بالطقس، تتيح للمستخدمين معرفة كيف كان الطقس في مواقعهم منذ سنة 1930.
وحسب الصحيفة، تقدم تطبيقات الطقس نقاط بيانات متعددة من توقيت شروق الشمس وغروبها، إلى أطوار القمر، ومستويات حبوب اللقاح المحلية. ويشعر البعض بتزايد أهمية هذه التطبيقات، في ظل ازدياد سوء الأحوال الجوية. في بعض الأحيان، قد تبدو نقاط البيانات هذه غامضة بعض الشيء مثل “مؤشر النحل”، بالإضافة إلى مؤشرات للسباحة والبرد والإنفلونزا وحرائق المخيمات والجيوب الأنفية والغولف والتهاب المفاصل، ناهيك عن أن ما تعنيه هذه المؤشرات بالتحديد ليس دائما واضحا على الفور، ولم يتم الاستشهاد بمصادرها.
تعكس هذه الطفرة المعلوماتية إلى حد ما التطورات الحقيقية في عالم الأرصاد الجوية. وحيال ذلك، يؤكد إريك فلور، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة “فوركاست واتش” المتخصصة في تحليل دقة التنبؤات الجوية، أن التنبؤات أصبحت أكثر دقة حاليّا من أي وقت مضى، ويتم تحديثها كثيرا أيضا، بعضها بشكل متكرر كل 15 دقيقة”.
وأضاف فلور أن الطفرة الأخيرة في إمكانية الوصول في الوقت الفعلي إلى تكنولوجيا الرادار، أدت دورا كبيرا في ازدهار تطبيقات الطقس، وقد كان تطبيق “دارك سكاي” رائدا في “معايرة الرادار”، الأمر الذي جذب اهتمام المستخدمين عندما استخدموه لأول مرة، كما جعل التنبؤ بالطقس يبدو وكأنه موجز إخباري يجب اتباعه.
وبناء على ذلك، لا عجب أن تطبيقات الطقس تجعل بعض الناس مدمنين عليها. في هذا السياق، تقول آنا ليمبك، الطبيبة النفسية ومؤلفة كتاب “أمة الدوبامين: إيجاد التوازن في عصر الانغماس”؛ إن تطبيقات الطقس جذابة للغاية لأدمغتنا التي تبحث عن الدوبامين، ليس بسبب القياس الكمي فقط، وإنما أيضا بسبب طريقة عرض هذه الأرقام والرسوم البيانية”.
وذكرت الصحيفة أنه من المفارقات أنه حتى في ظل ارتباط الكثيرين بشدة بتطبيقات الطقس، فإن مسألة فعاليتها غير واضحة. ويقول الكثيرون؛ إن مجرد وعينا المفرط للطقس، وتوقعاتنا المتزايدة والدقيقة، هو الذي يعطي الانطباع بأن التوقعات تزداد سوءا.
وفي ظل تنبؤات الطقس الأكثر تعقيدا من أي وقت مضى، هناك أشياء لا يتم التنبؤ بها بشكل جيد، بما في ذلك التنبؤات طويلة ومتوسطة المدى بـ “العواصف الرعدية”، و”كميات هطول الأمطار، خاصة مع تساقط الثلوج”. ويقول فلور؛ إن التوقعات أفضل أيضا في التنبؤات “الطبيعية مناخيا” بدلا من التنبؤ بالظواهر المتطرفة.
مع ذلك، يقول العديد من خبراء الأرصاد الجوية؛ إنهم لن يستخدموا التطبيقات، وينصحون بالتحقق من موقع “خدمة الطقس الوطنية” على الويب كمنفذ أول للاتصال. وعلى الرغم من أن العديد من التطبيقات تستخدم البيانات نفسها التي يستخدمها موقع “خدمة الطقس الوطنية”، إلا أنه غالبا ما يكون من غير الواضح أي أجزاء من البيانات تستخدمها، وكيف تقوم نماذجها بتعديلها. وهناك حجة أيضا مفادها أن تقديم الطقس إلى حد كبير على شكل سلسلة من الأرقام أو الرموز، هو تبسيط مفرط يربك مستخدم الهاتف الذكي العادي.
وأوردت الصحيفة أنه حتى لو كانت التوقعات غير دقيقة بعض الشيء في بعض الأحيان، فإن التحقق منها يبدو مفيدا؛ لأنه يمنحك بالتأكيد إحساسا بالسيطرة، وذلك على حدّ تعبير جيس غرين التي تقيم في ليفربول.
بعد ثلاث سنوات من عمليات الإغلاق والخطط الملغاة، وحرائق الغابات والعواصف وموجات الحر، لا عجب أن يفحص الكثيرون تطبيقات الطقس باستمرار؛ بدافع الخوف وإدراكهم التام لندرة الأجواء المثالية. ويعتقد فلور أن “الناس يرون أن الطقس أصبح أكثر تطرفا، ونأمل أن يؤدي ذلك إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، ولكن في الوقت الحالي، على الأقل، يؤدي ذلك إلى جذب الاهتمام”.
تعليقات الزوار ( 0 )